أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأحد، بدء عملية برية في عدة مناطق داخل قطاع غزة في إطار عملية عربات جدعون، في تصعيد جديد حيث ارتفع عدد الشهداء الفلسطينيين في قطاع غزة خلال الأيام الثلاثة إلى 500 شهيد، وفق ما أفاد مدير المستشفيات الميدانية بوزارة الصحة في غزة.
وذكر جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه قصف 670 هدفا في قطاع غزة الأسبوع الماضي في إطار التمهيد للعملية البرية، وهي فترة وثقت فيها المصادر الطبية في القطاع استشهاد وإصابة مئات المدنيين الفلسطينيين جراء القصف المكثف الذي شمل المنازل وخيام النازحين والمستشفيات.
وقالت القناة الـ14 العبرية إن هناك 5 فرق عسكرية تنتظر الإشارة للمشاركة في العملية البرية بناء على اجتماع المجلس الوزاري الأمني والسياسي (الكابينت) ونتائج مفاوضات الدوحة.
في السياق نفسه، قالت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي إن العملية لم تنطلق “بكامل قوتها” بعد، وإن الجيش يجري عمليات تحضيرية برية، مشيرة إلى أن بدء العملية يعتمد على تطورات المفاوضات في الساعات والأيام المقبلة.
حملة “عربات جدعون”
وكشفت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية عن مراحل العملية العسكرية الإسرائيلية التي بدأت أولى مراحلها منذ الصباح الباكر من السبت بشن ضربات واسعة في قطاع غزة.
كان جيش الاحتلال الإسرائيلي أعلن الجمعة توسيع إبادته الجماعية في قطاع غزة، وبدء شن ضربات واسعة ضمن ما سماها حملة “عربات غدعون” بهدف “تحقيق كافة أهداف الحرب بما فيها تحرير المختطفين وهزيمة (حركة المقاومة الإسلامية) حماس”، على حد تعبيره.
ووفق ما أفادت به هيئة البث الإسرائيلية الرسمية في 5 مايو/أيار الجاري، فإن عملية عربات غدعون تهدف إلى احتلال كامل غزة، وقالت إن من المرجح أن تستمر العملية لعدة أشهر، وتتضمن “الإخلاء الكامل لسكان قطاع غزة من مناطق القتال، بما في ذلك شمال غزة، إلى مناطق جنوب القطاع”، حيث سيبقى الجيش في أي منطقة “يحتلها”.
والسبت، كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت على موقعها الإلكتروني عن مراحل هذه العملية، وقالت إنها تمر بثلاث مراحل، الأولى منها بدأت فعليا وتم تنفيذها من خلال توسيع الحرب.
أما المرحلة الثانية فقالت إنها “في طور التحضير من خلال عمليات جوية بالتزامن مع عمليات برية، فضلا عن العمل على نقل معظم السكان المدنيين في قطاع غزة إلى الملاجئ الآمنة في منطقة رفح”، بحسب الصحيفة نفسها.
وستعمل المرحلة الثالثة -وفق الصحيفة- على “دخول قوات عسكرية برا لاحتلال أجزاء واسعة من قطاع غزة بشكل تدريجي، والإعداد لوجود عسكري طويل الأمد في القطاع”.
وقالت إن جيش الاحتلال “يعتزم السيطرة التدريجية على قطاع غزة لعدة أشهر بهدف القضاء على حركة حماس، والعمل على هدم الأنفاق بشكل كامل”.
وكانت الصحيفة ذاتها قالت الأحد الماضي إن “عشرات الآلاف من جنود الاحتياط تلقوا إخطارات من قادتهم وطُلب منهم الاستعداد لذلك”.
يذكر أن عملية “عربات غدعون” تحمل دلالات دينية وتاريخية وعسكرية، حيث أطلق كيان العدو الإسرائيلي على إحدى عملياتها في نكبة 1948 اسم “عملية غدعون”، التي هدفت إلى السيطرة على منطقة بيسان الفلسطينية وطرد سكانها. وإطلاق اسم عربات غدعون على عملية توسيع الحرب في غزة يشير إلى طابع الاحتلال المزمع تنفيذه في القطاع ضمن خطة الاحتلال الإسرائيلي.
خلفيات تسمية ”عربات جدعون”
اثار اطلاق الاحتلال الإسرائيلي شعار “عربات جدعون” على عدوانه الجديد في غزة موجة جدل واسعة حول أهدافها وخلفياتها التاريخية، فما ابعاد الخطوة؟
لم تكن المرة الأولى التي يطلق فيها الاحتلال على عمليته ضد الفلسطينيين بـ”جدعون”. ففي العام 1948 وصم الاحتلال الحملة التي عرفت لاحقا بـ”النكبة” بـ”جدعون” وتم خلالها السيطرة على اكبر واقدم مدن فلسطين في منطقة بيسان والتي تقع الان شمال الاحتلال الإسرائيلي وعلى بعد نحو 84 كيلومترا من القدس المحتلة.
تم خلال هذه العملية ارتكاب مجازر بشعة وانتهت بتهجير السكان الإصلاحيين وتوطين اليهود فيها حيث لا تزال شاهدة على التاريخ الدموي للاحتلال في فلسطين.
وجدعون الذي يؤلهه الاحتلال في كل عملية دامية هو قائد توراتي تزعم النصوص العبرية القديمة انه انقذ بني إسرائيل خلال معارك ضد ” المديانيين”. وتبرز النصوص جانب اخر من الدموية التي ارتكبها القائد العسكري لإنقاذ الجنس الصهيوني.
اليوم ومع بدء الاحتلال حملته الجديدة الواسعة في غزة ووسمها بـ”عربات جدعون” إضافة إلى اختيار ذكرى نكبة 48 التي تصادف منتصف مايو من كل عام موعدا لها يشير إلى قرار الاحتلال ارتكاب جرائم إبادة واسعة ضد سكان غزة واحتلال القطاع كليا وتهجير من تبقى حيا.
وقد بدأ الاحتلال حملته الأخيرة مطلع الأسبوع بنحو 670 غارة جوية، وفق احصائيات جيشة، إضافة إلى رفع معدلات القتل الجماعي إلى اعلى مستوياتها مع اجباره السكان على النزوح جنوبا تمهيدا لإلقائهم خارج القطاع. وتشير التسمية إلى ان الاحتلال يمارس ابدة وتطهير عرقي وطائفي في حربه الحالية على غزة.
وكثّف العدو الإسرائيلي خلال الأيام الخمسة الماضية وتيرة الإبادة الجماعية في قطاع غزة، وارتكب عشرات المجازر المروعة، وذلك بالتزامن مع جولة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في المنطقة والتي وعد خلالها فلسطينيي غزة بـ”مستقبل أفضل وإنهاء الجوع”.
وخلال جولة ترامب -التي استمرت 3 أيام وغادر من الإمارات في يومها الرابع- قتل جيش الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 378 فلسطينيا، في حصيلة تعادل نحو 4 أضعاف عدد الضحايا في الأيام الأربعة السابقة للجولة، والتي بلغت قرابة 100 شهيد، وفق رصد مراسل الأناضول لبيانات وزارة الصحة في غزة.
وبدعم أميركي مطلق يرتكب كبان العدو الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة خلّفت نحو 173 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح -معظمهم أطفال ونساء- وما يزيد على 11 ألف مفقود.