مقالات مشابهة

الحرب الكبرى.. نهاية النزاع المحسومة

ما بات مؤكداً في ظل ما تشهده منطقة الشرق الأوسط، أن المنطقة على موعد مع حرب كبرى بين قوتين كبيرتين، محورين يكاد لا ينقضي يوم إلا وكان السباق إلى تعاظم قوتهما وغلبة أحدها على الآخر معنوياً وإعلامياً قبل وقوع المعركة، هو المشهد المتصدر والعنوان الأبرز، حرب وجودية قد يبدأ اشتعال فتيلها بين متصدّري المشهد على الساحة الحدودية، تحديداً الحدود اللبنانية الفلسطينية، بين رأس حربة محور المقاومة “حزب الله” من جهة، وموطئ قدم الغرب في الشرق الأوسط ونقطة ارتكازه الرئيسية المتقدمة كيان الاحتلال الإسرائيلي من جهة أخرى.

وبلمحة سريعة على تاريخ الصراع “الإسرائيلي”، فإن مسار تعاظم القوة لدى جبهة المقاومة و”العدو الإسرائيلي” على حد سواء، هو مسار تصاعدي. ليس صحيحاً القول بأن “إسرائيل” تضعف، بل الصحيح أن نمو قوة جبهة المقاومة مضاعف بالنسبة لنمو قوة “إسرائيل” في الأربعة عقود الماضية. وهذا النمو المتسارع والمضاعف لقوة محور المقاومة وقدرته على محاكاة أحدث الأنظمة العسكرية والاستفادة بقدر كبير من العديد من التجارب، واتباع سلوك السرية والمفاجآت، بالإضافة إلى قدرة قاداته وضباطه على تنفيذ تكتيكات ناجحة في شتى الميادين التي فُرضت عليه، دفاعا وهجوما، كلها أسباب في تطوير قواعد اللعبة بين المحور والكيان المؤقت على مدى سنوات، كانت نتيجتها في النهاية قيام ما يسمى بـ “ميزان الردع”.

المشروع “الإسرائيلي” المتمثّل بعبارة [من النيل إلى الفرات] صار حلماً، بل ضرباً من الخيال في ظل وجود قوى مجابهة تقف سداً منيعاً في وجه التوسع الاستيطاني حتى لا يصير العالم العربي بين النيل والفرات، وبدعم غربي، فلسطين محتلة كبرى. لكن ما لا يقبله العقل “الإسرائيلي” هو انتفاء وجوده واقتلاع جذور ما يحاول بناؤه تحت عنوان “دولة إسرائيل”. لذا، تحوّل الخطاب “الإسرائيلي” من خطاب هجومي بنية السيطرة وقضم الأراضي إلى خطاب هجومي يحمل في طياته مسؤولية الدفاع عن “إسرائيل”.

إحدى الرسائل التي يوجهها قادة العدو في خطاباتهم وجولاتهم على الحدود مع لبنان “سنعيد لبنان إلى العصر الحجري”، نفسها أطلقها امين عام حزب الله في ذكرى انتصار تموز قبل أيام مهددا بها “إسرائيل” بلهجة تملؤها برودة الأعصاب والثقة. ويعلم قادة العدو مدى جدية تهديد السيد نصر الله ومدى قدرة الحزب على إلحاق الضرر بكيانهم ومدى الخطورة على واقع وجودهم في ظل قوة محور المقاومة، لذا بدأت تقديرات محللي الشؤون “الإسرائيلية” واعلاميين وسياسيين “إسرائيليين” تُنشر في تقارير حول ما ستواجهه “إسرائيل” في حال اندلاع الحرب.

أبرز ما ورد من تقارير، القدرة الاستيعابية للملاجئ التي ستستقبل لاجئين، تقدير ما يقارب ثلاثة آلاف إلى خمسة آلاف من الصواريخ التي ستطلق يوميا على “إسرائيل” بين صواريخ دقيقة وغير دقيقة، آلاف الطائرات الانتحارية يوميا، تحول سلاح الجو إلى هدف استراتيجي لمحور المقاومة، تخلف الجنود عن الالتحاق والمشاركة في المعركة، تدمير البنى التحتية “الإسرائيلية”، هروب أعداد هائلة من المستوطنين خارج الكيان، دخول قوات الرضوان إلى الأراضي الفلسطينية واحتلال مواقع “إسرائيلية”، الحرب الإلكترونية، قدرات الدفاع الجوي على التصدي للعدد الهائل من الصواريخ، مشاركة قوات غير حزب الله في المعركة، الدعم الغربي في ظل الحرب الروسية الأوكرانية، المواجهات في الداخل مع الفصائل الفلسطينية، اتساع رقعة الخطر على كافة الأراضي الفلسطينية، القدرة على الصمود.

في كل العناوين المذكورة يلتمس العدو ضعفه وعجزه على معالجة بعضها إذ تشكل خطراً كبيراً على وجوده، خاصة صواريخ الحزب الدقيقة ومسيّراته الانتحارية، كما أنه يعلم تماما أن في حال اندلاع الحرب، سيطرق العصر الحجري باب لبنان، لكن من سيطرق باب “إسرائيل” هو الفناء. بالمقابل، محور المقاومة مصمم على إزالة “إسرائيل” من الوجود مهما كانت الأثمان، وبالتالي هو جاهز للحرب في حال سارت الظروف بالمنطقة نحوها.

إن كل يوم تبعد فيه المواجهة، فإن المحور يرص صفوفه ويشحذ سيفه بانتظار أن يستله من غمده ويقطع به رأس المشروع الأميركي في المنطقة. إن انتفاء وجود الكيان الصهيوني بالنسبة لمحور المقاومة بات أمرا مسلّماً به، وهو ما يدركه قادة العدو والقادة الأميركيون وهو ما يدفعهم لانتهاج سياسات التطبيع لجعل الكيان الصهيوني على قدر من المقبولية كدولة من دول المنطقة وحركات المقاومة حركات إرهابية تزعزع أمنها، إلا أن المواجهة العسكرية واقعة لا مفر منها، شعار المقاومة فيها [الموت أولى من ركوب العار].

ـــــــــــــــــــــــــ
فؤاد محسن