مقالات مشابهة

“حرب التجويع” التي ينتهجها كيان العدو الإسرائيلي ضد قطاع غزّة

قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إن جيش الاحتلال الاسرائيلي صعّد في الساعات الماضية من “حرب التجويع”، التي يمارسها بحق المدنيين في قطاع غزة. وأكد المرصد، في بيان صحفي، أن الاحتلال يستخدم الحصار والتجويع للمدنيين كأداة للإخضاع، في إطار حرب متواصلة للأسبوع الخامس على التوالي.

وأضاف أن “حرب التجويع” اتخذت مسارات خطيرة بما في ذلك قطع كل الإمدادات الغذائية وقصف وتدمير المخابز والمصانع والمتاجر الغذائية ومحطات وخزانات المياه. وتابع: تعمد “إسرائيل” في الساعات الأخيرة تركيز هجماتها باستهداف المولدات الكهربائية ووحدات الطاقة الشمسية التي تعتمد عليها منشآت تجارية ومطاعم ومؤسسات مدنية في الحفاظ على الحد الأدنى الممكن من عملها.

وطال قصف الاحتلال المنطقة الزراعية شرقي غزة، ومخازن الدقيق، وقوارب الصيادين، ومراكز التموين للمنظمات الإغاثية، لاسيما وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، أكبر مصدر للمساعدات الإنسانية في القطاع، كما جاء في بيان المرصد.

وحذّر الأورومتوسطي من “انفجار وشيك في وفيات الأطفال في غزة إذا لم يتحرك العالم سريعًا”، وتابع: سجلت غزة خلال اليومين الماضيين ارتفاعًا مهولاً في عدد الأطفال المصابين بسوء التغذية الحاد الذين يحتاجون لتلقي رعاية طبية. وقال: يعتقد أن سوء التغذية كان يصيب 70% من أطفال قطاع غزة بفقر الدم وضعف المناعة قبل الحرب الإسرائيلية الحاصلة، فإن الأورمتوسطي يقدر بأن العدد المذكور ارتفع إلى أكثر من 90% بفعل السياسة الإسرائيلية غير المسبوقة.

وكشف أن 52,500 رضيع في غزة حاليًا يواجهون خطر القتل والجوع والجفاف ومخاطر الاكتظاظ، في وقت توجد نحو 55,000 حامل في غزة منهم 5,500 ألف ولادة متوقعة هذا الشهر. وقال إن “عدوان الاحتلال وتعطيل المرافق الصحية المتضررة أو غير العاملة، ومستويات النزوح الهائلة، وانهيار إمدادات الغذاء والمياه والكهرباء، يهدد الأمهات والأطفال حديثي الولادة بشدة.”

وأضاف: مخاطر سوء التغذية كانت مرتفعة بشدة بين النساء الحوامل، مما كان له تأثيرًا كبيرًا على بقاء الأطفال ونموهم، ومع تفاقم إمكانية الحصول على الغذاء والماء، تكافح الأمهات من أجل إطعام أسرهن ورعايتها، مما يزيد من مخاطر سوء التغذية والمرض والوفاة. وأشار إلى أن 2% فقط من المساعدات والإمدادات الغذائية سمح الاحتلال حتى الآن بإدخالها إلى قطاع غزة، عبر معبر رفح مع مصر، في وقت “تتجاهل دعوات المنظمات الدولية بضرورة إدخال الغذاء والماء والوقود وغيرها من الضروريات من دون قيود”، كما جاء في البيان.

واكمل: رغم السماح بدخول الكمية المحدودة من المساعدات الغذائية، فإنه لم يتم تسليم أي واردات غذائية تجارية، ما يجعل سكان قطاع غزة البالغ عددهم زهاء 2.3 مليون نسمة في حاجة ماسة إلى الغذاء في ظل فرض نهج العقاب الجماعي عليهم. وأضاف: جرى توزيع الإمدادات الغذائية المحدودة التي تدخل من مصر في المقام الأول على النازحين والأسر المضيفة في جنوبي قطاع غزة، مع توفير الدقيق فقط للمخابز، فيما يتم منع أي وصول للمواد الغذائية إلى مدينة غزة وشمالها.

وتشير تقديرات برنامج الأغذية العالمي إلى أن المخزونات الحالية من السلع الغذائية الأساسية ستكون كافية لأربعة أيام على الأكثر قبل أن تنفد بشكل نهائي، في وقت أصيبت الحركة التجارية بالشلل بسبب الدمار واسع النطاق، وانعدام الأمن، ونقص الوقود.

وأكد أن الحصول على الخبز في قطاع غزة بات يشكل “تحديًّا وجوديًّا”، وأوضح: لا تزال المطحنة الوحيدة العاملة في غزة غير قادرة على طحن القمح بسبب نقص الكهرباء والوقود. وقد تم قصف وتدمير 11 مخبزًا منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، أما تلك التي ما تزال تعمل، فإنها تواجه تحديات شديدة بسبب نقص الضروريات مثل الدقيق والوقود.

ونبه الأورومتوسطي إلى أن “توزيع المساعدات الغذائية للنازحين في شمال غزة توقف بشكل شبه كامل خلال الأيام القليلة الماضية، في أعقاب تكثيف العمليات البرية لجيش الاحتلال ما يهدد بمجاعة واسعة النطاق يدفع ثمنها الأطفال على وجه الخصوص”. وأضاف: الوصول إلى المواد الغذائية الأساسية مثل الدقيق والزيت والسكر في بعض المستودعات التي لم يتم تدميرها يمثل محل تحدٍّ هائل بسبب نقص الوقود والطرق المتضررة والمخاطر الناجمة عن الغارات الجوية.

وأكد أن “أزمة انقطاع الكهرباء أدت إلى تعطيل الإمدادات الغذائية من خلال التأثير على التبريد وري المحاصيل”، في وقت فقد أكثر من 15,000 مزارعًا إنتاج محاصيلهم، ولم يتمكن نحو 10,000 من مربي الماشية من الحصول على العلف الكافي، وفقد الكثير منهم حيواناتهم. وذكر أنه “لا يتوفر الآن سوى أقل من ثلاثة لترات من المياه النظيفة للشخص الواحد من أصل 15 لترًا يوميًا كحد أدنى ضروري للأشخاص في حالات الطوارئ الإنسانية الأكثر حدة”.

وقال إن “مخزون المياه المعبأة آخذ في النفاد، وقد ارتفعت تكلفة المياه المعبأة بالفعل إلى درجة أصبحت بعيدة عن متناول أسرة متوسطة في غزة، مع ارتفاع الأسعار إلى خمسة أضعاف في بعض الأماكن بفعل النقص الشديد الحاصل”. وأشار إلى أن الاحتلال تعمد في الساعات الأخيرة قصف آبار وخزانات المياه وإلحاق الضرر بالخدمات التي تقدمها، كان آخرها تدمير بئر المياه وخزان تل الزعتر في شمالي قطاع غزة، واللذان يغذيان أكثر من 70 ألف نسمة.

وتقول سلطة المياه الفلسطينية إن إنتاج المياه في غزة يبلغ الآن 5% فقط من إجمالي إنتاجه الطبيعي، ومن المتوقع أن ينخفض أكثر، ما لم يتم تزويد مرافق المياه والصرف الصحي بالكهرباء أو الوقود لاستئناف نشاطها.