المشهد اليمني الاول- أحمد حمود جريب
يحتفل اليمنيون يوم غدٍ الجمعة بالعيد الـ 53 لثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة وهي مناسبة جداً هامة لما تمثله من معانٍ وقيم سامية في تاريخ اليمن والأمة العربية وفي كفاح الإنسانية من أجل الحرية والتقدم.
إذ لم تكن هذه الثورة وليدة اللحظة حتى تنتهي في أية لحظة، ولا كانت عملاً جاء من فراغ وانتهت إلى الفراغ ذاته ولكنها حدث تاريخي هام تجسدت من خلاله إرادة الشعب اليمني ورغبته في الحياة الحرة الكريمة وهي أعظم منجز يفتخر به كل اليمنيين وقد أتت في مرحلة ظلام دامس سواء كان على الوطن اليمني أو الوطن العربي بشكل عام.
لقد كانت هذه الثورة وليدة معاناة مريرة وثمرة كفاح طويل، ولذلك بقيت واستمرت وحققت وأنجزت، ولسوف تبقى وتستمر وتحقق اهدافها رغم كيد الكائدين وعبث العابثين وتربص المتربصين.
ويعرف القاصي والداني أن ثورة 14أكتوبر كانت امتداداً لثورة 26سبتمبر وعلى من يحاولون اليوم بائسين العودة بوطننا الى أزمنة الإستعمار ان يتذكروا بأن اليمن كانت وستبقى مقبرة الغزاة الطامعين.
لقد حققت من الانجازات بمقدار البطولات التي اجترحها الشعب وبحجم التضحيات التي دفعها والآمال التي علقها عليها، وقد بدأ النضال الوطني فور وقوع عدن في قبضة الاحتلال عند لحظة غادرة، وبرع المناضلون في ابتكار الوسائل والأدوات المناسبة للظروف وبحسب تغير وسائل الاستعمار وأدواته.
لقد مثلت ثورة 14 أكتوبر قيمة ثمينة للأمة العربية وللإنسانية وليس هذا إدعاءً منَّا أو فضلا ننسبه إلى شعبنا.. انه اعتراف الآخرين، فالمؤرخون البريطانيون أنفسهم أرخوا لأفول امبراطوريتهم من انسحابها من شرق السويس، ويعنون في ذلك عدن والخليج، فبعد الانتصار في جنوب الوطن وجدت بريطانيا نفسها مضطرة للانسحاب من الخليج حتى لا تواجه ما واجهته هنا في أرضنا الباسلة.
ذلك هو المجد الذي نحتفل به اليوم، وهذه هي الشمس التي تنير لنا الطريق.. شمس الثورة والوحدة وليس من شأننا أن نقنع الذين أدمنوا الحياة في كنف الإستعمار وظلمات الإحتلال بالخروج إلى النور.
وعظمة ثورة 14 اكتوبر تكمن في ان قيامها مثل امتداداً لتضحيات شعبنا اليمني في نضاله الوطني ضد الاحتلال والاستعمار البريطاني، وأسقطت مشاريعه المشبوهة لتأبيد التجزئة والفرقة والتشرذم في الارض اليمنية الواقعة تحت نير الاحتلال، وسعيه لإعطاء مسميات وتوصيفات مشبوهة ومتعمدة إلغاء تاريخه الحضاري التليد وتشويه حاضره والتأثير في مستقبله.
فكانت ثورة التحرر من الاستعمار وتأكيد الهوية الوطنية التي هي الاساس لانتصارها المجسد لواحدية الثورة اليمنية “26سبتمبر و14اكتوبر” والذي جاءت تعبيراته الأكثر سطوعاً ووضوحاً في تزامن وتلازم انتصارها بنيل الاستقلال الناجز ورحيل آخر جندي بريطاني من على الارض اليمنية وترسيخ النظام الجمهوري.
ان الظروف والأوضاع التي عاشها شعبنا وهو يرزح تحت وطأة الطغيان والاستبداد الإمامي الكهنوتي المتخلف وجبروت نير المستعمر الغاصب بماتعنيه من بؤس وحرمان وفرقة وتشرذم وفاقة، جعل من قيام الثورة اليمنية 26 سبتمبر و14 اكتوبر ضرورة حتمية لكسر القيود التي كبلت شعبنا بها تلك العهود المظلمة للإستعمار واذنابها.
