مقالات مشابهة

إنقلاب السودان.. تفاصيل كاملة عن الإنقلاب وردة فعل الشعب وتدخل الموقف الأمريكي

اعتقل الجيش السوداني، صباح يوم الاثنين، رئيس الوزراء عبد الله حمدوك ومعظم أعضاء حكومته والعديد من المسؤولين والعاملين بقطاع الإعلام، وسط الحديث عن انقلاب عسكري يجري تنفيذه.

وقالت وزارة الإعلام والثقافة -في صفحتها على فيسبوك- إن رئيس الوزراء اقتيد إلى مكان مجهول بعد رفضه إصدار بيان مؤيد “للانقلاب”. وكانت الوزارة قالت في وقت سابق إن القوات العسكرية المشتركة -التي تحتجز حمدوك داخل منزله- مارست عليه ضغوطا لإصدار بيان مؤيد “للانقلاب”.

ونقلت عن حمدوك دعوته السودانيين -في رسالة من مقر “إقامته الجبرية”- إلى التمسك بالسلمية واحتلال الشوارع للدفاع عن ثورتهم.

وقال مكتب رئيس الوزراء إن قوة عسكرية اختطفت حمدوك وزوجته فجرا، واقتادتهما إلى جهة غير معلومة. وشدد المكتب على أن ما حدث يمثل تمزيقا للوثيقة الدستورية وانقلابا مكتملا على مكتسبات الثورة.

ومن جانبه، أكد عضو المجلس السيادي محمد التعايشي رفضه للتحرك العسكري، وقال “الانقلاب خيانة وأدعو أبناء الشعب السوداني إلى المقاومة السلمية”. ما صلاح مناع عضو ما تسمى “لجنة إزالة التمكين” فطالب “شرفاء” الجيش بالانحياز للشعب السوداني ومدنية الدولة، مشددا على أن “البرهان سيسقط”.

مقاومة الانقلاب

قالت وزيرة الخارجية مريم الصادق المهدي إن أي انقلاب مرفوض “وسنقاومه بكافة الوسائل المدنية”. وأضافت المهدي أن احتجاز رئيس الوزراء في جهة غير معلومة أمر “خطير جدا وغير مقبول”.

وذكرت أنه لا توجد أي اتصالات بين وزراء الحكومة بسبب انقطاع وسائل التواصل المباشرة، وإغلاق الجسور. وقالت الوزيرة أيضا إن وزراء الحكومة غير المعتقلين سيجدون طريقة للتواصل، وترتيب الأمور خلال الساعات القادمة.

وفي وقت سابق، أعلنت وزارة الثقافة والإعلام اليوم أن “قوى عسكرية” اعتقلت “أغلب أعضاء مجلس الوزراء والمدنيين من أعضاء مجلس السيادة”. وقالت “الثقافة” إن ما حدث انقلاب عسكري متكامل الأركان، ودعت الجماهير لقطع الطريق على التحرك العسكري.

ونقلت أن “قوات عسكرية مشتركة تقتحم مقر الإذاعة والتلفزيون في أم درمان وتحتجز عددا من العاملين”. وأفادت مصادر بانقطاع بث عدد من الإذاعات السودانية بينها الإذاعة الرسمية على موجات “إف إم”.

وردا على استهداف وسائل الإعلام، قال مدير تلفزيون السودان “الشعب الذي أبهر العالم بثورته سيبهره مرة أخرى بصونها”. وأضاف “أتينا لخدمة بلادنا لتحقيق الانتقال الديمقراطي الذي تقوده سلطة مدنية ولن نقبل بغير ذلك”.

وأفادت مصادر، عن تصاعد أعمدة الدخان من شوارع ومناطق مختلفة في مدينتي الخرطوم وخرطوم بحري. وتحدثت المصادر عن تعزيزات عسكرية في محيط مطار الخرطوم الدولي، ونقلت بعض وسائل الإعلام أنه تم إغلاق المطار.

وأعلن اتحاد الطيارين السودانيين الإضراب العام والعصيان المدني، والخروج للشوارع ردا على “الانقلاب العسكري”. أظهرت بيانات ملاحية حصلت عليها “وكالة سند” توقف رحلات دولية من مطار الخرطوم الدولي وإليه. وحسب البيانات، فإنه تم إلغاء 5 رحلات هبوط، بينها رحلتان من الدوحة وأخريان من دبي وواحدة من إسطنبول.

اعتقالات

وكانت مصادرة متعددة أكدت اعتقال عدة مسؤولين وسياسيين فجر اليوم الاثنين. وقالت ابنة وزير الصناعة إبراهيم الشيخ للجزيرة إن قوة مشتركة اعتقلت والدها من منزله فجر اليوم. كما ذكرت زوجة والي الخرطوم أيمن نمر للجزيرة أن قوة مسلحة اعتقلت الوالي من منزله.

