المزيد

    ذات صلة

    الأكثر مشاهدة

    الشيخ نعيم قاسم: اليمن أثبت أن العدو لا يُطاق وأن “إسرائيل” ستسقط

    أكد الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، في...

    الجبهة الشعبية وحركات المقاومة الفلسطينية تُشيد بالضربات اليمنية وتصفها بـ”النموذج المُلهِم”

    أشادت فصائل المقاومة الفلسطينية، اليوم الأحد، بالعمليات العسكرية التي...

    فاجعة الدكتورة آلاء النجار فاجعة البشرية كلها

    لا أوحش على الإنسان من فاجعة موت عزيزٍ، فكيف...

    أحمد الشرع.. رجل الموساد في سورية

    هناك تشابه مريب، بل تطابق مذهل، بين قصة أحمد...

    غَزَّةُ… قَسِيمُ الجَنَّةِ وَالنَّار

    أَحَسِبَ المُسْلِمُونَ أَنْ يُتْرَكُوا بِمَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ خِذْلَانٍ لِغَزَّةَ، وَصَمْتٍ عَلَى مَا يُجْرَى فِيهَا مِنْ جَرَائِمَ إِبَادَةٍ جَمَاعِيَّةٍ، وَتَطْهِيرٍ عِرْقِيٍّ، وَمَذَابِحَ وَحْشِيَّةٍ فَظِيعَةٍ، وَقَتْلٍ وَتَنْكِيلٍ وَمَجَازِرَ مُرْوِعَةٍ، وَتَجْوِيعٍ وَتَعْطِيشٍ، وَحِصَارٍ ظَالِمٍ مِنْ كِيَانٍ مُحْتَلٍّ غَاصِبٍ وَعَدُوٍّ لَئِيمٍ حَاقِدٍ، وَهُمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَا يُسْأَلُونَ؟

    وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللهُ وَهُمْ لِغَزَّةَ يَخْذُلُونَ، وَإِذَا اسْتُنْفِرُوا لِنُصْرَتِهَا لَا يَنْفِرُونَ، وَإِذَا اسْتُغِيثَ بِهِمُ الْمَظْلُومُونَ الْمُحَاصَرُونَ لَا يُغِيثُونَهُمْ خَوْفًا مِنْ حُكَّامِهِمِ الَّذِينَ يَخَافُونَهُمْ أَشَدَّ مِنْ خَوْفِهِمْ وَخَشْيَتِهِمْ مِنَ اللهِ، فَوَيْلٌ لَهُمْ مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ عَظِيمٍ!

    وَبَيْنَمَا لَمْ يُحَرِّكِ الْعَالَمُ سَاكِنًا لِمَقْتَلِ مِئَاتِ الْآلَافِ مِنْ أَبْنَاءِ غَزَّةَ، وَغِيَابِ الضَّمِيرِ الْإِنْسَانِيِّ، قَامَتِ الدُّنْيَا وَلَمْ تَقْعُدْ لِمَقْتَلِ دِبْلُومَاسِيَّيْنِ إِسْرَائِيلِيَّيْنِ، رُبَّمَا قَتَلَهُمَا الْعَدُوُّ نَفْسُهُ لِكَسْبِ التَّعَاطُفِ الْأُورُوبِّيِّ وَالْعَالَمِيِّ، مُسْتَخْدِمًا وَرَقَةَ مُعَادَاةِ السَّامِيَّةِ سَيْفَهُ الْمَسْلُوطَ عَلَى رِقَابِهِمْ؛ لِإِسْكَاتِ الْأَصْوَاتِ الْمُسْتَنْكِرَةِ لِجَرَائِمِهِ الْوَحْشِيَّةِ الْمُسْتَمِرَّةِ عَلَى قِطَاعِ غَزَّةَ.

