مقالات مشابهة

إضراب مستمر.. مظاهرات مليونية بفرنسا ضد تعديلات ماكرون والشرطة تظهر وحشيتها

تحدثت نقابة الـ”سي جي تي” (CGT) الفرنسية، اليوم الثلاثاء، عن أنّ 2 مليون فرنسي شارك في التظاهرات في مختلف المناطق الفرنسية. وأفادت وزارة الداخلية الفرنسية بأنّ نحو 740 ألفاً شاركوا في احتجاجات فرنسا اليوم.

وبحسب مصادر في باريس، شملت التظاهرات اليوم 240 مدينة، وبعضها كان حاشداً في المدن الكبرى مثل مارسيليا وليون، فيما تحدثت الشرطة الفرنسية عن نحو 100 ألف متظاهر في باريس.

وأشارت المصادر إلى اندلاع مواجهات مع عناصر الشرطة خلال تظاهرات باريس، في ظلّ استخدام الشرطة الغازات المسيّلة للدموع، لافتاً إلى أنّ النقابات الفرنسية، دعت إلى اليوم الحادي عشر من “الإضراب والتظاهر” يوم الخميس المقبل.

وبدعوةٍ من النقابات العمالية، نزل الفرنسيون مجدداً، اليوم الثلاثاء، إلى الشوارع استكمالاً لمسلسل الاحتجاجات ضد تعديل نظام التقاعد، فيما تأثر قطاعا النقل والتربية بهذه الإضرابات إلى حد كبير.

وتشهد فرنسا يوماً عاشراً من التظاهرات، ضدّ التعديل، الذي تقابله معارضة شعبية كبيرة، في جوّ من التوتر المتنامي وسط ازدياد أعمال العنف التي تعمل الحكومة على تهدئتها، لكن من دون جدوى حتى الآن.
القوات الفرنسية تظهر وحشيتها

شرطة فرنسا الأعنف في أوروبا

وفي سياقٍ متصل، كشفت صحيفة “لو موند” الفرنسية، أنّ عنف الشرطة في فرنسا قد يكون الأقسى في أوروبا.

ووفق الصحيفة، بينما كانت معظم قوات الشرطة في أنحاء أوروبا تتعامل مع المتظاهرين بضبط النفس، كانت في المقابل القوات الفرنسية تظهر وحشيتها، وهذا مبني على فكرة أنّ فرنسا أنشأت ومنذ العام 1789 نموذجاً ناجحاً للشرطة في أوروبا.

ومن وجهة نظر المتظاهرين الفرنسيين يتم التنديد بعنف الشرطة، ولكن من وجهة نظر علماء العلوم الإجتماعية يتم استحضار الشخصية “المواجهة” لعناصر الشرطة، وذلك كي يستطيعوا السيطرة على المتظاهرين بذكاء، في إشارة إلى ملاحظات عالم الجريمة البريطاني مايك هوغ.

وأضاف الموقع أنه على الرغم من أنّ الصياغة الدقيقة لكلمات هوغ مختلفة، إلا أنّ المتظاهرين وعلماء الاجتماع يتوصلون إلى نفس الملاحظة: “من التدافع في استاد فرنسا إلى المواجهات مع السترات الصفراء، إلى جانب المشاجرات خلال المظاهرات ضد قانون العمل، على مدار العشرين عاماً الماضية، غالباً ما تمكنت الشرطة الفرنسية من إدارة الاحتجاجات بوحشية”.

وفي كتاب “Politiques du désordre” (سياسة الفوضى، 2020)، اعتبر عالما الاجتماع أوليفييه فيليول وفابيان جوبارد أنّ الأساليب القاسية المستخدمة في تشرين الثاني/نوفمبر 2019، في مواجهة حركة السترات الصفراء أعادت تشكيل نموذج للشرطة والذي اعتبر “نموذج لنهاية القرن التاسع عشر”.

كما أشار الموقع إلى أنّ هذه القوّة الفرنسية تتناقض مع حركة “خفض التصعيد” التي بدأت في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين في السويد والدنمارك وهولندا وإنكلترا وسويسرا والبرتغال وألمانيا.

ولفت إلى أنّ هذه القوة مستوحاة من مركز أبحاث حول إدارة الحشود المحتجة التي جمعت اثنتي عشرة دولة أوروبية، مؤكداً أنه “تم تجاهل هذا التحول العقائدي بعناد من قبل فرنسا لمدة عشرين عاماً”.

وعاشت فرنسا “عزلة رائعة”، وفقاً لفيليول وجوبارد، تغذيها القناعة بأنّ فرنسا بنَت، في القرنين التاسع عشر والعشرين، أنجح نموذج للشرطة في الغرب.

الاحتجاجات الفرنسية تهدد بالانتشار إلى أوروبا

وفي السياق، ذكر موقع “UNHERD” البريطاني، أنّ ما تشهده فرنسا قد يكون بدايةً لاضطراب اجتماعي أكبر بكثير في جميع أنحاء أوروبا في الأشهر المقبلة.

وأشار الموقع إلى أنّ استطلاعاً للرأي أُجري على مستوى أوروبا في تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي أظهر أنّ غالبية الناخبين في أكبر أربع دول في أوروبا، توقعوا اضطرابات اجتماعية واحتجاجات عامة في الأشهر المقبلة، بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة.

ولفت الموقع إلى أنّ تكاليف المعيشة ارتفعت في جميع أنحاء أوروبا، مدفوعةً بأزمة طاقة ناجمة عن العقوبات الغربية ضد روسيا، مضيفاً أنّ أسعار الكهرباء ارتفعت في كانون الثاني/يناير بنسبة 15% في فرنسا، ولولا الدعم الحكومي لكانت قد تضاعفت.

في غضون ذلك، سجلت واردات الغاز إلى أوروبا هذا العام أدنى مستوياتها التاريخية. وحلّ الغاز الطبيعي المسال محل بعض الغاز الروسي، لكن ليس بدرجة كافية، وهذا يشير إلى أنّ أوروبا أمام شتاءٍ قاسٍ، من المحتمل أن يكون أصعب بكثير من السابق، بحسب الموقع.

يُشار إلى أنّ العواصم الأوروبية تواجه سخطاً شعبياً وغضباً ضد الحرب في أوكرانيا بسبب الانغماس في مستنقع العقوبات على روسيا وحظر استيراد الغاز، ويشتكي الأوروبيون من تأزم الأوضاع المعيشية ويطالبون قادتهم بحلول سريعة.