اندفعت آلاف العائلات الفلسطينية الجائعة، عصر أمس الثلاثاء، نحو مركز جديد لتوزيع المساعدات الإنسانية في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، نظراً للوضع الإنساني المأساوي الذي يعانيه السكان بعد أشهر من الحصار والعدوان الإسرائيلي.
لكن ما كان متوقعاً أن يكون ممراً للنجاة تحول إلى مذبحة، حيث أطلقت قوات الاحتلال النار على المدنيين، ما أسفر عن استشهاد ثلاثة فلسطينيين وإصابة العشرات، فيما لا يزال مصير آخرين مجهولاً.
وأفادت التقارير بأن إطلاق النار وقع بالقرب من نقطة توزيع تديرها شركة أمريكية في منطقة غرب رفح، حيث توافد الآلاف من المواطنين الفلسطينيين الذين يعانون من الجوع الشديد والظروف المعيشية الكارثية، أملاً في الحصول على بعض مواد الإغاثة.
إلا أن هذا التجمع البشري لم يكن في مأمن من الرصاص الحي وقذائف الدبابات التي فتحتها قوات الاحتلال بشكل مباشر على المتجمهرين، ما خلّف مشاهد مأساوية وأجج حالة من الغضب والاستنكار المحلي والدولي.
من جهتها، علّقت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” على الحادثة، مؤكدة أن الآلية الأمريكية الجديدة لتوزيع المساعدات ما هي إلا فخٌ يُعرّض حياة المدنيين للخطر ويُستخدم كغطاء لتحقيق أهداف سياسية وأمنية للاحتلال.
وأشارت الحركة إلى أن هذه المراكز ليست سوى نماذج مفخخة لـ”ممرات إنسانية” تهدف إلى تهجير السكان وإهانتهم، وتحويل الغذاء إلى وسيلة ابتزاز ضمن مخطط ممنهج للتجويع والإخضاع.
فيما أعرب المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، فيليب لازاريني، عن رفضه واستنكاره لهذه الآلية، معتبراً أنها هدر للموارد وإلهاء عن الفظائع الإسرائيلية.
وأكد أن النظام الحالي غير إنساني ولا يتناسب مع المبادئ الأساسية للعمل الإغاثي، مشيراً إلى أن الأونروا وشركاءها لديهم البنية التحتية والقدرة اللازمة لتوزيع المساعدات بفعالية ودون تعريض حياة الناس للخطر.
بدوره، حذر مدير مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، أجيت سونغهاي، من خطورة الوضع القائم، وقال إن الصور التي تم تداولها من موقع الحادث في رفح صادمة، وإن معظم الإصابات كانت نتيجة إطلاق نار مباشر من قبل الجيش الإسرائيلي.
وأضاف أن المكتب ما زال يعمل على تقييم الحصيلة الكاملة للواقعة، مؤكداً أن المشهد يُظهر مدى الخطورة الكامنة في آلية التوزيع الحالية.
وفي ظل التصعيد والانسداد السياسي، طالبت حركة حماس المجتمع الدولي والأمم المتحدة والدول العربية والإسلامية إلى التحرك الفوري لإيقاف هذا المخطط الخطير، والضغط على سلطات الاحتلال لفتح المعابر وتمكين المؤسسات الإنسانية الدولية من العمل دون عوائق.