المزيد

    ذات صلة

    الأكثر مشاهدة

    خلاصة القول.. إيران وحلفاؤها انتصروا وسقط العدو وعملاؤه

    إيران كانت، وما زالت، العنصر الأهم، إن لم يكن...

    أرقام مرعبة: مراكز المساعدات في غزة تتحوّل إلى مصائد موت جماعي

    كشف المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أن ما يُعرف...

    قصة اصطياد عميل “رفيع” كشف خفايا “فوردو”!

    ارتبط اكتشاف خفايا "فوردو" لأول مرة بقضية تجسس كبرى...

    ترامب يشبّه قصف المنشآت النووية الإيرانية بضرب هيروشيما وناغازاكي

    الرئيس الأميركي دونالد ترامب يزعم أن الضربات الأميركية على...

    هل خرجت إيران بالفعل منتصرة من هذه الحرب؟

    في الثاني عشر من حزيران، شنّت إسرائيل عدوانًا واسعًا على إيران، وفق خطة مدروسة بعناية، بهدف تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية: القضاء على المشروع النووي الإيراني، وتدمير القدرات الصاروخية الباليستية، وتغيير النظام السياسي القائم في طهران. وقد أشار رئيس وزراء الكيان الصهيوني، بنيامين نتنياهو، ومسؤولون آخرون في إسرائيل إلى هذه الأهداف بشكل صريح.

    ولتطبيق هذه الخطة، أقدمت إسرائيل على هجوم مباغت استهدف عدة مناطق سكنية شمال طهران، في عملية مركّبة ذات ثلاثة أبعاد:

    البعد الأول: تنفيذ سلسلة اغتيالات لقادة الصف الأول من العسكريين والسياسيين الإيرانيين. وقد نجحت في اغتيال عدد من القادة، من بينهم القائد العام لحرس الثورة الإسلامية، اللواء حسين سلامي، وقائد القوة الجوفضائية، العميد أمير علي حاجي زاده. وأسفرت هذه الضربات عن سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين، بمن فيهم نساء وأطفال كانوا نائمين في بيوتهم.

    البعد الثاني: شنّ هجمات عسكرية مركزة على منصات إطلاق الصواريخ، والدفاعات الجوية، والرادارات، بهدف شلّ القدرة الإيرانية على الرد ومنعها من الدفاع عن منشآتها النووية والعسكرية.

    البعد الثالث: تنفيذ عمليات أمنية من خلال تفعيل خلايا نائمة، واستخدام شبكات تجسسية، وتوظيف بعض اللاجئين الأجانب، خصوصًا من أفغانستان، لتنفيذ هجمات داخلية عبر طائرات مسيّرة صغيرة، تستهدف منشآت مدنية وعسكرية وعلماء ومسؤولين. والغاية كانت خلق فوضى داخلية، وزعزعة الأمن، وإثارة الرأي العام ضد النظام.

    وقد كان الهدف الأعلى من هذا العدوان المركّب هو تغيير النظام السياسي في إيران، بدعم من الولايات المتحدة، التي نسّقت مع بعض أطياف المعارضة الخارجية، خاصة جناح نجل الشاه السابق، رضا بهلوي، الذي ظهر في مؤتمر صحفي خلال الأيام الأخيرة للعدوان معلنًا استعداده لتولي الحكم.

    الانتصار الإيراني على المستويين الدفاعي والهجومي

    أولًا: على المحور الدفاعي

    نجحت إيران في إفشال المخطط الإسرائيلي المدبّر، وتصدّت للعدوان بكل اقتدار. فالأهداف الثلاثة التي سعت إسرائيل لتحقيقها لم تتحقق:

    بخصوص المشروع النووي الإيراني، لم تفلح إسرائيل – رغم تنسيقها مع الولايات المتحدة – في تدمير المنشآت النووية. فقد تصدّت الدفاعات الجوية الإيرانية للطائرات المعتدية، كما أن البنية التحتية النووية كانت محصّنة، تقع تحت الأرض وفي عمق الجبال، وتفوق قدرة الطيران الإسرائيلي. ورغم استهداف الولايات المتحدة لبعض الأنفاق المؤدية إلى منشآت “فوردو”، في خرق صارخ لمعاهدة عدم الانتشار النووي للوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإن العناصر الأساسية للمشروع النووي – من يورانيوم عالي التخصيب، وعلماء، وأجهزة طرد مركزي – لم تُمسّ، وما تزال إيران تحتفظ بها.

    وبالنسبة للهدف الثاني، وهو القضاء على الصواريخ البالستية، فإن هذه الصواريخ ظلّت تُطلق حتى اللحظة الأخيرة، واستهدفت عمق الكيان، بما في ذلك تل أبيب وحيفا، كما كشفت إيران عن صواريخ متطورة ودقيقة جديدة خلال الأيام الأخيرة من المواجهة. بل إن إيران اختبرت قدراتها الصاروخية في مواجهة حقيقية أثبتت كفاءتها.

    أما الهدف الثالث، وهو تغيير النظام السياسي في إيران، فقد سقط تمامًا، إذ التف الشعب الإيراني، بمختلف أطيافه في الداخل والخارج، حول قيادته العليا والقوات المسلحة وعبّر عن وحدته ولحمته ووقف على قلب رجل واحد في وجه العدوان، حتى أن جزءًا كبيرًا من المعارضة في الخارج وقف مع النظام في الدفاع عن السيادة الوطنية.

    وهكذا، فشلت إسرائيل في تحقيق أي من أهدافها، وخرجت إيران من هذه المعركة منتصرة على المستوى الدفاعي.

    ثانيًا: على المحور الهجومي

    الرد الإيراني كان حاسمًا وسريعًا. فبعد ساعات قليلة من الهجوم، استعادت إيران زمام المبادرة، وشنّت ضربات دقيقة على أهداف استراتيجية وحساسة داخل الكيان الإسرائيلي، مستخدمة صواريخ باليستية من مختلف الأنواع، أدّت إلى شلل الحياة من شمال فلسطين المحتلة إلى جنوبها.

    في الأيام الأخيرة من الحرب، استخدمت إيران صواريخ دقيقة وثقيلة، كانت قادرة على تدمير منشآت كاملة بصاروخ واحد، مثل معهد وايزمان للأبحاث، ما شكّل مفاجأة صادمة لإسرائيل والولايات المتحدة، وأعاد فرض توازن الرعب في المنطقة.

    تحت وطأة هذه الضربات، راحت إسرائيل تستجدي الدعم الأمريكي، وناشد نتنياهو الرئيس الأمريكي ترامب بالتدخل الفوري لإنقاذها، لكن حتى دخول الولايات المتحدة على خط المواجهة لم يغيّر مجرى المعركة، خاصة بعد أن وجّهت إيران ضربة مباشرة إلى قاعدة “العديد” الأمريكية في قطر، والتي كانت متورطة في عمليات دعم إلكتروني وتشويش على الدفاعات الجوية الإيرانية، وتسهيل هجمات إسرائيلية على الأراضي الإيرانية.

    وبهذه الضربة، بعثت إيران رسالة واضحة إلى واشنطن: أن قواعدها ومصالحها في المنطقة تحت مرمى النيران الإيرانية.

    وهكذا، تمكنت طهران من فرض معادلة ردع مزدوجة على كل من إسرائيل والولايات المتحدة، وأكدت أنها قادرة على قلب موازين القوة، ليس فقط في الدفاع، بل في الهجوم أيضاً.

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    د/ جلال چراغی

    spot_imgspot_img