    لَا يَزَالُ الْمُسْلِمُونَ يَرْزَحُونَ تَحْتَ وَطْأَةِ الْخَوْفِ وَالذُّلِّ وَالْهَوَانِ، وَلَمْ نَرَ مِنْهُمْ أَيَّ مَوْقِفٍ يَشْهَدُ عَلَى صِدْقِ إِيمَانِهِمْ وَانْتِمَائِهِمُ الْإِسْلَامِيِّ الْعُرُوبِيِّ لِقَضِيَّتِهِمْ وَأَبْنَاءِ أُمَّتِهِمْ، انْطِلَاقًا مِنَ الْوَاجِبِ الدِّينِيِّ الَّذِي يَحْتَمُ عَلَيْهِمْ نُصْرَةَ الْمَظْلُومِينَ وَإِغَاثَةَ الْمَلْهُوفِينَ، نَاهِيكَ عَنْ إِعْلَانِهِمُ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللهِ نُصْرَةً لِدِينِ اللهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ.

    فَأَيُّ إِسْلَامٍ ذَلِكَ الَّذِي يَتَشَدَّقُونَ بِهِ وَيَدَّعُونَ أَنَّهُمْ عَلَيْهِ، وَلَمْ يُحَرِّكْ إِيمَانُهُمْ بِاللهِ ضَمَائِرَهُمْ وَقِيَمَهُمْ وَمَبَادِئَهُمْ وَأَخْلَاقَهُمْ، وَيَسْتَنْهِضَهُمْ لِنُصْرَةِ إِخْوَانِهِمْ فِي الدِّينِ جِهَادًا فِي سَبِيلِ اللهِ؟

    وَمَا جَدْوَى الدِّينِ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْأَثَرُ فِي تَعْزِيزِ مَفَاهِيمِ الْوَحْدَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ وَالْأُخُوَّةِ الْإِيمَانِيَّةِ؟

    وَأَيُّ عُرُوبَةٍ تِلْكَ الَّتِي لَمْ تُحَرِّكِ الْمَشَاعِرَ الْإِنْسَانِيَّةَ النَّبِيلَةَ وَالْغَيْرَةَ وَالنَّخْوَةَ وَالشَّهَامَةَ الْعَرَبِيَّةَ الْمُتَجَذِّرَةَ فِي الْوَاقِعِ الْعَرَبِيِّ، وَقَدْ تَكَالَبَتْ قُوَى الْهَيْمَنَةِ وَالِاسْتِكْبَارِ وَهَبَّتْ لِنُجْدَةِ كِيَانٍ مُحْتَلٍّ لَقِيطٍ عَلَى إِخْوَانِهِمْ فِي الدِّينِ وَالْعُرُوبَةِ وَالْإِنْسَانِيَّةِ، وَإِغَاثَتِهِمْ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ؟

    جُوعًا وَعَطَشًا كَادَ يُفَتِّكَ بِمِئَاتِ الْآلَافِ مِنَ الْمُحَاصَرِينَ!

    وَفِي الْوَقْتِ الَّذِي بَدَأَتْ دُوَلُ الْغَرْبِ الْكَافِرِ – الدَّاعِمِ وَالشَّرِيكِ لِكِيَانِ الْعَدُوِّ الصِّهْيَوْنِيِّ الْمُجْرِمِ – فِي أُورُوبَّا تَسْتَنْكِرُ الْجَرَائِمَ الْيَهُودِيَّةَ الْبَشِعَةَ بِحَقِّ أَبْنَاءِ غَزَّةَ، يَلُوذُ مِلْيَارَا مُسْلِمٍ بِالصَّمْتِ الْمُخْزِي وَالْمُذِلِّ اتِّجَاهَ مَظْلُومِيَّةِ الشَّعْبِ الْفِلَسْطِينِيِّ الْعَزِيزِ الْكَرِيمِ الْمُجَاهِدِ، الْمُدَافِعِ عَنْ أَرْضِهِ وَحَقِّهِ فِي الْوُجُودِ وَتَقْرِيرِ الْمَصِيرِ، وَعِرْضِهِ وَكَرَامَتِهِ، الْمُقَاوِمِ لِعَدُوٍّ يُهْلِكُ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ بِلَا رَحْمَةٍ وَلَا شَفَقَةٍ، فِي عَالَمٍ تَحْكُمُهُ شَرِيعَةُ الْغَابِ مِنْ قُوَى الْهَيْمَنَةِ وَالِاسْتِكْبَارِ الْعَالَمِيِّ الْخَاضِعِ لِلْمَاسُونِيَّةِ الْيَهُودِيَّةِ الصِّهْيَوْنِيَّةِ الْعَالَمِيَّةِ!

