المزيد

    ذات صلة

    الأكثر مشاهدة

    صنعاء تعلن استئناف الرحلات بمطار صنعاء الدولي بمعدل 4 رحلات يومياً

    أعلنت وزارة النقل، اليوم السبت، استئناف الرحلات الجوية من...

    واشنطن بوست: جامعة نيويورك تحجب شهادة تخرج طالب أدان فظائع غزة

    أعلنت جامعة نيويورك أنها حجبت شهادة التخرج عن طالب...

    اليمن: بارقةُ أمل في تغيير مفاهيمِ القوة والخوف لدى العرب

    تشهد الساحة العربية منذ عقود طويلة حالة من الخوف...

    تفاصيل عن حياته.. تعرف على سر اسم نجم برشلونة “لامين جمال”

    يحظى لامين جمال نجم برشلونة باهتمام كبير من وسائل...

    “ناشيونال إنترست” الأمريكية: طلقة الحوثيين الأخيرة على دونالد ترامب

    نشرت مجلة “ناشيونال إنترست” الأمريكية تقريرا بعنوان: “طلقة الحوثيين الأخيرة على دونالد ترامب”، أوضحت فيه أن ما يجري في الشرق الأوسط اليوم ليس مجرد تغيرات سياسية عابرة، بل هو انحسار لامعنى له عنوانه الولايات المتحدة الأمريكية، وصعود لنظام إقليمي جديد يخضع لمنطق مختلف تمامًا.

    ما حدث من إطلاق صاروخ من قبل الحوثيين أثناء زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسعودية لم يكن عملًا عسكريًا تقليديًا فقط، بل كان رمزًا صريحًا لإعلان نهاية هيمنة واشنطن في المنطقة.

    في اللحظة التي كان فيها ترامب يلتقي العائلة المالكة السعودية ويُحيط نفسه بزخم إعلامي ضخم، أطلق الحوثيون صاروخًا بعيد المدى من اليمن. مرّ الصاروخ فوق الأجواء السعودية، مُصوَّرًا عبر مقاطع فيديو انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، ليتجه نحو إسرائيل. كانت هذه الإشارة واضحة: لا وجود بعد الآن لسلطة أمريكية تمنع خصومها من التصرف بجرأة تحت أنظارها.

    ولم يكن هذا الحدث معزولاً عن سياقه الأكبر، فقد اعترفت إدارة ترامب ضمنيًا بأن الحوثيين، المعروفين باسم “أنصار الله”، قد حققوا تفوقًا عمليًا على البحرية الأمريكية خلال سنوات الصراع الطويلة حول السيطرة على الممرات المائية الاستراتيجية في البحر الأحمر وباب المندب.

    وفي أكثر من مناسبة، تعرضت حاملات الطائرات الأمريكية لتهديدات مباشرة، كادت أن تتسبب بأضرار جسيمة، خاصة عندما اضطرت حاملة الطائرات “هاري إس ترومان” إلى تنفيذ مناورات متطرفة لتجنب ضربات محتملة، وهو ما أسفر عن فقدان طائرتين من نوع F/A-18E/F سوبر هورنت. كما تم رصد محاولة أخرى ناجحة لإجبار طائرة F-35 الحديثة على التراجع بسرعة فائقة أمام صواريخ الحوثيين.

    كل هذا دفع إدارة ترامب إلى إعادة حساباتها، وأنه لم يعد بمقدورها الفوز في مثل هذه المواجهات دون خسائر باهظة. ومن هنا جاء قرار الإدارة بالانسحاب التدريجي من الصراع المباشر مع الحوثيين، والتركيز على مصالحها الكبرى الأخرى، واعتبار أن استمرار الحرب مع جماعة محلية مدعومة من دول إقليمية لن يكون سوى إهانة إضافية لو واصلته.

    ومن جانبهم، رحب الحوثيون بوقف التصعيد باعتباره انتصارًا معنويًا عليهم، وأرادوا أن يؤكدوا ذلك بإطلاق الصاروخ فوق سماء السعودية بينما ترامب لا يزال هناك.

    لكن الأثر الحقيقي لهذا الحدث لم يقتصر على أمريكا أو حتى على الحوثيين، بل امتد إلى إسرائيل أيضًا، حيث وجدت نفسها في وضع حرج. فالانسحاب الأمريكي المتزايد عن المنطقة يعني أن الدعم العسكري غير المشروط الذي اعتادت عليه إسرائيل بدأ يتقلص، لكن الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو لم تدرك بعد خطورة هذا التحوّل.

    ظلّت تخطط لتوسعات عسكرية جديدة، من غزو شامل لقطاع غزة إلى توغلات في سوريا، وتوجيه تهديدات مباشرة للحوثيين، وكأن القوة الأمريكية لا تزال الركيزة الأساسية لاستقرارها الأمني. الواقع يقول غير ذلك. الحوثيون أعلنوا بصراحة أنهم مستعدون للتوقف عن استهداف إسرائيل إذا تخلّت حكومة الاحتلال الإسرائيلية عن خطط الغزو والاحتلال في قطاع غزة، وهو شرط يبدو للكثيرين إهانة، لكنه في الوقت ذاته ضرورة استراتيجية.

    فإسرائيل لم تعد تستطيع تحمل مغامرات عسكرية جديدة في ظل ضعف الدعم الخارجي، ويجب عليها الآن إعادة النظر في سياساتها الخارجية والداخلية، والتركيز على بناء مجتمعها وتعزيز دفاعاتها الذاتية بدلًا من التورط في صراعات لا تملك الوسائل الكافية لإدارتها.

    إن ما يجري في الشرق الأوسط ليس مجرّد تحوّل سياسي، بل انهيار لأسطورة الهيبة الأمريكية في المنطقة، واستبدالها بنظام إقليمي متعدد الأقطاب، تتنافس فيه القوى المحلية على رسم الخريطة الجديدة.

    والمثال الحوثي ليس فريدًا، لكنه مؤشر واضح على أن الولايات المتحدة لم تعد قادرة على فرض إرادتها بنفس القدر الذي كانت عليه من قبل. وعلى إسرائيل، كما على باقي الدول، أن تتكيف مع هذا الواقع الجديد، وإلا فإنها ستواجه مصيرًا لا يمكن التنبؤ به.

    spot_imgspot_img