مقالات مشابهة

ضمانات عُمانية لصنعاء سهّلت تمديد الهدنة

من المنتظر أن يدعو مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، الأطراف اليمنيين إلى مفاوضات جديدة تتعلّق بالملفّ الاقتصادي، ستنعقد في العاصمة الأردنية عمّان الأسبوع المقبل، وفق ما أفاد به مصدران مطّلعان في صنعاء لجريدة الأخبار ذلك أن «أنصار الله» لم تُوافق على تمديد الهدنة إلّا بعد أن حصلت على ضمانات إقليمية – عُمانية خصوصاً – وأممية بالشروع في مفاوضات عاجلة للاتفاق على آلية لصرف المرتّبات من دون انقطاع.

وأشار المصدران إلى أن المقترح الذي سبق لصنعاء أن تَقدّمت به قبل نحو شهر، أضيفَت إليه بعض البنود من قِبَل غروندبرغ، وعُرض على الأطراف كافة كإطار جديد للسلام، وخارطة طريق لبناء الثقة، وصولاً إلى اتفاقية موسّعة قد تفضي إلى وقف كلّي لإطلاق النار، واستئناف العملية السياسية.

وبعدما عرض غروندبرغ تمديد الهدنة لستّة أشهر، جرى التوافق على التمديد لشهرَين فقط، خاصة أن «المجلس الرئاسي» في عدن أبلغ الأمم المتحدة التزامه بصرف رواتب الموظّفين المدنيين فقط وفق كشوفات عام 2014، واستبعد العسكريين الذين يبلغ عددهم 653 ألفاً بحسب الكشوفات نفسها.

واقترح المجلس أن تُدفع معاشات المدنيين العاملين في المحافظات الواقعة تحت سيطرة سلطات صنعاء من إيرادات ميناء الحديدة، رافضاً إدخال إيرادات مبيعات النفط الخام والغاز المنزلي ضمن مصادر الصرف، وهو ما كاد يُفشل الجهود التي بُذلت في الساعات الأخيرة لتجديد وقف إطلاق النار.

لكنّ الوسطاء الإقليميين والأمميين سارعوا إلى إنقاذ الموقف عبر التعهّد لصنعاء بتكثيف النقاشات وتسريعها من أجل الاتفاق على آلية لصرف المرتّبات بشفافية، على أن يتمّ، بعد انتهاء الشهرَين الحاليين، تمديد الهدنة لفترة أطول، في حال التوصّل إلى نجاحات على مستوى تنفيذ البنود السابقة.

رفضت عدن الالتزام بصرف رواتب الموظفين العسكريين الذين يبلغ عددهم 653 ألفاً

ويؤكد محافظ عدن المُعيَّن من قِبَل صنعاء، طارق سلام، أن «سلطنة عُمان واللجنة الرباعية قدّمتا تعهّدات وضمانات تركّزت على تعزيز مسار الهدنة الإنسانية والعسكرية، وتقديم رؤية شاملة لآلية صرف المرتّبات وتعزيز فرص وقف الحرب ورفع الحصار الكامل».

ويضيف أنه «بناءً على الوساطة العُمانية، وافقت حكومة الإنقاذ على تمديد الهدنة لمدّة شهرين فقط، على أن يُكرَّس هذا الشهران لتكثيف خطوات إعادة بناء الثقة، وإجراءات تطبيع العلاقات السياسية بين اليمن ودول الجوار، على طريق التمهيد لإنهاء الحرب وإحلال السلام الشامل والاعتراف الكامل بسلطة صنعاء».

وعلى رغم الترحيب الأميركي والأوروبي، وكذلك ترحيب حكومتَي صنعاء وعدن، بالتمديد، إلّا أن الإجراء قوبل في الأوساط الشعبية اليمنية بموجة تشاؤم، خصوصاً أن البيان الصادر عن المبعوث الأممي لم يتطرّق إلى آلية تنفيذ ما تمّ الاتفاق عليه بخصوص رواتب الموظفين والمتقاعدين، والموارد التي ستُخصَّص لتغطيتها، وطريقة صرفها.

