في مؤشر جديد على الانهيار الأمني والاقتصادي للكيان الصهيوني، واصلت شركات الطيران الأجنبية تمديد تعليق رحلاتها الجوية إلى إسرائيل، في خطوة تُظهر مدى تصاعد التخوفات من التهديدات اليمنية النوعية التي طالت المطارات والمدن العميقة.
ونقل موقع “JDN” العبري عن مصادر محلية أن الهجوم الصاروخي الأخير الذي نفذته القوات اليمنية واستهدف مطار “بن غوريون” الدولي، كان بمثابة رسالة سياسية وعسكرية واضحة، خاصة مع تزامن العملية مع زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للرياض.
وأكد الموقع أن الهدف من الإطلاق هو إيصال تحذير مباشر إلى إدارة ترامب مفاده أن الاتفاق مع الولايات المتحدة لا يعني وقف العمليات ضد “إسرائيل”، وأن اليمن لن يوقف دعمه للشعب الفلسطيني تحت أي ضغوط دولية.
شركات الطيران تنسحب.. والكيان يغرق في الذعر
وأفادت القناة 13 العبرية نقلاً عن مصادر داخل وزارة النقل الصهيونية أن المفاوضات مع شركات الطيران الكبرى لم تسفر عن عودة الرحلات، بل عن تمديد للتعليق حتى ما بعد الأسبوع الجاري، وهو ما يعكس حالة الارتباك والتخبط التي تعيشها المؤسسة الإسرائيلية في التعامل مع هذا الواقع الجديد.
وقد حاولت وزيرة النقل في كيان العدو، ميري ريجيف، شخصياً التواصل مع الخطوط الجوية الهندية لإعادة تشغيل الرحلات بين نيودلهي وتل أبيب، لكن الجهود لم تحقق اختراقاً ملموساً، مما يدل على أن الشركات الدولية بدأت تعيد حساباتها، ولا تثق في قدرة الكيان على توفير الأمان الجوي الكامل.
وكشفت صحيفة “غلوبس” العبرية، أن العديد من شركات الطيران الأوروبية تميل إلى تعليق رحلاتها إلى “إسرائيل” أو إلغائها حتى نهاية الشهر الحالي على الأقل، متابعةً خطى مجموعة “لوفتهانزا” الألمانية التي أعلنت سابقا عن إلغاء رحلاتها خلال هذه الفترة، على خلفية فرض صنعاء قرار الحصار الجوي على كافة مطارات الاحتلال.
وأشارت الصحيفة العبرية إلى أن شركة الطيران البريطانية “إيزي جيت”، التي كانت تعد من أكبر شركات الطيران الأوروبية المتواجدة في السوق الإسرائيلي.
قد أعلنت بالفعل عن إلغاء رحلاتها حتى نهاية الشهر الحالي، وربما أبعد، وهو ما دفع العديد من الشركات الأخرى مثل “رايان إير” و”إيزي جيت” إلى اتخاذ خطوات مشابهة.
كما أعلن إعلام عبري أن شركة “رايان إير” الإيرلندية عدّلت جدول رحلاتها وأعلنت تمديد تعليق جميع رحلاتها إلى مطارات الكيان حتى 3 يونيو المقبل، مما سيعني إلغاء عشرات الآلاف من التذاكر وإحداث خسائر مالية كبيرة في القطاع السياحي والسفر الداخلي والخارجي.
الحسابات الدولية تتغير
يشير هذا الانسحاب الجوي العالمي إلى أن الشركات الجوية الكبرى بدأت تفقد الثقة في البنية الدفاعية الإسرائيلية، وتعيد النظر في جدوى الاستثمار في دولة أصبح العمق فيها هدفاً استراتيجياً متاحاً لأطراف بعيدة جداً مثل اليمن.
وبحسب المحللين العسكريين، فإن القدرة الحوثية على استهداف العمق الإسرائيلي بصواريخ باليستية فرط صوتية وطائرات مُسيّرة متطورة، تشير إلى أن الحصار الجوي على غزة لم يعد محصوراً في البحر فقط، بل بدأ يمتد ليشمل الجو، ويضرب الاقتصاد والسياحة والبنية التحتية للكيان بشكل مباشر.
الكيان يعترف: الأمر أخطر مما يبدو
وقالت المصادر العبرية إن الحكومة تواجه صعوبة متزايدة في إقناع شركات الطيران باستئناف الرحلات الجوية، حيث أصبح واضحاً أن الحسابات الاقتصادية والعسكرية للشركات لا تسمح لها بمجازفة استهداف أسطولها من قبل الحوثيين أو الجهات المتحالفة معهم.
وأشار أحد الخبراء العسكريين إلى أن الشركات تنظر إلى “إسرائيل” اليوم كبيئة عمل عالية المخاطر، وأن التصعيد القادم منها أو إليها يمكن أن يؤدي إلى خسائر بشرية ومادية لن يكون بوسعها تحملها.
وأكدت المصادر أن الوضع الاقتصادي في الداخل الإسرائيلي يزداد سوءًا مع كل يوم يمر دون استقرار جوي كامل، وأن قطاع السياحة والسفر يعاني من تراجع حاد في الدخل، فيما بدأت الفنادق الكبرى في تل أبيب والقدس بإلغاء برامجها الخاصة.
العالم يعيد تقييمه لـ”إسرائيل”
ويأتي هذا التوجه من قبل الشركات الأوروبية في ظل استمرار تصعيد الاحتلال عدوانه على قطاع غزة، مما يزيد من عدم اليقين بشأن استئناف العمليات الجوية بشكل طبيعي، في ظل تصاعد العمليات اليمنية المساندة للقطاع ومنها فرض حصار جوي على كافة مطارات الاحتلال وعلى رأسها “بن غوريون”.
وما بدا سابقاً مجرد رد فعل سياسي أو عملية رمزية، تحول الآن إلى معادلة استراتيجية جديدة تُعيد رسم الحسابات الدولية حول الكيان الصهيوني. فالصواريخ اليمنية لم تعد مجرد تهديد، بل أصبحت أداة ردع فعالة تطال العمق الإسرائيلي وتخلق انقسامات داخل المجتمع اليهودي نفسه.
والآن، ومع تصاعد وتيرة الإستهدافات، وفشل المنظومة الدفاعية في منع إسقاط الطائرات أو اعتراض كل الصواريخ القادمة من الجنوب العربي، يبدو أن الكيان يغرق أكثر فأكثر في دوامة الخوف من الحرب غير التقليدية.