مقالات مشابهة

الوعد الصادق.. ليلة القصف التي عاشها کيان العدو الإسرائيلي

بعد 12 يوماً من الانتظار للانتقام من الکيان الصهيوني رداً على الهجوم على القنصلية الإيرانية في دمشق، أخيراً، ليلة السبت الماضية، أنهى هذا الانتظار صوت الصواريخ والطائرات المسيرة الإيرانية في سماء الأراضي المحتلة.

الحرس الثوري الإيراني، وانسجاماً مع توجيهات المرشد الأعلى للثورة، لمعاقبة الکيان الصهيوني على مهاجمته للمكاتب الدبلوماسية، وهو ما يعتبر اعتداءً على وحدة أراضي إيران، بدأ مساء السبت عملية “الوعد الصادق” ضد الأراضي المحتلة برمز “يار رسول الله” لتلقين الکيان الإسرائيلي درساً لن ينساه.

قبل الإعلان الرسمي عن بدء العملية الصاروخية والطائرات المسيرة من قبل الحرس الثوري الإيراني، أعلن المسؤولون الأمنيون الصهاينة عن بدء هذه العملية. حيث قال دانيال هاغاري، المتحدث باسم جيش هذا الکيان، إن إيران أطلقت عشرات الطائرات بدون طيار على “إسرائيل”، شوهدت في سماء العراق وستصل إلى “إسرائيل” قريباً. وأكد بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الصهيوني، هجمات الطائرات الإيرانية بدون طيار، وقال للصهاينة: “لقد تعرضنا لهجوم”.

كما أكدت وسائل الإعلام الصهيونية الهجوم الجماعي للطائرات المسيرة الإيرانية باتجاه الأراضي المحتلة، ونشر أهالي المنطقة على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً وفيديوهات، أظهرت سماء العراق وسوريا والأردن مغطاةً بالصواريخ والطائرات المسيرة الإيرانية.

ومنذ البداية، حاول قراصنة المقاومة أيضًا تعطيل أنظمة الدفاع الإسرائيلية، وتحدثت وسائل الإعلام الصهيونية عن اختراق مجموعة حنظلة لرادارات الکيان.

وبعد دقائق من بدء العملية، أعلن الحرس الثوري الإيراني في بيان: “رداً على جرائم الکيان الصهيوني العديدة، بما في ذلك الهجوم على القسم القنصلي للسفارة الإيرانية في دمشق، واستشهاد مجموعة من القادة العسكريين والمستشارين لبلادنا في سوريا، ضربت القوة الجوفضائية التابعة للحرس الثوري الإيراني أهدافًا محددةً داخل الأراضي المحتلة، بإطلاق عشرات الصواريخ والطائرات المسيرة”.

شوهدت معظم الطائرات بدون طيار في محافظات نيسان والبصرة والناصرية والسليمانية، وحتى محافظة الأنبار في أقصى غرب العراق والمتاخمة للأردن، وبعد قطع مسافة طويلة وصلت إلى الأراضي المحتلة.

وتم تنفيذ الموجة الثانية من الهجمات من إيران، صباح الأحد، بإطلاق عشرات الصواريخ الكروزية والصواريخ الباليستية. أُطلقت هذه الصواريخ من تبريز وأصفهان وكرمانشاه وإيلام وشيراز وأورومية وأراك باتجاه الکيان الإسرائيلي، وبحسب مسؤولين أميركيين، فقد بلغ مجموعها 200 صاروخ. مرت هذه الصواريخ في سماء العراق وسوريا، ونشرت في الفضاء الإلكتروني صور سعادة شعوب هذه الدول عندما مرت الصواريخ والطائرات بدون طيار.

في هذه العملية المتعددة الأوجه والهجينة، تم استخدام مئات الطائرات بدون طيار والصواريخ الباليستية، وهو أمر غير مسبوق من نوعه. ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤولين إسرائيليين قولهم: إن إيران أطلقت 185 طائرة مسيرة، و36 صاروخ كروز، و110 صواريخ أرض-أرض على “إسرائيل”.

وعلى الرغم من أن الحرس الثوري الإيراني لم يعلن عن تفاصيل الأسلحة المستخدمة في هذه العملية، إلا أن وسائل الإعلام المحلية أفادت أنه تم استخدام صواريخ فتاح وخيبر وسجيل وعماد وقدر، وأنواع أخرى من الصواريخ في هذا الهجوم. وقال مسؤول مطلع في القوات المسلحة الإيرانية، إن هذه العملية تم تصميمها على عدة مراحل، وكل مرحلة ستكون أشدّ خطورةً من المرحلة السابقة حسب الظروف.