وقال مدير مكتب الجزيرة بالخرطوم المسلمي الكباشي إن هناك أيضا أنباء غير مؤكدة عن اعتقال محمد الفكي سليمان عضو مجلس السيادة، وكذلك وزير الإعلام حمزة بلول، ووزير الاتصالات هاشم حسب الرسول، ورئيس حزب البعث العربي الاشتراكي علي الريح السنهوري.

ونقلت رويترز -عن مصادر من أسرة فيصل محمد صالح المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء- أن قوة عسكرية اقتحمت منزل المستشار وألقت القبض عليه. ونقلت الوكالة أنه تم اعتقال ياسر عرمان مستشار رئيس الوزراء.

ومن جانبه، قال تجمع المهنيين إن هناك أنباء عن تحرك عسكري “للاستيلاء على السلطة” داعيا الجماهير إلى النزول إلى الشارع لمقاومة أي انقلاب عسكري.

قطع الإنترنت

وقد أفادت مصادر سودانية، أن شبكة الإنترنت قطعت، كما تأثرت الاتصالات في بعض المناطق بالعاصمة، وأضاف أن قوات من الجيش أغلقت جسورا وأنفاقا بالخرطوم. في الوقت نفسه، قام محتجون بقطع بعض الطرق في العاصمة وأضرموا النار احتجاجا على الاعتقالات.

ومن جانبها، أعلنت نقابة الأطباء الإضراب العام في المستشفيات باستثناء الحالات الطارئة، وقررت الانسحاب من المستشفيات العسكرية، وطالبت القطاعات المهنية بالنزول إلى الشارع.

كما أعلن تجمع المصرفيين أن موظفي القطاع دخلوا في إضراب وعصيان مدني مفتوح احتجاجا على الاعتقالات. من جهته، قال تجمع المهنيين إن هناك أنباء عن تحرك عسكري يهدف “للاستيلاء على السلطة” ودعا جماهير الشعب إلى الاستعداد لمقاومة أي انقلاب عسكري.

وأضاف التجمع في بيان “نتوجه بندائنا لجماهير الشعب السوداني وقواه الثورية ولجان المقاومة في الأحياء بكل المدن والقرى والفرقان، للخروج إلى الشوارع واحتلالها تماما، والتجهيز لمقاومة أي انقلاب عسكري، بغض النظر عن القوى التي تقف خلفه”.

وفي بيان لاحق، قال تجمع المهنيين “تتوارد الأنباء عن تجهيز الانقلابيين لقطع خدمة الإنترنت بعد أن تم اعتقال أغلب أعضاء مجلس الوزراء والمجلس السيادي، وهو ما يعني اتجاههم للتعتيم على ممارسات القمع والإرهاب، مما يعيد إلى الذاكرة ممارسات اللجنة الأمنية والجنجويد بعد مجزرة القيادة العامة في يونيو/حزيران 2019”.

وتابع البيان “نهيب بلجان المقاومة والقوى الثورية المهنية والنقابية والسياسية والمطلبية والشعبية الاستعداد وتفعيل أدوات الاتصال والتنسيق والتشبيك الأرضي المجربة”. ومن ناحيته، قال حزب الأمة القومي “ندين -بأقوى العبارات- الاعتقالات والانقلابات، وهي تشكل انتهاكا للوثيقة الدستورية”.

مظاهرات ضخمة

تستعد القوى المدنية السودانية المعارضة للانقلاب العسكري الذي أطاح بالمجلس السيادي والحكومة الانتقاليين، السبت للخروج في مظاهرات حاشدة في مدن عدة من البلاد على رأسها العاصمة، تعهدوا بأن تكون “مليونية” و”سلمية”.

وتعالت الأصوات الدولية التي تحذر الجيش من استخدام العنف ضد المتظاهرين، وذلك بعد أن أسفرت مواجهات اندلعت مظاهرات سابقة ضد الانقلاب عن سقوط عدة قتلى. وقطعت السلطات العسكرية خدمات الإنترنت عن الخرطوم تحسبا للاحتجاجات.

على الرغم من القمع الدامي الذي تعرضت له مظاهراتهم خلال الأيام الخمسة الأخيرة، يحشد معارضوا سيطرة العسكر على الحكم في السودان قواهم في الشارع السبت لإثبات قدرتهم على تحدي انقلاب قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وإعادة البلاد إلى عملية التحول الديمقراطي.

ويراقب العالم رد فعل العسكريين على هذه المظاهرات التي وعد منظموها بأن تكون “مليونية”. وتعالت الأصوات عشية الاحتجاجات، محذرة السلطات العسكرية من استخدام العنف ضد المتظاهرين.

