شيئا فشيئا تتفاقم تداعيات قرار حكومة العدوان في عدن المحتلة، إذ تكدست عشرات الآلاف من حاويات البضائع في ميناء عدن، والمئات من شاحنات النقل في المنافذ البرية في المحافظات المحتلة ومنها محافظتا المهرة وحضرموت، إثر استمرار رفض القطاع التجاري الخاص لقرار حكومة الفار هادي بزيادة تعرفة الجمارك، أواخر الشهر الماضي، برفع سعر الدولار الجمركي من 250 ريالاً إلى 500 ريال.

في هذا الوقت أكد رئيس الغرفة التجارية في عدن أن أعضاء الغرفة لا يزالون ينتظرون ردا بشأن الاعتراضات التي تقدموا بها من خلال عدة رسائل أرسلوها للجهات المعنية، مؤكدا أن أيديهم ممدودة للصالح العام، وليس لصالح فئة معينة أو للقطاع الخاص فحسب، وفقا لما أورده موقع “إرم نيوز”.

وقال رئيس الغرفة التجارية في عدن أبوبكر باعبيد: إن قرار رفع سعر الدولار الجمركي “سيمسّ ميناء عدن خاصة، لأن أكثر عمليات الاستيراد التجاري تتم عبره، وقد يدفع بعض التجار إلى إيصال بضائعهم إلى مناطق اليمن عن طريق التهريب”.

وأوضح: “هناك بعض المنافذ التي لا تعتمد على التعرفة الجمركية الرسمية، وتقدم بعض التسهيلات للتجار، كما يحدث في المكلا أو منفذ شحن أو منفذ الوديعة، وهنا يصبح الأمر مضادا للعدالة الجمركية”.

وكانت الغرفة التجارية والصناعية في عدن المحتلة أعلنت- خلال الأيام الماضية، ، في بيان لها- رفضها لرفع سعر الدولار الجمركي، وقالت إنه سيؤدي بشكل مباشر إلى مجاعة وسيضر-بشدّة- بالحركة التجارية، داعية إلى تجميد هذا القرار، الذي “ينذر بانهيار شامل واضطراب كبير في حركة النشاط التجاري والاقتصادي وغلاء معيشي خاصة أن اليمن يعتمد في تأمين غذائه على الاستيراد بنسبة 90 %”.

وأكدت أن “تحريك سعر صرف الدولار الخاص بالجمارك في عدن بسعر 500 ريال للدولار، بعد أن كان 250 ريالا للدولار الواحد طوال السنوات السبع الماضية سيؤدي بشكل مباشر إلى مجاعة بين المواطنين”.

وحذرت من أنه “في ظل الظروف المعيشية الحالية وانهيار العملة الوطنية وضعف مداخيل المواطنين وزيادة الفقر بين المواطنين، فإن هذا القرار سيؤدي إلى اختلالات في سلاسل توافر المواد الغذائية وسيزعزع استقرار المجتمع أمنيا مع توسع نطاق الجوع بين المواطنين”.

القرار كانت قد حذرت من تداعياته الغرفة التجارية في صنعاء وجمعية البنوك والصرافين، واتحاد نقابات عمال اليمن، وكذا نقابات عمالية في عدن، وعبرت عن إدانتها للقرار ورفضها وطالبت مرتزقة العدوان بإلغائه فورا.

وتشهد عدن المحتلة ارتفاعا ملحوظا في أسعار المواد الغذائية ازداد بشكل جنوني منذ صدور القرار مع الانخفاض المخيف في سعر الدولار الذي تسببت به هذه الإجراءات.

تسهيلات جمركية

لمواجهة مثل هذه الإجراءات- وحتى لا تلقي بظلالها على المواطنين في المحافظات الحرة- انتهجت حكومة الإنقاذ جملة من الإجراءات، كان آخرها الإعلان عن تسهيلات جمركية واسعة للاستيراد عبر ميناء الحديدة ، أهمها منح تسهيلات جمركية بنسبة 49 % والحفاظ على سعر الدولار جمركيا بـ 250 ريالاً.

وقد أكد عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي، حرص الدولة والحكومة على تحقيق التوازن بين مصالح المواطنين والقطاع التجاري .. وقال ” نحن إلى جانب التاجر ما دام أنه يقف إلى جانب المواطن ”، وثمن دور التجار الوطنيين في دعم جهود التنمية والقيام بمسؤوليتهم الاجتماعية والإنسانية خاصة في ظل الظروف الراهنة التي تمر بها البلاد.

مطالبا التجار ورأس المال الوطني، الاتجاه للاستثمار في التصنيع المحلي والاستفادة مما تمتلكه البلاد من مقومات وبما يسهم في تشغيل الأيدي العاملة وتخفيض فاتورة الاستيراد، معبراً عن اعتزازه بدور القطاع التجاري والبيوت التجارية من خلال الوقوف إلى جانب الشعب.

ميناء الحديدة

وكان مؤتمر صحفي، أقيم برصيف ميناء الحديدة، لإعلان جهوزيته لاستقبال مختلف سلع بضائع الحاويات.. على أساس القرار الرئاسي بتعليق 49 % من رسوم التعرفة الجمركية للتجار ورجال الأعمال الذين يقومون باستيراد السلع بالحاويات عبر ميناء الحديدة، مع توفير كافة المزايا والتسهيلات الأخرى في ميناء الحديدة الذي سيستقبل كافة أنواع السفن ويعمل على مدار اليوم لخدمة المستوردين.