دفْعةٌ لصفقة التبادل: عُقد الهدنة تتحلحل

لم تتراجع صنعاء عن شروطها السابقة المتعلّقة بمعالجة القضايا الإنسانية والاقتصادية، من أجل الموافقة على تمديد الهدنة. وفي هذا الإطار، شدّد الرئيس المشاط، خلال لقائه الوفد السلطاني العُماني الذي يزور العاصمة اليمنية، على ضرورة «رفع الحصار، ابتداءً بالفتح الكلّي والفوري لمطار صنعاء الدولي وميناء الحديدة، وصرف مرتّبات كلّ موظفي الدولة ومعاشات المتقاعدين»، معتبراً هذه الشروط «مطالب مشروعة لا تنطوي على أيّ تعجيز أو تستدعي تنازلاً من الطرف الآخر».

الوفد العُماني حمل عدة رسائل تطمين إلى صنعاء بشأن تنفيذ بنود الهدنة

من جهتها، أفادت مصادر سياسية في صنعاء،، بأن صنعاء اشترطت أن تُرافق الهدنةَ ضماناتٌ إقليمية ودولية بخصوص تنفيذ بنودها السابقة»، مضيفة أن تلك القيادة «تَعتبر بند الرواتب هو الأكثر أهمّية بعد بنْد فتح الطرقات والمعابر الإنسانية»، لافتةً إلى أن «فتْح هذا الملفّ أثار انزعاج تحالف العدوان ومرتزقته، كونهما يَريان أن التزامها بصرف الرواتب سيضاعف من شعبيّة صنعاء». لكن المصادر نفسها أكدت أن العُمانيين حملوا «رسائل طمأنة إلى صنعاء بشأن الدفْع نحو حلحلة الملفّات الإنسانية والاقتصادية خلال الأسابيع المقبلة».

وفي سياق متّصل، أعلن مكتب المبعوث الأممي، هانس غروندبرغ، مساء أول أمس، تشكيل لجنة مشتركة لتحديد أسماء مَن سيتمّ الإفراج عنهم بموجب صفقة التبادل المعلَنة في آذار الماضي، والتي كانت علمت «الأخبار» أن مفاوضات غير معلَنة جرت في العاصمة الأردنية عمّان حول خطوات تنفيذها، بما يشمل 2223 أسيراً من الطرفَين.

 

في موازاة ذلك، كشفت مصادر مقربة من حكومة المرتزقة في عدن، لـ الأخبار»، أن «المجلس الرئاسي» تعرَّض لضغوط أمريكية وأوروبية خلال الـ72 ساعة الماضية، للقبول بتمديد الهدنة والموافقة على ما جاء في بيان «الرُّباعية الدولية» وعُمان، الأسبوع الماضي في الأردن.

وأشارت المصادر إلى أن «الرئاسي حاول التهرّب خلال الأيام الماضية من مسألة صرف الرواتب، بدعوى عدم امتلاكه موارد كافية، وتأخُّر منحة المليارَي دولار التي كانت وعدت الرياض بتقديمها له في السابع من نيسان».

وأضافت أن المجلس طالب بضرورة تمكينه من الإشراف على الحساب الخاص بإيرادات ميناء الحديدة، ومساهمة الأمم المتحدة والدول المانحة في تغطية العجز، بما يتيح صرف المرتّبات بصورة مستمرّة. لكن العليمي، عاد وأبدى، خلال اتّصال هاتفي مع وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، الذي شدّد، من جهته، على ضرورة القبول بتمديد الهدنة، موافقة مبدئية على طلب صنعاء دفْع المعاشات في مختلف أنحاء البلاد، داعياً في المقابل إلى إلزام الأخيرة بالوفاء بتعهّداتها بموجب «اتفاق استوكهولم»، لناحية تخصيص عائدات ميناء الحديدة كافّة لهذا الغرض.

الاخبار اللبنانية