مقالات مشابهة

عملية توازن الردع.. تراكم فشل النظام السعودي المعتدي

عقب كل عملية ردع تطال العمق السعودي آخرها عملية الردع السابعة التي حققت أهدافها بنجاح يسارع النظام السعودي إلى الاستجداء بأمريكا وبريطانيا وغيرها من الدول الغربية لإنقاذه وحماية أراضيه، وهذا الاستجداء يأتي في وقت أثبتت فيه أنظمة الدفاع الباتريوت الأمريكية فشلها في اعتراض الصواريخ والطائرات المسيرة اليمنية وذلك في إطار التصدي لجرائم العدوان السعودي المستمر على اليمن وكل عملية ردع تجعل نظام آل سلول يعيش الخوف والبحث عن شراء أحدث الأسلحة والأنظمة الدفاعية بمليارات الدولارات لكن دون جدوى.

التصاعد الزمني في تنفيذ العمليات يقابله كذلك تصاعد في تحديد الأهداف ونوعية الأسلحة المستخدمة، فكما يؤكد المتابعون للشأن اليمني والسعودي أن كل عملية تأتي أقوى من سابقتها، وتأثيرها على السعودي أشد إيلاماً وأكثر وجعاً، وما يميز جميع هذه العمليات، هو أنها تكشف هشاشة وضعف الدفاعات الجوية السعودية، وتخرجها من دائرة الصمت والإنكار، إلى الاعتراف بالعمليات.

المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية كشف عن تفاصيل العملية المؤلمة للعدو السعودي، العمليةٍ الهجومية الواسعة المشتركة لسلاح الجو المسير والقوة الصاروخية اليمنية والتي استهدفت العمقِ السعوديِّ بثمانِ طائراتٍ مسيرةٍ نوع صماد٣ وصاروخٍ باليستيٍّ نوع (ذو الفقار). العملية التي استهدفت منشآتٍ تابعةٍ لشركةِ أرامكو في (رأسِ التنورة) بمِنطقةِ الدمامِ شرقيَّ السعوديةِ

وذكر الناطق العسكري أن العملية استهدفت أيضاً منشآتِ أرامكو في مناطقَ جدةَ وجيزانَ ونجرانَ بخمسةِ صواريخَ باليستيةٍ نوع بدر وطائرتينِ مسيرتينِ نوع صماد٣.

وأكد العميد سريع أن العملية حققت أهدافها بنجاح، محذراً من عواقب استمرار العدوان على اليمن.

عملية “توزان الردع السابعة ” جاءت مع قرب انقضاء العام السابع للعدوان على بلادنا وفي ظل استمرار الحصار ورداً على الإجرام والتوحش الأمريكي والسعودي.

هنا يرى العديد من الخبراء بأن عمليات توازن الردع لن تقف عند العملية السابعة ، وعلى النظام السعودي مراجعة حساباته وإدراك مغبة عنجهيته وانبطاحه للأمريكان وتنفيذه لأجندتهم، فهو الخاسر الأكبر من وراء ذلك، ولن تتوقف عمليات توازن الردع ولا معارك وجبهات تحرير الأراضي اليمنية حتى يتوقف العدوان ويرفع الحصار، هذا هو خيار اليمن قيادة وحكومة وجيشا ولجانا وشعبا ، لن تنفعه أمريكا ولا بريطانيا ولا إسرائيل، هو من سيكتوي بنيران العمليات النوعية، ومن سيتحمل تداعياتها وانعكاساتها على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والسياسية في الداخل السعودي .

تسلسل عمليات الردع بدأ في أغسطُس 2019، حيث تم استهداف العمق السعودي في نفس العام بعمليتين، ومن ثم جاءت عملية توازن الردع الثالثة والرابعة في العام 2020، وبعد ذلك قامت القوات اليمنية باستهداف العمق السعودي خلال شهرَي فبراير ومارس وجاءت العملية الأخيرة لتثبت عزم وإرادة وقدرة اليمنيين على هزيمة العدوان الأمريكي السعودي .

عجز تاريخي

الحديث عن مدى فاعلية الأداء الحربي لصواريخ باتريوت مسار جدل منذ حرب العراق الأولى 2003، حيث تحدث مراقبون عن فشلها في التصدي للصواريخ العراقية.

وتأكدت خلال العدوان على اليمن الذي تقوده مملكة الشر والإمارات منذ مارس/ 2015، النتيجة ذاتها التي وصل إليها الخبراء منذ 16 عاما، حيث يتتابع فشل صواريخ باتريوت في التصدي لاستهداف جماعة الحوثي المسلحة المدعومة من إيران للعمق السعودي.

وقد رأت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية في يونيو الماضي، أن صواريخ والطائرات المسيرة كشفت نقاط ضعف في الدفاعات الجوية لدى السعودية التي تعتمد نظام باتريوت الأمريكي، وتعد ثالث أكبر دولة في العالم من حيث الإنفاق العسكري.