    وَالْأَدْهَى وَالْأَمَرُّ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ – وَالْكَارِثَةُ الْكُبْرَى – أَنْ يَكُونَ قَوَارِينُ النِّفْطِ الْمُحْسُوبُونَ عَلَى الْأُمَّةِ هُمُ الْمُمَوِّلُونَ الْفِعْلِيُّونَ لِحَرْبِ الْإِبَادَةِ تِلْكَ، وَقَدْ رَأَيْنَا جَمِيعًا كَيْفَ يَتَسَابَقُ أُمَرَاءُ النِّفْطِ إِلَى الْحَضْنِ الصِّهْيَوْنِيِّ الْأَمْرِيكِيِّ، وَيَتَبَاهَوْنَ بِوَلَائِهِمْ لِعَدُوِّ الْأُمَّةِ وَعَدُوِّهِمْ، وَأَيُّهُمْ يَدْفَعُ لَهُ أَكْثَرَ!

    فَسَلِّمُوا بِهَوَانٍ وَصَغَارٍ تِرِيلِيُونَاتِ الدُّولَارَاتِ مِنْ عَوَائِدِ النِّفْطِ الْعَرَبِيِّ لِلْفِرْعَوْنِ الْأَمْرِيكِيِّ الْكَافِرِ؛ الدَّاعِمِ وَالْمُمَوِّلِ لِلْكِيَانِ الْغَاصِبِ، وَيَسْتَخْدِمُهَا فِي إِنْتَاجِ وَتَصْنِيعِ مُخْتَلَفِ الْأَسْلِحَةِ وَالصَّوَارِيخِ وَالْقَنَابِلِ الْمُحَرَّمَةِ دَوْلِيًّا، لِقَتْلِ وَإِبَادَةِ شَعْبٍ أَعْزَلَ تَخَلَّتْ عَنْهُ الْأُمَّةُ، فَتُرِكَ وَحِيدًا غَرِيبًا لَوْلَا دَعْمُ وَإِسْنَادُ مِحْوَرِ الْمُقَاوَمَةِ وَالدَّعْمِ الْيَمَنِيِّ الْمُسْتَمِرِّ بِإِذْنِ اللهِ الْأَعْلَى.

    وَلَا شَكَّ أَنَّهُ يَحْظَى بِالرِّعَايَةِ وَالْعِنَايَةِ الْإِلَهِيَّةِ، وَقَطْعًا فَإِنَّ ثَبَاتَهُمْ وَصُمُودَهُمْ جِهَادٌ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَقَتْلَاهُمْ شُهَدَاءُ عِنْدَ اللهِ، وَمُعَانَاتُهُمْ بِعَيْنِ اللهِ، وَإِنَّمَا شَاءَتْ إِرَادَةُ اللهِ أَنْ يَضَعَ الْمُسْلِمِينَ مَوْضِعَ الِاخْتِبَارِ وَالِابْتِلَاءِ الْحَقِيقِيِّ؛ لِيَعْلَمَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الصَّادِقِينَ الْمُجَاهِدِينَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ الْكَاذِبِينَ.

    وَلَا تَزَالُ الْفُرْصَةُ مُتَاحَةً لِمَنْ أَرَادَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ، وَاسْتَبَقَ الْخَيْرَاتِ، وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَتِلْكَ تِجَارَةٌ تُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ، وَلَرُبَّمَا جَاءَ أَمْرُ اللهِ بِالنَّصْرِ وَالْفَتْحِ وَالتَّمْكِينِ، وَحِينَئِذٍ سَيَكُونُ الْبَابُ قَدْ أُغْلِقَ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ.

