مقالات مشابهة

إلهان عمر في مواجهة العنصريّة.. هل تخدم أمريكا الأفكار المتطرفة؟

إلهان عمر في مواجهة العنصريّة.. هل تخدم أمريكا الأفكار المتطرفة؟

في الوقت الذي تتجاهل فيه الولايات المتحدة الأمريكية، مطالب المسلمين الأمريكيين الذين يتعرضون للتمييز والمعاملة العنصريّة، ناهيك عن غياب الرغبة الحكوميّة في تحسين مستوى معيشتهم وتحقيق حرية العقيدة، طالبت النائبة الديمقراطيّة، إلهان عمر، الكونغرس الأمريكيّ باتخاذ خطوات جديّة للتصدي لخطاب الكراهية ضد الإسلام وذلك عقب تصريحات معادية لها من قبل النائبة الجمهوريّة، لورين بوبيرت.

حيث إنّ الحكومة الأمريكيّة بكل أجهزتها تتعمد نشر مفهوم ” الإسلاموفوبيا” (نشر الخوف من الإسلام والمسلمين)، منذ دخول القرن الحادي والعشرين، ويستخدم الحزبان الديمقراطي والجمهوري محاربة المسلمين أيضاً كأداة لكسب الأصوات السياسيّة.

في ما يُطلق عليها “منارة الديمقراطية” والمدافعة عن حقوق الإنسان في العالم، تتعرض النائبة إلهان عمر تهديدات بالقتل، في أعقاب فيديو نشرته النائبة بوبيرت على صفحتها بموقع فيسبوك منذ أكثر من أسبوع، زعمت فيه أنّ عمر عضو في “فريق جهاديّ” وشبهتها بحاملة القنابل، رغم أنّ الولايات المتحدة الأمريكية تعتبر نفسها دولة ديمقراطيّة وتنفذ سياسات ليبراليّة فيما يتعلق بالسياسات الدينيّة والعرقيّة، كما تدعي تطبيق سياسات المساواة في مختلف تلك القضايا، بيد أنّها تتجاهل برغبة كاملة أوضاع ومطالب المسلمين بل وتحاربهم بشتى الوسائل.

“هذا ليس مجرد هجوم علي ولكن على الملايين من المسلمين الأمريكيين في جميع أنحاء هذا البلد”، هكذا وصف النائبة المسلمة ذات الأصول الصوماليّة، الاتهامات الباطلة لزميلتها في المجلس، بعد أن أذاعت رسالة تهديد هاتفية قال المتحدث فيها: “لن تعيشي طويلاً أيتها العاهرة، يمكنني تقريباً أن أضمن لك ذلك، نحن الشعب ننهض وستتم محاكمتك أمام محكمة عسكريّة”، ما يعني أنّ المسلمين رغم قوة تأثيرهم في السياسة الأمريكية، ما زالوا يواجهون الشكوك والتمييز والتهديد والعنصريّة.

وتأتي الرسالة التهديديّة للنائبة الأمريكيّة المسلمة، مع التصاعد المستمر في أعمال العنف والاعتداء على المسلمين في أميركا، وقد تلقت إلهان عمر مئات رسائل التهديد والكراهية والعنصريّة المماثلة منذ انضمامها إلى الكونغرس فيما أبلغت عنها السلطات الأمريكيّة بشكل رسميّ، بعد أن خابت كل المحاولات في تغيير السياسة العدائيّة تجاه المسلمين، رغم أن الولايات المتحدة الأمريكية تعتبر نفسها دولة يسودها “حكم القانون”، لكنها في الحقيقة تقييدهم من خلال القوانيين وتحرض عليهم بشكل ممنهج.

ومن الجدير بالذكر أنّ النائبة التي كانت سبباً في افتعال تلك المشكلة، قامت بالاعتذار لمسلمي الولايات المتحدة عن تصريحاتها لاحتواء الموقف، دون أن تعتذر مباشرة للنائبة إيهان عمر وهو ما رفضته النائبة المسلمة عن ولاية مينيسوتا، فيما وصفت وكالة أسوشيتد برس الأمريكيّة، تصريحات بوبيرت التحريضية، بأنها أحدث مثال على قيام مشرعين من الحزب الجمهوري بهجوم شخصي على عضو آخر في الكونغرس وهو اتجاه مقلق ظل إلى حد كبير دون رادع من قبل القادة الجمهوريين في مجلس النواب.

وما ينبغي ذكره، أنّ هجمات الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول عام 2001 في الولايات المتحدة، ساهمت بشكل كبير ما يسمى “الإسلاموفوبيا” في أدبيات السياسة الأملريكيّة وأصبحت حجة وذريعة واهية للاعتداء على المسلمين ومعاداتهم، بخطاب جديد مكرّس بشكل علني تحت مسمى “مكافحة الإرهاب”، في الوقت الذي يشترك فيه الخطاب الديمقراطيّ والجمهوريّ فيما يتعلق بقضيّة الحرب على الإسلام والمسلمين داخل أميركا وخارجها.

خلاصة القول، وفي ظل التضامن مع إلهان عمر على وسائل التواصل الاجتماعيّ وتعبير المشتركين عن قلقهم على حياتها، ستبقى الولايات المتحدة تتصدر قائمة الدول المعادية للإسلام والمسلمين، رغم كل أكاذيب التعايش مع الديانات والثقافات والأعراق واحترام الأقليات وبالأخص المسلمين، بالتزامن مع السياسات الحكوميّة التي تُوصف بالعدائيّة تجاه الإسلام وكل ما يرتبط به، في رفض أمريكيّ واضح وصريح للتعايش مع القيم الإسلاميّة، يمنع ممارسة القيم الإسلاميّة ويستفز مشاعر المواطنين الأمريكيين المسلمين، ويخدم أصحاب الأفكار المتطرفة، كما يعطي مبرراً للإجرام والعنف والإرهاب، وهذا يتطلب بالفعل تصديّاً إسلاميّاً لتلك السياسات الخطيرة.

الوقت التحليلي