ونقلت عن مسؤول سعودي -رفض الكشف عن اسمه- قوله: إن الأحداث الأخيرة أظهرت أن البلاد مكشوفة من حيث نظام الدفاع الصاروخي.

فشل 2017

في 4 نوفمبر/2017 أطلقت القوات اليمنية صاروخ بركان H2 الباليستي بعيد المدى على مطار الملك خالد الدولي بالرياض، فيما أعلنت السعودية تمكنها من إسقاطه، وروج حينها لنجاح الدفاعات الجوية السعودية في اعتراض الصاروخ وتدميره بفضل توجيه صواريخ باتريوت لاعتراضه.

لكن صحيفة نيويورك تايمز قالت في ديسمبر/ 2017، أي بعد شهر من الاستهداف، إن الصور الفوتوغرافية ومقاطع الفيديو بينت أن الصاروخ تجاوز الدفاعات الجوية وانفجر قرب مطار الرياض.

ونقلت عن خبراء أمريكيين تشكيكهم في فعّالية منظومة الدفاع الجوي الصاروخي “باتريوت”، ونبه أحدهم إلى أن “الحكومات تكذب بشأن فاعلية هذه المنظومة، وأن ذلك الاستهداف يحمل انعكاسات عسكرية كبيرة على الدفاع الأمريكي أكثر من السعودي”.

ومضت إلى القول: “منذ بداية اطلاق اليمن صواريخ باليستية ضد السعودية، تقوم الأخيرة بإصرار حديدي للحصول على صواريخ متطورة، فقد فاتحت روسيا للحصول على منظومة إس 400 التي تعترض الصواريخ، وتضغط على الولايات المتحدة لتبيعها منظومة صواريخ ثاد بقيمة 15 مليار دولار”.

وأكدت الصحيفة: “أبطل الصاروخ اليمني مفعول باتريوت الذي اشتهر في حرب العراق الأولى، وقد يكون الصاروخ الذي وجهه اليمن يوم 4 نوفمبر/2017 ضد مطار الرياض بداية النهاية لهذه المنظومة الدفاعية”.

إخفاق 2018

وفي مارس/ 2018 وبالتزامن مع الذكرى الثالثة لبدء العدوان على اليمن، أطلقت القوة الصاروخية اليمنية 7 صواريخ باليستية استهدفت العاصمة السعودية الرياض ومحافظات أخرى، وقالت السلطات حينها إنها تمكنت من اعتراضهما.

إلا أن تقريرا لوكالة “أسوشييتد برس” الأمريكية، شكك بتصريحات السعودية، معتمدا على تحليل مضمون التسجيلات المصورة للواقعة، ودراسة أنظمة الصواريخ التي تمتلكها المملكة، ومدى قدرتها على اعتراض مثل هذه الصواريخ.

وأشار التقرير في 25 مارس/ 2018 إلى أن أحد مقاطع الفيديو أظهر أن صاروخ “باتريوت” سار بشكل خاطئ، وقام بتغيير مساره الجوي، ليسقط على حي في الرياض وينفجر، بينما بدا أن صاروخا آخر انفجر بشكل مفاجئ في العاصمة السعودية بعد وقت قصير من إطلاقه.

وذكرت “أسوشييتد برس” أن وزارة الإعلام في السعودية لم ترد على طلبات للتعليق على تقريرها، مرجحة أن أشرطة الفيديو “تظهر أن المملكة هي دولة أخرى، تبالغ في قدرة نظام دفاعها الصاروخي، في تقليد يعود إلى حرب الخليج عام 1991”.

وشكك أيضا جيفري لويس -مدير مركز جيمس مارتن لدراسات منع انتشار الأسلحة بمعهد ميدلبوري بولاية كاليفورنيا الأمريكية، في مقاله بمجلة “فورين بوليسي”، في مصداقية ما تؤكده السعودية التي تجزم بـ”نجاحها في اعتراض كل الصواريخ السبعة التي أطلقتها قوات الحوثيين”.

ورأى أن هذا الأمر “لا يثير تساؤلات مزعجة لدى السعوديين، فحسب، بل أيضا لدى الولايات المتحدة التي “يبدو أنها باعتهم صفقة فاشلة من نظام الدفاع الصاروخي”.

وخلص إلى عدم وجود أي دليل على أن “السعودية اعترضت أيا من صواريخ الحوثيين خلال صراع اليمن، وهذا الأمر يثير فكرة مزعجة بأن صواريخ باتريوت ليست بهذه الكفاءة التي تروج لها الولايات المتحدة الأمريكية”.

“لويس” ذهب أيضا إلى القول: إن “نظام باتريوت (باك2، the Patriot Advanced Capability-2) الذي “نشر في السعودية ليس مصمما بشكل جيد لاعتراض صواريخ “بركان-2” التي يطلقها اليمن على الرياض.

مصيبة 2019

وفي سبتمبر/ 2019، أعلنت اليمن مسؤوليتها عن الهجوم الذي استهدف منشأتين نفطيتين تابعتين لشركة أرامكو العملاقة، ما أدى إلى نشوب حريق، بحسب ما ذكر الناطق العسكري اليمني على قناة المسيرة، وقال: إنهم استعملوا 10 طائرات مسيرة في هذا الهجوم.

