مقالات مشابهة

وكالة بلومبرغ: قطر والسعودية على وشك المصالحة والإمارات تنحاز لإسرائيل

المشهد اليمني الأول/

في خطوة أخيرة يحاول بها ترامب حصد مكاسب في السياسة الخارجية مع اقتراب مغادرته البيت الأبيض، صرح ثلاثة مصادر رفيعة المستوى أن الإدارة الأمريكية الحالية تسعى لإقناع السعودية وقطر على إبرام اتفاق مبدئي لإنهاء الخلاف المستمر منذ أكثر من ثلاثة سنوات.

وبحسب المصادر، لا يشمل اتفاق الصلح المبدئي الدول العربية الثلاث الأخرى التي قطعت أيضاً العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع قطر في يونيو/حزيران 2017، وهم الإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر، في حين صرح مصدر آخر بأن انهاء الخلاف بصورة نهائية ما زال هدف بعيد حيث أن قضايا الخلاف الأساسية، مثل علاقات الدوحة مع طهران، لا تزال دون حل.

الحديث عن اتفاق مبدئي بين السعودية و قطر يأتي بعد أشهر من المحاولات الدبلوماسية المكثفة التي توسطت فيها الكويت، وكان آخر تلك المحاولات ما تم خلال زيارة صهر الرئيس دونالد ترامب ومبعوث الشرق الأوسط غاريد كوشنر للخليج هذا الأسبوع.

وفي تصريح لمصدرين مطلعين على المحادثات، فإن البنود الأساسية للاتفاق المبدئي من المرجح أن تشمل إعادة فتح المجال الجوي والحدود البرية، وإنهاء الحرب الإعلامية، مع خطوات أخرى لإعادة بناء الثقة كجزء من خطة مفصلة لاستعادة العلاقات تدريجياً.

الحصار الذي فُرض على قطر قبل حوالي ثلاث سنوات ونصف، كان بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، في خطوة قسمت أكبر منطقة منتجة للنفط في العالم، وغيرت مسار الحركة الجوية وتسببت في خسائر تجارية واقتصادية كبيرة.

ومنذ بداية الحصار والوساطات الدولية لم تنقطع على أمل إنهاء الخلاف وإيجاد حل، إلا أنه وبحسب دبلوماسيين ومحللين فإن الإمارات العربية المتحدة كانت أكثر إحجاماً عن إصلاح علاقاتها مع قطر، مفضلة التركيز على بناء علاقاتها الناشئة مع إسرائيل مع تجنب أي تصعيد ضد إيران.

في المقابل، ازداد شعور المملكة العربية السعودية بالقلق من أن تمارس إدارة بايدن القادمة ضغوطًا على إيران أقل من تلك التي كان يمارسها ترامب، مما يترك منشآتها النفطية أكثر عرضة للخطر.

بالإضافة إلى ذلك، كان الدافع الرئيسي وراء إعادة تقييم العلاقات هو الصعوبات الاقتصادية التي تسببت بها جائحة كورونا من ناحية، وفشل ترامب في توفير غطاء عسكري بعد هجوم العام الماضي على مجمع رئيسي لمعالجة النفط الخام في عمق الأراضي السعودية من ناحية أخرى.

في تصريحها للوكالة، قالت كريستيان أولريتشسن، زميل معهد بيكر للسياسة العامة بجامعة رايس “الهجمات التي طالت المنشآت النفطية تسببت في ربكة للسعودية، ضاعفتها الصدمة التي أصيبت بها عن عدم وجود رد أمريكي صريح عليها.. جميعها عوامل أدت إلى إعادة تقييم للعلاقات طال انتظاره، حيث علمت السعودية بأن التهديد الحقيقي للأمن السعودي لا يأتي من الدوحة ولكن من جهات فاعلة أخرى في المنطقة”.

الهدف الرئيسي للمقاطعة كان التأثير على قطر كي تصبح تابعاً لأجندات دول الحصار، لا سيما الإمارات والسعودية، وعلى الرغم من آثاره السلبية، إلا أن هذا الحصار لم يلحق الضرر المطلوب بالدوحة، على العكس، استجمعت قطر قواها واستعانت باحتياطي ثرواتها لتخفيف الضربة الاقتصادية، كما قامت بتعميق علاقاتها مع تركيا وإيران وعدد من الدول الأخرى لتوسيع خياراتها التجارية، وإعادة توجيه رحلاتها الجوية.

الفضل في التفكير في المصالحة يعود لترامب ولكن بصورة غير مباشرة، إذ دفع الجانب السعودي في التفكير فيه من خلال حملة من العقوبات المؤلمة التي كان من المفترض أن تجبر إيران على العودة إلى طاولة المفاوضات، لكنها أطلقت بدلاً من ذلك سلسلة من الهجمات التي أثارت مخاوف من انزلاق المنطقة إلى صراع قد يهز أسواق النفط ويدمر الاقتصادات.

بدأت جهود التقارب، التي لم تحرز تقدمًا يذكر سابقًا، في مسار أعلى بعد هجوم صاروخي وطائرة مسيرة في سبتمبر/أيلول 2019 استهدف عدد من المنشآت النفطية السعودية، تسبب لفترة وجيزة في تعطيل نصف إنتاج المملكة العربية السعودية من النفط الخام وأضر بأسعاره.

إن فشل واشنطن في الانتقام عسكريًا من إيران، الجاني المشتبه به، أرسل إلى دول الخليج رسالة مفادها أنها لا تستطيع الاعتماد على الولايات المتحدة في الحماية.

ظهور الانقسامات

اتفاق الصلح المبدئي يكشف أيضاً عن التوترات المتزايدة للمملكة العربية السعودية مع أقرب حليف إقليمي لها، الإمارات العربية المتحدة، حيث ظهرت الخلافات في السياسة الخارجية على السطح خلال الأشهر الأخيرة الماضية بسبب الحرب التي تقودها السعودية في اليمن، وكذلك بسبب تورط الإمارات في عدد الصراعات بدء من ليبيا إلى القرن الأفريقي.

ومع ذلك، قال شفيق الغبرا، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت، إنه على الرغم من أن السعودية وقطر ربما أنهتا الأعمال العدائية الدبلوماسية المفتوحة، فإن المخاوف القديمة والحديث عن تحولات السياسة الخارجية التي نشأت بعد الأزمة لن تختفي بين عشية وضحاها.

وأضاف الغبرا: “عندما تبدأ الدول في تطبيع علاقتهما مع بعضهما البعض، فهذا لا يعني أنها ستبني الثقة بصورة سريعة، هذا يستغرق وقتًا أطول”، وتابع “جميع خطوط الاتصال وجميع العلاقات التي أقيمت خلال حقبة الحصار ذات طبيعة استراتيجية، ومن الطبيعي أن تواصل قطر علاقاتها التي تأسست منذ الحصار”.