مقالات مشابهة

هجمات متكررة على قواعد القوات الأمريكية بالعراق وسوريا تطالبها بالرحيل من المنطقة

بالتزامن مع تصاعد وتيرة الهجمات على القواعد العسكرية والمصالح الأمريكية في العراق وسوريا بالطائرات المسيرة المفخخة والقذائف الصاروخية، ومع تأرجح المفاوضات الإيرانية الأمريكية بشأن إحياء الاتفاق النووي ورفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على طهران، تتزايد المطالبات بانسحاب القوات الأجنبية من المنطقة وعلى رأسها القوات الأمريكية.

وتأتي هذه المطالبات بانسحاب القوات الأمريكية من قبل الأحزاب العراقية ومختلف فصائل المقاومة، بعد إعلان واشنطن في 28 يونيو الماضي أنها نفذت غارات جوية ضد قوات الحشد الشعبي في العراق وسوريا، “رداً على هجمات الطائرات من دون طيار ضد الأفراد والمنشآت الأمريكية في العراق”.. حسب زعمها.

ويرى مراقبون أن التمدد الأخير لمسلحي حركة “طالبان” وسيطرتهم على عدد من المديريات والمناطق الأفغانية على وقع الانسحاب الأمريكي منها وتراجع الدعم الجوي الأمريكي للقوات الأفغانية في تلك المناطق، فتح جدلاً سياسياً وأمنياً جديداً في العراق، بشأن إمكانية تأثر الوضع الأمني في البلاد، إذا ما قررت الولايات المتحدة سحب ما تبقى من قواتها بشكل نهائي ووقف الدعم الجوي للقوات العراقية، كما تطالب بذلك منذ ما يقرب من عامين قوى سياسية وفصائل للمقاومة.

وتضغط قوى سياسية عدة في بغداد العاصمة، أبرزها تحالفا “الفتح” (الجناح السياسي للحشد الشعبي)، و”دولة القانون” بزعامة نوري المالكي، على حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، بشأن ضرورة إنهاء الوجود العسكري الأجنبي في البلاد، بينما تواصل فصائل المقاومة شن هجمات صاروخية وأخرى بطائرات مسيرة على مصالح أمريكية وقواعد عسكرية تضم قوات أميركية وأخرى تتبع التحالف الدولي، ضمن سياسة الضغط الأقصى على الحكومة.

كما ويأتي ذلك وسط ترقّب لعقد جولة رابعة للحوار الاستراتيجي بين بغداد وواشنطن، بموعد مبدئي كشفت عنه خلية الإعلام الأمني في وقت سابق، وقالت إنه سيكون بين شهري يوليو الجاري وأغسطس المقبل في واشنطن، خلال زيارة مرتقبة للكاظمي للعاصمة الأمريكية، سيكون على رأس جدول أعمالها بحث وضع القوات الأمريكية وجاهزية القوات العراقية، مع كبار المسؤولين في البيت الأبيض.

هذا وقد توعدت فصائل “المقاومة” العراقية ومنها (“عصائب أهل الحق” و”كتائب حزب الله” و”حركة النجباء” و”كتائب سيد الشهداء”)، السبت، بالتصعيد ضد القوات الأمريكية في البلاد، وأشارت إلى أنها ستخرجها مهزومة.

وقال بيان لـ”تنسيقية المقاومة العراقية”: “بعد وساطات عدة من بعض السياسيين العراقيين منحت المقاومة أكثر من فرصة للحكومة العراقية التي تجري مفاوضات مع الجانب الأمريكي بخصوص مصير القوات الأجنبية، لكن ما نتج عن جولتيها، ولاسيما في مهزلة الجولة الثانية، كان سيئا ومؤسفا للغاية”.

وأضافت: “وما يزيد الأمر سوءا ما صرح به مسؤولون عسكريون أمريكيون من أنه لا جدولة قريبة لانسحاب قواتهم، وأن الحكومة العراقية هي التي طلبت منهم بقاءها، مع عدم صدور نفي من الحكومة الحالية لهذه التصريحات، وهو ما يدفعنا إلى القول بأن هذه الحكومة ليست صادقة، ولا مؤهلة، ولا قادرة على تحقيق إرادة الشعب العراقي بإخراج قوات الاحتلال من أرضهم، وحفظ سيادتهم، والدفاع عن دستورهم”.