ومع وصول الطائرات المسيرة والصواريخ الإيرانية إلى سماء الأراضي المحتلة، دق ناقوس الخطر لأول مرة في هذه المنطقة، وأمضى الصهاينة ساعات في الملاجئ بسبب الخوف. كما أغلق العراق وسوريا ولبنان والأردن والكيان الصهيوني مجالها الجوي لبضع ساعات.

ما هي المناطق التي تم استهدافها؟

رغم زعم السلطات الصهيونية أنها تمكنت بمساعدة حلفائها من اعتراض وتدمير العديد من الصواريخ والطائرات المسيرة الإيرانية، إلا أن شبكة الميادين، من خلال نشر مقاطع فيديو لموقع انفجار الصواريخ الباليستية الإيرانية، أفادت أنه رغم الرقابة الإخبارية المشددة في “إسرائيل”، إلا أن الصواريخ أصابت الأهداف المحددة.

من خلال الرد الصاروخي وبالطائرات بدون طيار علی الکيان الإسرائيلي، كانت إيران تسعى لتحقيق عدة أهداف، بما في ذلك ضرب قاعدة “نيفاتيم” الجوية في جنوب الأراضي المحتلة؛ وهي قاعدة في منطقة صحراء النقب وبالقرب من مدينة بئر السبع، يبلغ طول مدرجها 3400 متر، وهي الحظيرة والقاعدة الرئيسية لمقاتلات إف 35 التابعة للكيان الصهيوني.

تبعد هذه القاعدة عن الحدود الغربية لإيران نحو 1100 كيلومتر، وتظهر الصور المنشورة في وسائل الإعلام وقوع أضرار جسيمة بهذه القاعدة. كانت هذه هي نفس القاعدة التي قيل إن مقاتلات الاحتلال انطلقت منها لاستهداف القنصلية الإيرانية.

كما أفادت وكالة شهاب الفلسطينية للأنباء، أن الصواريخ الإيرانية أصابت قاعدة “رامون” العسكرية في النقب. ويقال إن سبعة صواريخ إيرانية ضربت هذه القاعدة الجوية. يُذکر أن هذه القاعدة محمية بأنظمة “باتريوت” الأمريكية المضادة للصواريخ، لكن يبدو أن هذا النظام الدفاعي لم ينجح في اعتراض الصواريخ الإيرانية.

ونشر مواطنون إسرائيليون مقاطع فيديو لصواريخ وطائرات مسيرة إيرانية تضرب مناطق في الأراضي المحتلة، مما يظهر أنه على عكس ادعاءات مسؤولي الکيان، فقد تحققت أهداف العملية الصاروخية.

وعلى الرغم من أن 10 دول، بما في ذلك بريطانيا وأمريكا وفرنسا، سارعت لمساعدة الصهاينة منذ البداية، لمساعدة تل أبيب في اعتراض وتدمير الطائرات بدون طيار والصواريخ الإيرانية، لكن العديد من الصواريخ أصابت هدفها، وفشل نظام القبة الحديدية في اعتراض الصواريخ، وبحسب مسؤولين أمنيين إيرانيين، أصابت الصواريخ أهدافها.

تحذير السلطات الإيرانية

رغم أن سلطات تل أبيب قالت إنها سترد بشكل حاد على العمليات الإيرانية، إلا أن مسؤولين إيرانيين كبار حذروا قادة الاحتلال من التوقف عن المغامرة لتجنب المزيد من التوترات في المنطقة.

وقال مندوب إيران الدائم لدى الأمم المتحدة عن العمليات الصاروخية الإيرانية: إن “الرد العسكري الإيراني استند إلى المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة المتعلقة بالدفاع المشروع، رداً على عدوان الکيان الصهيوني على مقارنا الدبلوماسية في دمشق. يمكن اعتبار الأمر منتهيًا. ومع ذلك، إذا ارتكب الکيان الإسرائيلي خطأً آخر، فإن رد إيران سيكون أكثر حدةً بشكل ملحوظ. وهذا صراع بين إيران والکيان الإسرائيلي المتمرد، والذي ينبغي لأمريكا أن تبتعد عنه”.

كما أبلغت وزارة الخارجية الإيرانية الأمم المتحدة بانتهاء عمليات الحرس الثوري الإيراني، وقالت إن استهداف المراكز العسكرية في “إسرائيل” تم بما يتماشى مع الدفاع المشروع عن النفس، ومن وجهة نظر الجمهورية الإسلامية انتهى كل شيء، لكن إذا استمر الکيان الصهيوني في مغامرته، فسوف ترد إيران عليه بقوة.

وقال اللواء علي باقري، رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية: تمت عملية الوعد الصادق التي تحمل الاسم الرمزي “يا رسول الله” بنجاح تام، وتحققت جميع أهدافها. وكان سبب هذه العملية هو تجاوز الکيان الصهيوني للخطوط الحمراء، وهو ما لا يمكن التسامح معه بأي شكل من الأشكال. إن قيام الکيان الصهيوني باستهداف القسم القنصلي لسفارة جمهورية إيران الإسلامية واستهداف المستشارين القانونيين لبلدنا، الذين كانوا موجودين بشكل قانوني في ذلك البلد بدعوة من الحكومة السورية لمحاربة الإرهاب، تجاوز للخطوط الحمراء.