    وَأَمَّا قَوَارِينُ النِّفْطِ الْأَعْرَابِيُّ الَّذِينَ حَوَّلُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْهِمْ وَعَلَى الْأُمَّةِ إِلَى نِقْمَةٍ، فَإِنَّ مَصِيرَهُمُ الْمَحْتُومُ كَمَصِيرِ قَارُونَ، وَالْخَسْفُ بِهِمْ، وَتِلْكَ سُنَّةُ اللهِ الَّتِي خَلَتْ فِي كُلِّ قَارُونَ.

    وَلَمَّا أَدْرَكَ أَنَّ غَزَّةَ بَاتَتِ الْيَوْمَ قَسِيمَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، ازْدَادَ الشَّعْبُ الْيَمَنِيُّ الْعَظِيمُ إِيمَانًا بِاللهِ وَتَسْلِيمًا لِقِيَادَتِهِ الرَّبَّانِيَّةِ الْحَكِيمَةِ وَتَمَسُّكًا بِمَوْقِفِهِ الثَّابِتِ وَالْمَبْدَئِيِّ الْإِيمَانِيِّ الرَّاسِخِ دَعْمًا وَإِسْنَادًا وَنُصْرَةً لِغَزَّةَ وَالْقُدْسِ وَالْأَقْصَى، وَسَيَظَلُّ كَذَلِكَ جِيلًا بَعْدَ جِيلٍ وَإِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ، ذَلِكَ أَنَّهُ شَعْبٌ يَأْبَى لَهُ إِسْلَامُهُ وَدِينُهُ وَأَخْلَاقُهُ وَقِيَمُهُ وَمَبَادِئُهُ وَكَرَامَتُهُ وَعِزُّهُ وَنَخْوَتُهُ وَعُرُوبَتُهُ – الْمُذَلَّةَ وَالْهَوَانَ وَخِذْلَانَ فِلَسْطِينَ وَغَزَّةَ وَلُبْنَانَ وَكُلِّ مُسْتَضْعَفٍ فِي الْأَرْضِ –، فَاسْتَشْعَرَ مَسْؤُولِيَّتَهُ الدِّينِيَّةَ وَالْأَخْلَاقِيَّةَ وَالْإِنْسَانِيَّةَ، فَهَبَّ إِلَى السَّاحَاتِ وَالْمَيَادِينِ وَالثُّوَرِ وَالْجَبْهَاتِ؛ انْتِصَارًا وَدَعْمًا وَإِسْنَادًا لِلْمَظْلُومِينَ فِي غَزَّةَ وَفِلَسْطِينَ وَلُبْنَانَ، لَا يَخْشَى فِي ذَلِكَ أَحَدًا إِلَّا اللهَ الْعَلِيَّ الْعَظِيمَ.

    وَبِسِلَاحِ الْإِيمَانِ وَالتَّمْكِينِ الْإِلَهِيِّ، جَعَلَ اللهُ فِي صَوَارِيخِهِ وَمُسَيَّرَاتِهِ الْبَأْسَ الشَّدِيدَ وَالتَّأْثِيرَ الْكَبِيرَ وَالْمُرْعِبَ لِلْأَعْدَاءِ، وَالْقَاصِمَ لَهُمْ، وَمَنَحَهَا اللهُ قُوَّةَ فِعْلٍ كَقُوَّةِ الْفِعْلِ الَّتِي كَانَتْ لِعَصَا مُوسَى، فَسَدَّدَ اللهُ رَمْيَةَ أَوْلِيَائِهِ؛ تَحْقِيقًا لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى:

    ﴿فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ رَمَىٰ وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴿١٧﴾ ذَٰلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ ﴿١٨﴾ إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ ﴿١٩﴾﴾ .

    وَعَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ، فَيُصْبِحَ الكُفَّارُ وَالأَعْرَابُ المُنَافِقُونَ عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ.

    وَإِنَّ نَصْرَ اللهِ لَقَرِيبٌ مِنَ المُحْسِنِينَ، وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ.

    *وَالحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ.*

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    عبد الإله عبد القادر الجنيد

    spot_imgspot_img