هل يمكن تبرئة العرب مما يجري في قطاع غزة، التي تعاني من إبادة حقيقية أمام سمعهم ونظرهم والعالم أجمع؟ ما يحدث في غزة يظهر تماما هذا الإنحطاط الأخلاقي للمجتمع الدولي، الذي يشهد على الهواء مباشرة ما يحدث في القطاع، من عدوان نازي وجرائم لا يمكن تصوّرها، ناهيك عن الحرب الأكثر ضراوة، حرب الجوع.
إذا كنّا نتهم المجتمع الدولي بالنفاق والتزلّف لواشنطن وتل أبيب، فإننا نؤكّد أيضا سقوطا أخلاقيا للأمة العربية – إلّا من رحم ربي – فأكثر من 12 ألف مجزرة تمّ ارتكابها في غزة على مدى عام ونصف العام، ماذا يريد العرب أكثر من ذلك حتى تعود إليهم نخوتهم ومروءتهم، وينفضوا عن أجسادهم غبار الذلّ والخزي والعار؟
إليكم بعض القرارات التي اتّخذتها أنظمة عربية تجاه ما يجري في القطاع، وهي قرارات تدل على مستوى الخنوع والإنبطاح وكلّ معاني الخيانة والعمالة لفلسطين وشعبها وقضيتها ومقاومتها الباسلة، التي مازالت تذيق العدوّ الأمرّين رغم إمكانياتها المحدودة …
ـ أولا: منع أيّ مظاهر، حتى لو كانت سلمية، توحي بالتضامن مع المقاومة وأهلنا في قطاع غزة، تحت طائلة المسؤولية القانونية.
ـ ثانيا: التوقّف عن أداء صلاة الغائب على شهداء غزة، حيث أن هذه الصلاة كانت حاضرة في الشهور الأولى للحرب على غزة، ثمّ باتت ممنوعة اليوم.
ـ ثالثا: يمنع رفع العلم الفلسطيني في أيّ مناسبات، سواء كانت تضامنية مع غزة، أو حتى في حفلة زواج، ورفع العلم الفلسطيني بات يعتبر خطيئة كبرى في بعض الدول العربية، ولن يسمح بذلك بعد الآن.
ـ رابعا: منع أيّ فعاليات تهدف لتشجيع مقاطعة كيان الإحتلال، أو المساهمة في أي أنشطة تجاه ذلك، حتى الكتابة على وسائل التواصل الإجتماعي فيما يتعلّق بالمقاطعة ستؤدّي بصاحبها إلى الإعتقال والمحاكمة.
ـ خامسا: التأكيد من قبل بعض الأنظمة العربية على أنّ ما قامت به حماس والمقاومة في السابع من أكتوبر هو السبب الرئيس لما يجري في غزة، فحماس لم تقم باستشارة أولياء الأمر العرب، فهؤلاء هم من يعلنون الجهاد، ويعلنون أيضا عن مواسم المهرجانات والترفيه والسخافات التي اعتادوا عليها منذ سنوات.
ـ سادسا: الإمعان في السقوط الأخلاقي للعرب، وقريبا، ودون وازع من ضمير أو ذرّة أخلاق أو شيء من المروءة، تمّ إقرار المضي قدما في إقامة المهرجانات الفنية من غناء هابط ورقص وخلاعة في أكثر من عاصمة ومدينة عربية، لعلّ الشعوب تمعن في نسيان ما يجري في غزة من خلال ممارسة كل أصناف التفاهة التي تحتضنها هذه المهرجانات الساقطة.
ـ سابعا: يقول ابن خلدون: لو خيّروني بين زوال الطغاة أو زوال العبيد، لاخترت زوال العبيد لأنهم من يصنع الطغاة، نحن ياسادة أدنى بكثير من مستوى العبيد في عالم بات فيه الطغاة أنفسهم عبيدا، واسألوا ترامب عن ذلك!
ـ ثامنا: لم يبق في الجعبة شيء غير .. حسبي الله ونعم الوكيل، وما النصر إلّا من عند الله، وعلى كل باغ ستدور الدوائر بإذن الله .. نحن لا نكتب بالحبر بل بدم القلب حرقة من القهر، أبعده الله عنكم وعنّا جميعا.. وسلامتكم!