وأضاف باقري: “نرى أن هذه العملية حققت نتائجها بالکامل، وفي رأينا أن هذه العملية انتهت ولا توجد نية لاستمرار هذه العملية. ولكن إذا اتخذ الکيان الصهيوني إجراءً ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، سواء على أراضينا أو في مراكزنا في سوريا أو في أي مكان آخر، فإن عمليتنا القادمة ستكون أكبر بكثير من هذه العملية”.

ورداً على سؤال حول ماذا سيكون رد إيران إذا أرادت الحكومة الأمريكية التعاون مع الکيان الصهيوني ضد إيران، قال اللواء باقري: لقد نقلنا هذه الرسالة إلى الولايات المتحدة عبر السفارة السويسرية، مفادها أنه إذا شاركت الولايات المتحدة في الأعمال العدوانية القادمة للصهاينة من خلال القواعد والمنشآت العسكرية الموجودة لديهم في المنطقة، وتأكدت هذه المعلومات لدينا، فإن القواعد والأفراد والمنشآت الأمريكية في المنطقة لن تكون آمنةً، ونحن نراها معتديةً وسنتعامل مع أمريكا أيضاً.

كما صرح اللواء حسين سلامي، القائد العام للحرس الثوري الإسلامي، في مقابلة تلفزيونية حول رد إيران القاسي على جرائم الکيان الصهيوني: قررنا إنشاء معادلة جديدة مفادها أنه من الآن فصاعداً، كلما اعتدى الکيان الصهيوني على مصالحنا وشخصياتنا ومواطنينا، سنرد عليه من جمهورية إيران الإسلامية. وتعدّ عملية “الوعد الصادق” مثالاً بارزاً وواضحاً جداً على هذه المعادلة الجديدة.

وأكد القائد العام للحرس الثوري الإيراني: على الکيان الصهيوني أن يتوقف عن سلوكه الماضي ويتعلم الدرس من هذه الخطوة. وإذا ردّ هذا الکيان بأي شكل من الأشكال، فمن المؤكد أن رد فعلنا سيكون أكثر صرامةً بناءً على هذه التجربة الجديدة التي اكتسبناها.

عمليات متعددة الأوجه

في العمليات الواسعة ضد الأراضي المحتلة، لم تكن إيران وحدها، بل شاركت أطراف أخرى من محور المقاومة في الهجوم على الکيان الصهيوني. وفي هذا الصدد، في الوقت الذي حلقت فيه الطائرات الإيرانية بدون طيار، استهدف حزب الله اللبناني مناطق في الجليل ومرتفعات الجولان بعشرات الصواريخ والطائرات المسيرة. وأكد حزب الله أنه هاجم نظام القبة الحديدية بطائرات مسيرة انتحارية.

من ناحية أخرى، أفادت شركة للأمن البحري أن جماعة أنصار الله اليمنية بدأت بإطلاق طائرات مسيرة باتجاه الأراضي المحتلة، بالتزامن مع انطلاق الطائرات المسيرة من إيران. وتضامناً مع الفلسطينيين في غزة، كثفت أنصار الله عملياتها ضد الکيان الصهيوني وحلفائه، خاصةً من خلال مهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

في غضون ذلك، قال مصدر أمني لـ”العربية”، إن مجموعات عراقية نفذت أيضاً هجوماً بطائرات مسيرة من منطقتي عكاشات والرطبة باتجاه “إسرائيل”. وأعلنت كتائب حزب الله العراقي في بيان لها بدء العملية ضد “إسرائيل”، وحذرت الأمريكيين من أنهم إذا ساعدوا الاحتلال، فسوف يستهدفون مواقع القوات الأمريكية.

ولاقت العمليات الإيرانية الواسعة ضد الأراضي المحتلة، ترحيباً من فصائل المقاومة الفلسطينية. حيث أعلنت حركة حماس أن الهجوم العسكري الإيراني على الکيان الصهيوني، هو حق طبيعي ورد مناسب على جريمة الکيان الصهيوني باستهداف مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق، وهو يستحق التقدير.

وأصدرت لجان المقاومة الفلسطينية بياناً أعلنت فيه: نهنئ رد إيران على عدوان المحتلين على القنصلية الإيرانية في دمشق. إن ردّ إيران على جريمة الکيان الصهيوني جاء في إطار الدفاع عن النفس الإيراني، وحق الجمهورية الإسلامية غير القابل للتصرف والذي تكفله كافة القوانين والأعراف الدولية.