حجم الخسائر هذه المرة لم يدفع السعودية للحديث عن تمكنها من صد الاستهداف الحوثي، واقتصر حديثها على تمكنها من إخماد الحريق، ومناشدة المجتمع الدولي تحمل مسؤوليته.

واستمر الجدل بعد أسبوعين من الهجوم بين الخبراء بشأن أسباب فشل “باتريوت” في التصدي للصواريخ والطائرات المسيرة المهاجمة، ونشر موقع Defense News تقريراً طرح فيه عدد من الخبراء فرضياتهم حول أسباب ما حصل ومدى قدرات منظومات الدفاع المتطورة على مواجهة تحديات جديدة ناجمة عن تطوير تكنولوجيات الطائرات المسيرة والصواريخ عالية الدقة.

ومن جانبه، اعتبر المهندس في صناعة الصواريخ والرئيس السابق لمنظمة الدفاع الصاروخي الإسرائيلية، عوزي روبين، أن التحدي الرئيسي في مثل هذه الهجمات لا يكمن في إسقاط أهداف مهاجمة بل في رصدها أثناء تحليقها على ارتفاع منخفض.

وأوضح الخبير أن سبب فشل الدفاعات السعودية يعود، حسب رأيه، إلى أن راداراتها عجزت عن رصد الصواريخ والدرونات أثناء تحليقها تحت خط الأفق، ونصح القوات السعودية بسد هذه الثغرات بمنظومات “بانتسير” الصاروخية الروسية.

وبدوره، ذكر كبير الباحثين في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، ومقره في نيويورك، توماس كاراكو، أن هجوم “أرامكو” أصبح خطا أحمر يظهر وجود قضية هندسية نوعية، حيث تواجه القوات الدفاعية في مختلف الدول ضرورة رصد الأهداف تحت خط الأفق وفي جميع الاتجاهات ما يتطلب إنتاج رادارات وأجهزة استشعار جديدة.

اعتراف رسمي

وفي أول اعتراف أمريكي صريح بفشل منظومات باتريوت التي تستوردها السعودية، قال رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الأمريكي، جوزيف دانفورد، عقب الاستهداف الأخير للمنشآت النفطية، إنه لا يوجد أي نظام دفاع جوي أو صاروخي، يستطيع بشكل منفرد صد هجوم مماثل للهجوم الذي استهدف منشآت “أرامكو”.

فيما برر وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو خلال زيارته الأولى للمملكة عقب استهداف أرامكو، فشل باتريوت، بالقول إن أفضل المنظومات الدفاعية في العالم تفشل أحيانا، معربا عن رغبة بلاده في التأكد من أن الإجراءات تتخذ كي تكون هجمات مماثلة محتملة على البني التحتية والموارد في السعودية أقل نجاحا من هذا.

وكانت صحيفة “ميدل إيست آي” قد كشفت في تقرير لكاتبها “ديفيد هيرست”، عن حصولها على وثيقة إماراتية سرية، تنتقد السعودية وضعف دفاعاتها أمام هجمات القوات الصاروخية اليمنية.

وأوضح تقرير الصحيفة البريطانية، أن الوثيقة الاستخباراتية حددت عدد الهجمات التي تعرضت لها أهداف سعودية بـ155 هجوما بين يناير/ ومايو/، وهو ما يفوق بكثير ما اعترفت به الرياض رسميا.

وأضافت “ميدل إيست آي” أن التقرير صادر عن مركز الإمارات للسياسات، الذي وصفته بأنه “وثيق الصلة بالحكومة وأجهزة المخابرات”، وذلك في إطار إصدارات شهرية حول السعودية مخصصة لدائرة ضيقة في قيادة البلاد.
فشل سعودي

ما ذهبت إليه الصحيفة الأمريكية أكده المعلق العسكري في “غازيتا رو”، ميخائيل خوداريونوك، في مقال له، انتقد فيه وحدات الدفاع الجوي السعودي، مشيرا إلى أن باتريوت في يد غير كفء، ودون تنظيم مناسب لن تكون المنظومة قادرة أبدا على إظهار الخصائص التي أعلنها الصانع.

وقال إنه تم استخدام رادارات وأسلحة نارية غير كافية لتغطية مواقع الشركة السعودية أرامكو؛ ولم يتم إدخالها في أي نظام متكامل؛ والمناوبة القتالية نظمت بتجاوزات كبيرة؛ وتدريب الكادر عمليا دون المستوى.

هنا يبقى السوال تسلسل هذه العمليات بعد ذاته يشكل عامل ردع كبير بالنسبة السعودية.. فهل نشهد عودة السعودية لصوابها أم أنه يتوجب علينا أن ننتظر عملية الردع الثامنة والتاسعة و.. ، وهل ستكون السعودية مستعدة لتحمل عواقب عملية الردع مع استمرار وعزيمة اليمنيين على رفع سطح الردع في المستقبل؟