المزيد

    ذات صلة

    الأكثر مشاهدة

    صنعاء تعلن استهداف “مطار اللد وثلاث منشآت إسرائيلية” بطائرات مسيّرة وصاروخ “فلسطين 2”

    أعلنت القوات المسلحة اليمنية، مساء الثلاثاء، بياناً أكدت فيه...

    هكذا استخدمت إسرائيل LINK 16 ضد إيران

      خلال العدوان الإسرائيلي الأمريكي على إيران، كانت جميع الدول...

    العثور على حبوب مخدرة داخل طحين الشركة الأمريكية بغزة

    كشف المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، عن العثور على...

    الخسائر متعددة الأوجه للکيان الصهيوني في مواجهة إيران

    رغم ادعاءات بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الصهيوني، بشأن تحقيق...

    حكمة وعقلانية وخيانيَّة الحدث ذاته

    يتدثَّرون بدثار الحرص على فلسطين ودماء غزة، ثم يوغلون في دماء كل من ساند ودفع الغالي والنفيس، في سبيل فلسطين وغزة، وهؤلاء يمتلكون من الألسنة الحِداد الشِداد، والعيون الزجاجية التي لا حياء فيها ولا حياة، ولمجرد أنّه استخدم حبرًا إلكترونيًّا مجانيًّا، في كتابة كلمة تضامنية مع غزة، يحسب أن من حقِّه استخدام حبره لجَلد من جاد بدمه، لأنّه أدَّى للعلا والذرى دوره.

    ويلوون أعناق الوقائع لخدمة توجهاتهم، بمهاجمة كل من يقاوم، فيتخذون من وقف النار في لبنان وفي إيران ابتداءًا ذريعةً لبرهنة أنّ وقف النار هنا خيانة لغزة، ثم يتخذونه مثالًا عقلانيًا وحكيمًا، في حماية المجتمع والعباد والبلاد، مقارنةً بتعنُّت حماس التي لا يهمها دم شعبها ودمار بلادها، فتصرُّ على استمرار الحرب.

    وهم لا ينتبهون للتناقض الصارخ والفاضح في كلا القياسَين، فمن جهةٍ يعتبرون وقف النار خيانة، لكنه يتحول حين القياس بغزة إلى حكمة وعقلانية، ثم يعتبرون أنَّ مهاجمتهم لوقف النار هو هجوم لاعتباره خيانة، لكنهم في الوقت ذاته يطالبون حماس بارتكاب “الخيانة” ذاتها، وخلاصة حقيقتهم أنّهم يريدون من حماس ممارسة حكمة الاستسلام، حتى إذا ما استسلمت، كانوا أول من يتهمها بالخيانة.

    ولكن الحقيقة، أنَّ الوقائع بعيدة كل البعد عن هذا التسطيح الذي يتم طرحه بسذاجة وغرائزية مفرطة، ولعل هذا ما يجعل له مريدين، وهذا سبب وجود مؤيدين ومصفقين، من جمهورٍ يمتلك ذاكرة السمك وذكاء الدجاج.

    في لبنان وفي إيران على اختلاف خلفيات ومسوغات وقف النار، وكذلك على اختلاف منطلقات الحرب وأسباب العدوان، فإنّ القاسم المشترك بينهما، هو أنّ العدو هو من طالب بوقف النار، وقد رضخ للشروط في كلتا الساحتين، رغم الاختلاف في نسبة الالتزام والتطبيق.

    بالمقابل في غزة، يرفض العدو رفضًا قاطعًا وقف النار، فيما حماس هي من تطالب به كشرطٍ لازم لإبرام صفقة، ولو كانت شروط العدو ذاتها في لبنان أو إيران، لما تمت الموافقة على وقف النار، وهنا يأتي دور التدليس، حيث يشيعون أنّ حماس ترفض وقف النار مضحيةً بدماء شعبها، لمجرد رفضها التنازل عن السلطة في غزة.

    رغم أنّ موقف حماس كان معلنًا منذ البداية، بأنّها ليست راغبةً في أيّ سلطة في غزة، مع الموافقة على حكومة تكنوقراط في غزة، والشرط الوحيد أن تكون حكومة بقرار فلسطيني، وليست إدارة تحت سلطة الاحتلال وقراره، لكن هؤلاء لا يريدون سمعًا ولا تعقلًا.

    واليوم، وبعد إشاعة تفاؤل أمريكي عن توجهات لوقف الحرب على غزة، وأنّ هناك انعطافة في مواقف نتنياهو تجاه وقف الحرب، تثور الشائعات ومهاجمة مواقف حماس، للضغط عليها معنويًا أولًا، ولتحميلها مسبقًا نتائج الفشل في التوصل لاتفاق وقف النار ثانيًا.

    رغم أنّه حتى لحظة كتابة هذه السطور، لا توجد مفاوضات كالسابق بين حماس والعدو عبر الوسطاء، إنّما هي مفاوضات بين نتنياهو وترامب من جهة، لصياغة مقترح وقف النار بشروط”إسرائيلية”، ثم وضعه على طاولة الوسطاء، ليحملوه إلى حماس ويضغطوا عليها لقبوله، ثم تحت الضغط كالعادة، تقول حماس: نعم ولكن..! على سبيل رفض الاستسلام بدبلوماسية.

    قد نكون هذا الأسبوع أمام تطوراتٍ دراماتيكية، خصوصًا على ضوء قبول المحكمة تأجيل محاكمة نتنياهو بعد شهادة رئيسيَّ “الموساد” و”أمان”، وهو ما يشي بإمكانية حدوث جرائم كامتدادٍ لجرائم الكيان على مدى ساحة الصراع، إلّا إذا كان الحدث الدراماتيكي هو موافقة نتنياهو على وقف الحرب في غزة وإنجاز صفقة.

    يبدو أنَّ الكيان وترامب أعجبهما فكرة الخداع والإرباك، وأنّ نتائجها كانت فعّالة في عدوان اليوم الأول على إيران، لذلك يعيدون لعبة الخداع والإرباك ذاتها، فيضربون ضربةً غادرة، لكنهم في الوقت ذاته لم يتعلموا، أنّ المكسب التكتيكي لا يصنع انتصارًا إستراتيجيًا، إذ سرعان ما سيدفعون الأثمان الإستراتيجية مقابل مكاسب تكتيكية، وهذه قاعدة لن تتغيّر مهما استحضروا من شياطين الغدر؛ لأنّ للتاريخ نواميس ولله سنن، ولن تجد لها تبديلًا.

    إيهاب زكي
    كاتب فلسطيني من غزة

    spot_imgspot_img