مقالات مشابهة

كيف كشفت الهجمات اليمنية على أبو ظبي نقاط ضعف النظام الإماراتي وهشاشته؟

كشفت الهجمات التي شنتها جماعة الحوثي على العاصمة الإماراتية أبو ظبي عن هشاشة النظام الأمني في الإمارات؛ رغم ادعاءات المسؤولين هناك أن الإمارات تتمتع بنظام دفاع قوي. ففي 17 يناير/كانون الثاني 2022، شنت طائرات بدون طيار تابعة للحوثي عدة هجمات استهدفت منشآت في أبوظبي، نتج عنها مقتل 3 أشخاص، هذا فضلًا عن الدمار الذي خلفته.

واعترفت شرطة أبو ظبي بالخسائر، حيث قالت في بيان لها إن ثلاثة مدنيين قد قُتلوا، وهم مواطن باكستاني وهنديان في الهجوم الذي نُفذ بطائرات بدون طيار ضد منشأة نفطية في منطقة المصفح ومنطقة قيد الإنشاء في مطار أبوظبي الدولي الجديد.

وكما هو معلوم، فقد انخرطت الإمارات في العديد من النزاعات في الشرق الأوسط وحول العالم، بل إنها قد افتعلت كثير من المشكلات التي لم تكن موجودة في الأساس. فقد تدخل النظام الإماراتي في دول الربيع العربي لدعم قادة الثورات المضادة فيها، حيث كان الداعم الأول للانقلاب على، محمد مرسي، أول رئيس منتخب في تاريخ مصر.

كما إن الإمارات ما زالت تدعم مجرم الحرب، خليفة حفتر، في حربه على الديمقراطية في ليبيا، بالإضافة إلى دعمها لانقلاب الرئيس التونسي، قيس سعيد، على الدستور التونسي وبرلمان الشعب. وفي اليمن، فقد نتج عن تدخل الإمارات هناك أكبر أزمة إنسانية في العالم، وفق وصف الأمم المتحدة للمعاناة التي يعيشها الشعب اليمني، بسبب الحرب المستمرة منذ عام 2015.

التدخل في مشكلات أكبر من حجمها

ولسنوات مضت، حذر متابعون كُثُر النظام الإماراتي، بقيادة ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، من أنه يتدخل في مشكلات ومعضلات في المنطقة لا تناسب حجمه وإمكانياته. حتى إن مسؤولين حكوميين وجهوا رسائل إلى نظام أبو ظبي، تحمل المعنى ذاته، حيث هاجم رئيس البرلمان التركي، مصطفى شنطوب، الإمارات في السابق، معتبرًا أنها تلعب أدوارًا أكبر من حجمها.

وقال “شنطوب” تعقيبًا على تصريحات وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية حينها، أنور قرقاش، هاجم فيها تركيا: “توجد دولة تدعى الإمارات العربية المتحدة، خرج وزير خارجيتها ليطالب تركيا بعدم التدخل في الشؤون الداخلية العربية”.

وأضاف: “إن صح التعبير فإن دولًا وظيفية قامت في بعض المناطق في أعقاب الحربين العالميتين الأولى والثانية، تعمل بعض الدول الإمبريالية لتنفيذ عملياتها بواسطة هذه الدول، إحداها تلك الدولة التي يطلق وزير خارجيتها تصريحات تتجاوز حجمها”، مؤكدًا أن “أدوات القوى الأجنبية في المنطقة لن يكون لهم أي فائدة أو دور في خلق حلول لمشاكل الدول الإسلامية ودول الشرق الأوسط”.

لكن رغم هذه التحذيرات، فقد استمر ابن زايد في حشر أنف الإمارات في كل قضايا المنطقة، متجاوزًا بذلك قوانين الدول التي تمنع التدخل الخارجي، والأعراف الدبلوماسية، بل ومتجاوزًا قدرة نظامه نفسه على التدخل في كل هذه الملفات والمعضلات.

