مقالات مشابهة

حقيقة تفكيك دعاية “السلاح الإيراني المُهرّب إلى اليمن”

قبل تفكيك “دعاية” تهريب أسحلة إيرانية إلى اليمن، تجدر الإشارة إلى مبدأين:
ـ الأول: أن تجريم السلاح الإيراني مسألة تتعلق بالولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوروبية وليس لها علاقة بالقوى والاحزاب وحتى الدول التي لا تؤمن بهذه النظرية وترفض فرض هذا المنطق على الجميع
ـ الثاني: أن التحرر من الهيمنة والنفوذ الأمريكي والغربي يقتضي بناء تحالفات تلتقي عند الهدف نفسه وهذا المبدأ لا يعطي قيمة للدعاية التي تشيطن كيانات متحالفة تتصارع والسلوك الأمريكي في المنطقة وهو جزء من طبيعة الصرعات البشرية.

التحالف الذي شاركت واشنطن ولندن في تأسيسه بقيادة الرياض لاسقاط ثورة أنصار الله وحلفائهم القبليين والسياسسين في اليمن الذين أسقطوا في سبتمبر 2014 نظاما كانت أمريكا ومجموعة اقليمية ودولية في طور تكوينه بعد 2011 “واخترعوا” ما تسمى المبادرة الخليجية كآلية لذلك, استند إلى تعريف قاصر للحركة، كجماعة قوية محليا بقدرات لا تتجاوز السلاح الفردي والمتوسط، غير قادرة على مجابهة تحالف اقليمي ودولي.

وسرعان ما تفقد تحالفها الحديث لصالح جيش محلي مسنود بغطاء جوي ناري كثيف، لقد تم استبعاد وجود عقول عسكرية وخبرات، قادرة على التعامل مع المنظومة الصاروخية الموروثة من النظام القديم حتى لو كانت هشة والتأسيس لمرحلة جديدة والبحث عن خيارات بينها المناورة ريثما تهتدي عقول عسكرية لفكرة ما تتعلق بالتصنيع العسكري.

ومن اللافت أيضا أن التحالف لم يدرس الحالة العقلية والفكرية والسياسية وحتى العسكرية لقائد الحركة وقائد الثورة حين ذاك السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، على الرغم ان انتصاره على النظام في 6حروب متتالية كان يجب أن تقيّم بجدية، وهي محطة مهمة عند البحث التأريخي لتطور الحركة.

لقد اخذت الفكرة سريعا من خصومة الذين كانوا يعزون انتصاراته في حروب غير متكافئة إلى صراع داخلي بين صالح ومحسن ( الرجلان باتا الآن ماضيا منسيا بسبب الاحداث الكبيرة التي حدثت في اليمن خلال العقد الفائت ).

وعندما ولدت “دعاية ” السلاح الايراني المهرب كان ذلك بعد 6 أشهر من الاخفاق العسكري للتحالف، والفكرة قادمة من الكفر بقدرة العقول العسكرية اليمنية على الانتاج التصنيعي حتى بالاستفادة من خبرات ونماذج خارجية وليس بالضرورة ان تكون ايرانية.

وهو  كفر نابع من موروث استعلائي مهيمن على سلوك السعودية منذ مابعد 1962 تتعارض الدعاية “السلاح الايراني المهرب” مع ثلاثة استفسارات دقيقة:

ـ هل يمكن أن يتم تهريب صواريخ باليستية مختلفة المدايات وطائرات مسيرة بشكل مستمر مع صعوبة التعامل مع أسلحة ثقيلة لا تتشابه مع تهريب السلاح الخفيف والمتوسط؟
ـ هل يمكن لحركة أنصار الله وحلفائهم والنظام الذي تكون في صنعاء أن يعتمدوا في حرب مفتوحة ومتطورة على التهريب؟

يتعارض ذلك مع ثقتهم المبكرة بدفع التحالف نحو الفشل وقد عرض عليهم أن يكونوا جزء من “مستقبل” اليمن بينما كان التحالف لا يقبل بأقل بهزيمة مذلة لهم.
ـ أليس التحالف يفرض حصارا بريا وبحريا وجويا محكما وبالكاد يسمح لبعض السفن التي تحمل إغاثة بعد تفتيشها في موانئ جدة وأحيانا في موانئ جيبوتي؟

العقل والمنطق يقولان أن انتاجا عسكريا صاروخيا وأقل واكثر منه يجري في اليمن، وأنه لا يمكن لأي قوة أن تخوض حربا مفتوحة دون أن يكون لديها خط انتاج عسكري محلي يواكب تطور مستويات الحرب، ينطبق هذا على كل محور المقاومة من حزب الله إلى حماس إلى اليمن، بالتالي تتضائل فرص تصديق الدعاية “سلاح إيراني مهرب”.

هذه الاستفسارات تحضر الآن بقوة أكثر مع العمليات اليمنية في البحر الأحمر والعربي ومؤخرا المحيط الهندي وهذا التطور غير المسبوق في مواجهة تحالفات بحرية أمريكية واوروبية بدأت تعترف بصعوبة المواجهات مع اليمن.

يحضر مع الاستفسارات العقل والمنطق لتفكيك إيعاز فشل التحالفات في حماية السفن الامريكية والبريطانية والاسرائيلية بوجود تهريب صواريخ وطيران مسير من إيران.

في الواقع هو هروب من الاعتراف بمتغيرات في اليمن تجعل من هذه الدولة التي حبست بالهيمنة الامريكية لعقود، دولة مؤثرة على المستوى العسكري وتعتمد على ترسانة صاروخية محلية التصنيع والخبرات وقيادة شجاعة ومتحررة ودعم شعبي واسع، وتجربة طويلة في الحرب مع تحالفات خارجية استخدمت هذه الرباعية في عمليات البحر الاحمر والعربي والمحيط الهندي انتصارا لغزة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــ
طالب الحسني