وقالت الناشطة من أجل الديمقراطية تهاني عباس لوكالة الأنباء الفرنسية “العسكريون لن يحكموننا، هذه هي رسالتنا”.

وأكدت أن المظاهرة “المليونية” التي دُعي إليها السودانيون السبت على وسائل التواصل الاجتماعي وعلى جدران الخرطوم – حيث قطعت السلطات الإنترنت – ليست إلا “خطوة أولى”.

ففي بلد يحكمه عسكريون بشكل شبه مستمر منذ استقلاله قبل 65 عاما، قرر الشارع أن يقول “لا” السبت للفريق أول عبد الفتاح البرهان الذي حل الاثنين كل مؤسسات الحكم في البلاد واعتقل غالبية المسؤولين المدنيين، ليستأثر العسكريون بالسلطة.

والشعار الأساسي لهذه المظاهرات هي “الردة مستحيلة” بعد عامين على الانتفاضة التي استمرت شهورا وانتهت بإسقاط عمر البشير في نيسان/أبريل 2019 وتشكيل سلطة انتقالية من المدنيين والعسكريين منوطة بها إدارة شؤون البلاد إلى حين تسليم الحكم إلى حكومة منتخبة ديمقراطيا عام 2023.

الموقف الأمريكي

دعا الرئيس الأمريكي جو بادين، إلى إعادة السلطة للحكومة التي يقودها المدنيون، والتي أطاح بها الجيش هذا الأسبوع.

وأكد أن الولايات المتحدة ستستمر بـ”الوقوف إلى جانب الشعب السوداني ونضاله اللاعنفي”. وأوضح في بيان “رسالتنا إلى السلطات العسكرية في السودان واضحة، ينبغي السماح للشعب السوداني بالتظاهر سلمياً”.

ويأتي موقف بايدن بعد ساعات من دعوة مجلس الأمن الدولي إلى الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين لدى السلطات العسكرية، وحث “جميع الأطراف المعنية على الحوار دون شروط مسبقة”.

وأقر المجلس بالإجماع بياناً عبر فيه عن “القلق الشديد” بشأن الانقلاب الذي وقع الاثنين في الدولة الإفريقية المنكوبة بالفقر، والتي لم تتمتع إلا بفترات قصيرة من الديمقراطية منذ الاستقلال في عام 1956.

نظرة خبير إلى الإنقلاب

كتب رفائيل فخرالدينوف، في “فزغلياد”، حول غياب الفروق بين القوى المتصارعة في السودان، وعدم جواز أن تثق روسيا بتعهدات أي جانب هناك.

وجاء في المقال: أغلق الجيش السوداني العاصمة الخرطوم صباح الاثنين بالكامل: أغلقت جميع مداخل المدينة والجسور والشوارع المركزية، وتوقفت حركة السيارات تماما.

قبل ساعات قليلة من ذلك- وبعد اجتماع بين رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك – بدأت الاعتقالات الجماعية في العاصمة. اعتقل عدد من الوزراء وممثل مدني بمجلس السيادة ومحافظ الخرطوم. وفي وقت لاحق، تم وضع رئيس الحكومة وأقرب مستشاريه، بالإضافة إلى العديد من قادة الأحزاب السياسية، رهن الإقامة الجبرية.

وفي الصدد، قال رئيس “معهد الشرق الأوسط”، يفغيني ساتانوفسكي:”ما يجري هو انقلاب عسكري عادي في السودان. فما يحرك القوى المتعارضة هو الرغبة في السلطة والمال، وبالنسبة لها سواء ممن تتلقى الدعم ومع من تتعاون. سوف يحصل الجانب الفائز على الأصول ويبحث عمن يبيعها له. هناك العديد من اللاعبين الذين يمكنهم “اللعب” في السودان- الصين والولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، وبريطانيا في مكان ما على الأطراف. والفائزون سوف يدخلون في مساومة معهم”.

وبحسب ساتانوفسكي، فإن الانقلاب نفسه – سواء نجح أم لا – لن يؤثر بأي شكل من الأشكال على استمرار الحوار حول إنشاء مركز لوجستي للبحرية الروسية على البحر الأحمر.

فـ “سوف تساوم السلطات السودانية روسيا على القاعدة العسكرية، وسوف يريدون الحصول على أموال منا، ويفضلون أن يحصلوا عليها مقدّماً. لا مصلحة أخرى في هذه القاعدة للسودان. ربما نكون في حاجة حقا إلى هذه القاعدة. ولكن ليس لدينا من نعتمد عليه في السودان، ولا يمكن الوثوق بأحد هناك، ولا يجوز الدفع مقدما مقابل أي شيء، كما كان الحال مع ليبيا”.