الإمارات تلعب لعبة أكبر منها

وتأتي الهجمات الحوثية الأخيرة على قلب الإمارات وعاصمتها لتذكر نظام ابن زايد بحقيقته الهشة، وأنه مهما بلغ من تحكم واستبداد، فإن ذلك لن يمكنه من لعب الدولة العظمى، وذلك ببساطة لأن دولته لا تملك الإمكانيات التي تؤهلها لذلك.

في هذا السياق، قال أندرياس كريج، المحاضر البارز في كلية الدراسات الأمنية في كينجز كوليدج لندن، إن “هذا الهجوم يذكر قادة الإمارات العربية المتحدة أنهم كانوا يلعبون لعبة قوة عظمى في المنطقة”، مضيفًا أن هجوم الحوثي جعل الدولة الخليجية تدرك أنها “في الأخير دولة صغيرة لديها الكثير من نقاط الضعف”.

وأكد “كريج” أن هذا الحادث “هو أكبر ضرر يلحق بسمعة الإمارات، التي صورت نفسها دائمًا على أنها دولة آمنة للتجارة والأنشطة الاقتصادية”. وذلك رغم تقليل أنور قرقاش، المستشار في الرئاسة الإماراتية، من خطورة هذا التطور النوعي في الهجمات على أمن البلاد.

وأضاف كريج أن “كل مغامرات السياسة الخارجية [الإماراتية] أوضحت أنهم معرضون تمامًا للتهديدات غير التقليدية وغير المتكافئة من مجموعات مختلفة يجابهونها في جميع أنحاء المنطقة”. فعلى الرغم من الادعاء بأن لديها دفاعات جوية أكثر تطورًا في المنطقة ، فقد هبطت طائرة بدون طيار من اليمن في موقع استراتيجي في أبو ظبي، وألحقت به الضرر.

وأردف: “لقد جلبت عليهم مغامراتهم انعدام الأمن الذي نشاهده… حيث عادت الحروب التي لم تنته لتطاردهم”.

خوف إماراتي من إيران

بدوره، قال مارك أوين جونز، الأستاذ المساعد لدراسات الشرق الأوسط بجامعة حمد بن خليفة، إن “إن (الهجوم) يقوض سمعة الإمارات بشكل كامل كبلد مستقر، خاصة فيما يتعلق بالسياحة والتمويل والتجارة، كما أنه ألقى بظلال من الشك بشكل واضح على قدرتها على بناء محطة للطاقة النووية”. في إشارة إلى طموحات الإمارات في مجال الطاقة النووية.

وأكد “جونز” أن هجوم الحوثيين الأخير “سيضع مزيدًا من الضغط على الإمارات للسعي إلى التقارب مع إيران”، وذلك بسبب عدم تكافؤ القوى بين الطرفين، في ظل خوف النظام الإماراتي من نظيره الإيراني، الداعم الأول لجماعة الحوثي في المنطقة.

ويبدو أن هناك اتفاقًا بين المحللين على أن الإمارات لن تستطيع الرد على هجوم الحوثي، حيث إنها ترغب في عدم التصعيد مع إيران. حيث قال مايكل هورويتز، وهو محلل جيوسياسي وأمني في Le Beck International، وهي شركة استشارية تركز على الشرق الأوسط، إنه “من المرجح أن تلجأ الإمارات إلى خفض التوتر مع إيران”.

لكن في المقابل، يبدو أن هذا الهجوم لن يكون الأخير من نوعه ضد الإمارات، فقد نقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية (إرنا) عن عضو المكتب السياسي لجماعة الحوثي عبدالوهاب المحبشي القول إن “بنك الأهداف في الإمارات لا يزال حقلًا واسع الفرص بالنسبة للجيش في اليمن”، وحذر من أن”الرد على الإمارات بدأ وسيستمر ما لم تعلن تغيير سياستها وتباشر سحب يدها من الشأن اليمني”.

تم نقله حرفياً من المصدر: العدسة