وأشارت “التنسيقية” إلى أن “ما تمخض عن جولتي التفاوض مع الجانب الأمريكي مرفوض جملة وتفصيلا، ولم يكن أكثر من محاولة تسويف ومماطلة، ولذلك نؤكد أن أبناء العراق الأحرار هم أصحاب الحق في إطلاق الكلمة العليا، وبما يضمن أولوية تحقيق مصالح العراقيين وأمنهم”.

وتابعت: إن “استمرار وجود قوات الاحتلال الأمريكي بقواعدها على الأرض، وسيطرتها على السماء، هو انتهاك مستمر للدستور العراقي الذي يمنع ذلك صراحة، وهو عدم احترام لإرادة الملايين من أبناء هذا البلد، ومخالفة صريحة لقرار مجلس النواب العراقي”.

وأكدت، أن “الإدارة الأمريكية برفضها خروج قواتها قد أرسلت لنا الرسالة الواضحة بأنهم لا يفهمون غير لغة القوة، لذلك فالمقاومة العراقية تؤكد جهوزيتها الكاملة لتقوم بواجبها الشرعي، والوطني، والقانوني، لتحقيق هذا الهدف”. وختمت “التنسيقية” بيانها بالقول: إن “عمليات المقاومة الجهادية مستمرة، بل ستأخذ منحى تصاعديا ضد الاحتلال، وبما يجبرهم على الخروج مهزومين كما هزموا من قبل”.

ومع تسلم الرئيس الأمريكي جو بايدن إدارة البيت الأبيض، تصاعدت الهجمات العسكرية ضد الوجود الأمريكي في العراق وسوريا، موقعة عددا من الإصابات بصفوف المتعاقدين الأمريكيين، الأمر الذي أثار تساؤلات عدة عن مستقبل هذا الوجود وخيارات واشنطن حيال ذلك.

وتعرضت القوات الأمريكية المتمركزة في العراق لهجمات بطائرات مسيرة وقذائف صاروخية، عدة مرات في الأشهر الأخيرة.. حيث يتمركز نحو 2500 جندي أمريكي في العراق، كجزء من تحالف دولي يقاتل ما يسمى بتنظيم (داعش).

وشهد العراق مؤخراً تصعيداً كبيراً من قبل فصائل المقاومة، بالقصف على السفارة الأمريكية ومطار بغداد والقواعد العراقية التي يتواجد فيها خبراء أمريكان، وتم تنفيذ سابع هجوم بصواريخ كراد على قاعدة الأسد في الأنبار منذ بداية 2021 وهجمات على السفارة الأمريكية وإطلاق طائرات مسيرة مفخخة فوق المنطقة الخضراء ومطار أربيل، إضافة إلى تزايد ملحوظ في الهجمات على الأرتال التي تنقل معدات وتجهيزات قوات التحالف الدولي في العراق.

وجاء الرد الأمريكي على الفصائل بقصف معسكراتها على الحدود العراقية السورية، مع توعد بالمزيد من الغارات ردا على إعلان “تنسيقية فصائل المقاومة” في العراق انها قررت تصعيد المواجهة ضد القوات الأمريكية في العراق، و”ستكون حربا مفتوحة معها”.

وهذا ما أدانه واستنكره مجلس الوزراء العراقي، في اجتماع طارئ برئاسة مصطفى الكاظمي.. واصفا إياه بأنه “انتهاك صارخ للسيادة العراقية، ترفضه كل القوانين والمواثيق الدولية”. وجاء في البيان أن مجلس الوزراء يدرس “اللجوء الى كل الخيارات القانونية المتاحة لمنع تكرار مثل هذه الاعتداءات التي تنتهك أجواء العراق وأراضيه”.

وتعهد قائد كتائب سيد الشهداء العراقية الاثنين الماضي بالانتقام من الولايات المتحدة لمقتل 4 من رجاله في غارة جوية أمريكية على طول الحدود العراقية السورية الشهر الماضي. وقال الولائي في مقابلة حصرية مع وكالة أنباء “أسوشيتيد برس” في بغداد: إن “الانتقام من الأمريكيين سيكون عبر عملية عسكرية سيتحدث عنها الجميع”.

وسبق تهديد الولائي، تحذير كتائب حزب الله في العراق للولايات المتحدة الأمريكية من “رد مباغت” دون تحديد طبيعته ونوعيته.