فكانت ارادة شعب صنع واحدة من اعظم الحضارات.. وماكان له أن يستمر مستكيناً خانعاً خاضعاً، فكانت الثورة اليمنية بهذا المعنى ضرورة حتمية لانعتاق الانسان اليمني وتحرره لينطلق موحداً صوب تحقيق آماله وتطلعاته، محققاً التغيير الجذري لأوضاعه البائسة، محلقاً في فضاءات زمن جديد ينعم بالتطور والتقدم والازدهار.
واليمن وابنائها الأبرار يحتفلون بهذه المناسبة الوطنية الهامة حري بنا أن نؤكد أن الشعب اليمني ككل الشعوب الحضارية الحية الأبية الحرة العظيمة جعل احتفاءه واحتفالاته بأعياده الدينية ومناسباته الوطنية إحدى صور التحدي والصمود والمواجهة للعدوان على طريق الانتصار للأهداف الكبرى للثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر والتي هي اليوم تستعيد ألق توهج مشعل الروح الوطنية الثورية النبيلة لليمانيين على ذلك النحو الذي كانوا عليه قبل نصف قرن خاضوا فيها معاً موحدين معارك الخلاص من الطغيان والاستبداد وجبروت الاستعمار والاستعباد في الشمال والجنوب مواجهين نفس الأعداء مع بعض المتغير في التبادلات والتفاصيل التي طرأت على المشهد الداخلي والخارجي.
إن الأهمية الكبرى التي تكتسبها احتفالاتنا بالثورة اليمنية 14أكتوبر ضد أعتى وأدهى إمبراطورية استعمارية – لطالما فاخرت بأن الشمس لا تغيب عنها – هي ان هذه الثورة كانت وستبقى ملهمة لأبناء شعبنا الأحرار الشرفاء وهم يواجهون العدوان ويتصدون للغزاة والمستعمرين الجدد من اجل أن يعيشوا وأجيالهم القادمة أعزاء كرماء في يمن موحد مستقل ومستقر ومزدهر.
ونحن نحتفل بالذكرى الـ 53 لثورة الـ 14 من أكتوبر التي انتصر فيها الشعب اليمني وحقق طموحه الذي ناضل من اجله وقدم من الشهداء فداء لتربة الوطن الغالي على قلوب كل اليمنيين الشرفاء والمخلصين الذين طردوا المستعمر الغاشم الذي جثم على الأرض اليمنية أكثر من قرن مارس خلالها كافة أنواع الظلم والاضطهاد ضد أبناء الشعب وها هو الشعب يحتفل بذكرى حلولها ورؤوسنا شامخة شموخ الجبال العالية تحت راية الحرية والعدالة والديمقراطية والعزة والكرامة ونحن نواجه اعتى عدوان وإحتلال عرفها التاريخ.
وهي مناسبة نجدد فيها الدعوة لكل اخواننا الشرفاء ابناء جنوب اليمن الثائر ان يخرجوا كما خرج ابائهم بالأمس وان يلقنوا محتل اليوم مالقنه آبائنا وأجدادنا ضد المحتل البريطاني بالأمس وعلينا جميعاً ان نثور في وجه المرتزقة والعدوان والاحتلال الجديد وان نستلهم معاني الثورة والعزة والكرامة من ثورة 14 اكتوبر ومعانيها ومبادئها السامية وان نحافظ جميعاً على الوحدة اليمنية التي هي اهم مكسب تحقق لنا من ثورتي 26 سبتمبر و 14 اكتوبر.
بهذه المناسبة نتقدم بالتهاني الخالصة لقيادتنا السياسية ممثلة برئيس المجلس السياسي الأعلى الرئيس صالح الصماد ونائبه الدكتور قاسم لبوزة واعضاء المجلس وكل ابناء الشعب اليمني الأبي الحر الكريم متمنين لليمن الإستقال والحرية وكل عام والجميع في خير ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ محافظ محافظة لحج – رئيس المجلس المحلي