المزيد

    ذات صلة

    الأكثر مشاهدة

    خلاصة القول.. إيران وحلفاؤها انتصروا وسقط العدو وعملاؤه

    إيران كانت، وما زالت، العنصر الأهم، إن لم يكن...

    أرقام مرعبة: مراكز المساعدات في غزة تتحوّل إلى مصائد موت جماعي

    كشف المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أن ما يُعرف...

    قصة اصطياد عميل “رفيع” كشف خفايا “فوردو”!

    ارتبط اكتشاف خفايا "فوردو" لأول مرة بقضية تجسس كبرى...

    ترامب يشبّه قصف المنشآت النووية الإيرانية بضرب هيروشيما وناغازاكي

    الرئيس الأميركي دونالد ترامب يزعم أن الضربات الأميركية على...

    احتكار إسرائيل النووي: خلل في توازن الشرق الأوسط وتهديد للنظام الدولي

    في مشهد يُجسّد عمق التناقضات الدولية، شنّت الولايات المتحدة الأميركية، خلال شهر حزيران/يونيو 2025، هجومًا جويًا واسعًا على المنشآت النووية الإيرانية، مستهدفة مواقع فوردو ونطنز وأصفهان، في عملية عسكرية أعلن عنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب واصفًا إياها بـ”الناجحة للغاية”، مؤكدًا أن “جميع الطائرات الأميركية خرجت من المجال الجوي الإيراني بعد إسقاط حمولة كاملة من القنابل على الموقع الأساسي في فوردو”.

    الهجوم، الذي تم بتنسيق كامل مع إسرائيل وفق بيان الحرس الثوري الإيراني، اعتُبر انتهاكًا صارخًا لمعاهدة عدم الانتشار النووي (NPT)، وميثاق الأمم المتحدة، ومبادئ السيادة الدولية.

    هذا التصعيد العسكري الأميركي، بذريعة استهداف برنامج نووي سلمي، يسلّط الضوء مجددًا على التناقض الجوهري في النظام الدولي: إسرائيل، الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي تمتلك ترسانة نووية، تظل فوق القانون الدولي، محصّنة من التفتيش، وغير موقعة على أي معاهدة رقابة، بينما تُقصف دول أخرى لمجرد شبهات أو طموحات نووية سلمية.

    قنبلة واحدة تغيّر المعادلة

    في قلب الشرق الأوسط المضطرب، تُثبِت الحقائق أن السلاح النووي لم يعد فقط أداة ردع، بل بات قنبلة أخلاقية تهدد نزاهة النظام العالمي.

    ووفق أحدث تقرير لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI) حتى 1 يناير 2025، فإن تسع دول فقط تملك هذا السلاح القاتل، بإجمالي 12,241 رأسًا نوويًا، منها 9,614 رأسًا يحتفظ بها في ترسانات عاملة، و2,100 رأس في حالة تأهّب قصوى.

    إسرائيل.. استثناء نووي محمي

    تقدّر ترسانة إسرائيل النووية بنحو 90 رأسًا نوويًا، تتوزع بين قنابل جاذبية قابلة للتحميل على الطائرات (حوالي 30 رأسًا) وصواريخ من طراز Jericho II وIII (حوالي 60 رأسًا). رغم ذلك، تواصل إسرائيل انتهاج سياسة “الغموض النووي”، رافضة الانضمام إلى معاهدة عدم الانتشار، كما لا تخضع لأي تفتيش أو رقابة دولية.

    في المقابل، تسجّل دول الشرق الأوسط الأخرى — من تركيا إلى إيران، مرورًا بمصر ودول الخليج — صفرًا في عدد الرؤوس النووية. ومع ذلك، تخضع هذه الدول لضغوط سياسية وعسكرية متزايدة، كما هو حال إيران التي تُلاحق على مستوى دولي لمجرد امتلاكها برنامجًا نوويًا ذا طابع مدني.

    مفارقات نووية تهزّ التوازن

    1. ازدواجية المعايير

    يُعامل البرنامج النووي الإيراني كمصدر تهديد، فيُستهدف سياسيًا وعسكريًا، بينما تُعامَل إسرائيل كاستثناء، لا تُسأل عن ترسانتها، ولا تُلزم بأي رقابة أو التزام قانوني.

    2. السلاح المخفي والتهديد العلني

    في مارس 2025، صرّح مسؤول إسرائيلي بارز بأن “الخيار النووي على الطاولة في غزة”، في تهديد مباشر باستخدام هذا السلاح المحظور ضد منطقة مكتظّة بالمدنيين، ما يعمّق الشعور بعدم الأمان الإقليمي.

    3. تفوّق غير متوازن

    ترسانة إسرائيل النووية تسجن مستقبل المنطقة في معادلة ردع غير متكافئة، وتحرم الشعوب من حق تطوير دفاعاتها السيادية، بذريعة “ضمان التفوق الإسرائيلي”.

    سباق تسلّح جديد.. وتراجع في الضبط الدولي

    تؤكد بيانات معهد SIPRI أن العالم يشهد حالة “سباق تسلّح نووي جديد”، في ظل تقهقر أدوات الضبط والرقابة. فمع الانسحاب الأميركي من معاهدة القوات النووية المتوسطة (INF) والتحفّظ على تجديد معاهدة “نيو ستارت”، تتسابق الدول الكبرى لتحديث ترساناتها، وإسرائيل ليست استثناءً، إذ تعمل على تطوير تقنياتها النووية بوتيرة متسارعة، بما يشمل قدرات التوصيل الجوية والصاروخية.

    نداء من أجل عدالة نووية شاملة

    إن احتكار إسرائيل للسلاح النووي، مع الحصانة الدولية التي تتمتع بها، يُعدّ تهديدًا ليس فقط للأمن الإقليمي، بل ولنزاهة النظام العالمي القائم على القانون الدولي. لذلك، فإن الحلّ لا يكون بالتصعيد أو الضربات الوقائية، بل بفرض نزع نووي شامل في منطقة الشرق الأوسط، يشمل إسرائيل أولًا.

    كما أن إصلاح النظام الدولي يقتضي إخضاع جميع البرامج النووية، بما فيها السلمية، لرقابة متعدّدة الأطراف تتسم بالشفافية والعدل، بعيدًا عن الانتقائية السياسية.

    لا أمن حقيقي في ظل امتيازات نووية غير متوازنة، ولا استقرار مع دولة تمتلك سلاحًا نوويًا خارج كل الأطر الرقابية. إن قنبلة واحدة، سواء أُطلقت أم بقيت مُهدِّدة، كفيلة بأن تُعيد تشكيل الشرق الأوسط… والعالم كله.

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

    وسام زغبر

    spot_imgspot_img