وقال المتحدث الرسمي باسم الكتائب محمد محيي: “نحن قلنا إن القوات الأمريكية المحتلة ستفاجئ بما تمتلكه المقاومة من إمكانات وقدرات وأسلحة إذا ما تجرأت على تحدي الإرادة العراقية وأبقت قواتها في العراق”.

وأضاف: إن “مهمة الفصائل مقاومة الأمريكيين في العراق وسوريا فضلاً عن مواجهة داعش (تنظيم الدولة) وخطر (إسرائيل)، ما يضع عليها مسؤولية كبيرة بضرورة الاستعداد والإعداد وخصوصاً في مجال الأسلحة الرادعة كالصواريخ والطائرات المسيرة”.

هذا ولا يزال الموقف الأمريكي منقسما بين وزارة الخارجية والبيت الأبيض اللذين يؤيدان سحب جميع القوات من العراق، ووزارة الدفاع الأمريكية التي ترى ضرورة الإبقاء على ما يكفي منها؛ لمواجهة “داعش”.

الجدير ذكره أن حدة الهجمات على المصالح الأمريكية والقواعد العراقية التي تتواجد فيها قوات أمريكية تصاعدت بوتيرة عالية في الأشهر الأخيرة بعد وصول جو بايدن إلى البيت الأبيض في 20 يناير الماضي.

وتشير تقديرات أمريكية.. إلى أن قوات التحالف الدولي تعرضت لأكثر من 50 هجوما باستخدام العبوات الناسفة على قوافل الإمدادات منذ وصول جو بايدن إلى البيت الأبيض، ونحو 12 هجوما صاروخيا ضد منشآت دبلوماسية أمريكية، أو قواعد عراقية تستضيف القوات الأمريكية، أو قوات من التحالف الدولي، و9 قوافل لوجستية غير مباشرة ضد المنشآت الدبلوماسية الأميركية.

وتهدد قيادات فصائل المقاومة، مثل الأمين العام لحركة “عصائب أهل الحق” قيس الخزعلي، بمواصلة الهجمات ضد القوات الأمريكية في قاعدتي “عين الأسد”، و”أربيل” .. وغيرها من القواعد الأمريكية.

وكانت قاعدة “بلد” الجوية في محافظة صلاح الدين شمال بغداد قد استهدفت في 18 أبريل الماضي بـ5 صواريخ أسفرت عن إصابة 3 جنود عراقيين ومتعاقدين أجنبيين تابعين لشركة صيانة طائرات.

كما سقطت 4 صواريخ على نفس القاعدة في 20 فبراير الماضي، واستُهدفت السفارة الأمريكية بصاروخين على الأقل في 23 فبراير الماضي دون تسجيل إصابات، بينما سقطت 3 صواريخ بالقرب من معسكر فكتوريا الذي يوجد فيه القوات الأمريكية ضمن مطار بغداد الدولي مساء 22 أبريل الماضي من أصل 8 صواريخ لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن إطلاقها.

ويعتقد كبار القادة العسكريين الأمريكيين أن إيران تتبع سياسة إخراج قوات التحالف الدولي والقوات الأمريكية من العراق عبر استهداف مصالحها من قبل قوات حليفة لها تصنفها الحكومة العراقية بأنها قوات خارجة على القانون.

فيما الحكومة العراقية مطالبة بالالتزام بتنفيذ قرار مجلس النواب في 5 يناير 2020 الذي بموجبه يتوجب على الحكومة مطالبة القوات الأمريكية والأجنبية بالانسحاب، لإعادة الاستقرار والامن إلى العراق والمنطقة.

وأعلنت الولايات المتحدة في ختام الجولة الثالثة من الحوار الاستراتيجي مع العراق في 7 أبريل الماضي سحب جميع قواتها المقاتلة وإعادة نشرها خارج العراق، والإبقاء فقط على مدربين ومستشارين غير قتاليين وفق جدول زمني سيحدده الطرفان لاحقا.

وانسحبت القوات الأمريكية من 8 قواعد في العراق إلى قاعدتي “عين الأسد”، ومطار أربيل الدولي، مع تواجد محدود في الجناح العسكري لمطار بغداد الدولي المعروف باسم معسكر فكتوريا.

وتأتي جهود الولايات المتحدة بتقليص وجودها العسكري في منطقة الشرق الأوسط وأفغانستان في سياق أولويات الإدارة الأمريكية الجديدة باعتبار الصعود الصيني في شرق آسيا هو التهديد الأول للولايات المتحدة.

سبأ