ودعا محافظ الحديدة محمد عياش قحيم- في المؤتمر- المستوردين ورجال الأعمال إلى استغلال هذه التسهيلات التي تقدمها القطاعات العاملة في ميناء الحديدة والتوجه نحو الاستيراد عبر ميناء الحديدة الاستراتيجي، خاصة وأن الاستيراد عبر ميناء الحديدة سيساهم في التخفيف من معاناة المواطنين والحفاظ على استقرار الاقتصاد الوطني واستقرار العملة.

فيما أوضح نائب وزير التجارة والصناعة أن قرار خفض التعرفة الجمركية للمستوردين عبر ميناء الحديدة بنسبة 49 % جاء كنتيجة لمخرجات اللقاء التشاوري للقطاعات الاقتصادية والتجارية بالجمهورية اليمنية، بشأن اتخاذ المجلس السياسي الأعلى التدابير اللازمة لتأمين وصول وتوزيع السلع والمنتجات المستوردة الغذائية والدوائية والاحتياجات الأساسية في إطار الحقوق المكفولة والمنصوص عليها في القوانين والمعاهدات الدولية للحقوق الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية، كمعالجه طارئة وضرورية للتخفيف من أعباء الفقر والجوع والمستوى المعيشي المتردي والمنهار لكافة أبناء الشعب اليمني بسبب ما يمارس ضده من قبل دول تحالف العدوان على بلادنا عسكريا واقتصادياً وتصعيده المستمر في عملياته الإجرامية الوحشية والدموية على كافة الأصعدة.

وأكد أن ما بادر به المجلس السياسي وحكومة الإنقاذ الوطني من تدابير، جاءت لحماية الاقتصاد الوطني من هذا التدمير الممنهج عبر اتخاذ العديد من الإجراءات التي كان من أبرزها منع تداول الأوراق النقدية المطبوعة بطريقة غير شرعية ولا قانونية وآخرها تفعيل قرار رئيس المجلس السياسي الأعلى بتخفيض 49 % من الجمارك للحاويات المحملة والواصلة عبر ميناء الحديدة، كتدبير ملح وطارئ فرضه الوضع المتردي للمستوى المعيشي المنهار.

ودعا قحيم والهاشمي المستوردين ورجال الأعمال إلى استغلال هذا القرار الهام الخاص بتخفيض التعرفة الجمركية والمزايا الكبيرة التي يقدمها القطاع العامل في ميناء الحديدة والعودة إلى الاستيراد عبر هذا الميناء الاستراتيجي، خاصة وأن عودتهم إلى ميناء الحديدة ستساهم في التخفيف من معاناة المواطنين والمحافظة على استقرار الاقتصاد الوطني واستقرار العملة.

حرب اقتصادية

ورأى محللون “أن قرار رفع سعر الدولار الجمركي أتى ضمن خيارات الحرب الاقتصادية التي تشرف عليها الإدارة الأمريكية وتستخدم مرتزقة العدوان كأدوات لتنفيذها ، سعيا منها إلى إحداث مجاعة هائلة في أوساط اليمنيين وضمن سياسة العقاب الجماعي وحرب الإخضاع التي تستخدمها ، ويفسر المحللون المضطلعون بالشأن الاقتصادي بأن رفع سعر الدولار الجمركي هدفه رفع أسعار السلع والمواد والبضائع في المناطق الحرة وتعميم حالة البؤس والحرمان التي تعانيها عدن في كافة المحافظات.” .

ويرى الخبير الاقتصادي- وكيل قطاع الدراسات والتوقعات الاقتصادية في وزارة التخطيط والتنمية- الدكتور عادل الحوبشي، أن هذا القرار يأتي في إطار الحرب الاقتصادية الشرسة التي تحتدم من وقت لآخر تبعاً للتطورات الجارية في الميدان، منوِّهًا بأن هذه الخطوة تأتي رداً على تقدم أبطال الجيش واللجان الشعبيّة في جبهتي البيضاء ومارب؛ بهَدفِ تحقيق أقصى ضغط اقتصادي، وما لها من تداعيات اجتماعية ومعيشية وإنسانية على الشعب اليمني، سعياً لمنع استعادة مدينة مارب.

موضحاً أن رفع سعر الدولار الجمركي من 250 ريالاً إلى 500 ريال يعني ببساطة رفع الرسوم الجمركية على السلع والمواد المستوردة إلى الضعف، وهذا ينعكس تلقائياً على مستويات الأسعار والخدمات والمواد والأجهزة والمعدات المستوردة، التي طالها القرار، حَيثُ من المتوقع أن ترتفع أسعارها بحوالي 20 – 50 ٪.

ويؤكّـد الدكتور الحوشبي أن غالبية الموارد الاقتصادية والمالية لا تزال مُستمرّة وتتدفق إلى أوعية حكومة الارتزاق القابعة في الفنادق، من عائدات رأسمالية النفط والغاز وإيرادات جمركية وضريبية متضاعفة ورسوم حكومية مختلفة وَمعظم المساعدات والمنح الإقليمية والدولية تحت تحكم وسيطرة تحالف العدوان وأدواته، مع الإشارة إلى عدم وجود التزامات أَو أعباء أَو مخصصات مالية تجاه غالبية الشعب اليمني في مناطق سيطرة المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ الوطني.

تقرير – أحمد السعيدي

مصدرالثورة