نشرت صحيفة التلغراف البريطانية تقريرًا تحليليًا سلّطت فيه الضوء على التناقض الكبير بين تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي أعلن في مايو الماضي أن صنعاء استسلمت وأوقفت عملياتها البحرية وبين الواقع الميداني الذي يُظهر استمرار وتصاعد هجمات القوات البحرية اليمنية بأساليب أكثر تطورًا وتأثيرًا.
وأكد التقرير أن هذا الأسبوع شهد تصعيدًا غير مسبوق تمثل في غرق سفينتين تجاريتين في ضربتين متتاليتين نفذتهما القوات البحرية اليمنية وهو ما فنّد ما وصفته الصحيفة بـ”ثقة ترامب غير المبنية على أسس واقعية” حيث ادعى أنه أجبر الحوثيين على التراجع بينما اليمنيون يوسّعون حضورهم البحري ويعيدون التوتر إلى الممرات العالمية.
وأوضحت الصحيفة أن السفينتين اليونانيتين إحداهما “ماجيك سيز” التي ترفع العلم الليبيري والثانية “إيتيرنيتي سي” تعرضتا لهجمات دقيقة أدت إلى غرقهما في توقيت متقارب ما كسر حالة الجمود وأربك الملاحة الدولية مشيرة إلى أن المشاهد المصورة التي بثها الإعلام الحربي اليمني والتي وثّقت لحظات الاستهداف بدقة وبجودة عالية عكست قدرات تقنية ولوجستية متقدمة أدهشت المتابعين ووصفتها بـ”الهوليودية”.
ورأت التلغراف أن هذه العمليات البحرية أصبحت محور نقاش في الأوساط الغربية خصوصًا بعد أن أدت إلى ارتفاع تكاليف التأمين والشحن وأظهرت أن القوات المسلحة اليمنية لا تزال تمسك بزمام التأثير الاستراتيجي في البحر الأحمر وخليج عدن رغم كل محاولات القصف والدعاية الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية.
وأضافت الصحيفة أن فشل الولايات المتحدة وحلفائها في وقف الهجمات البحرية يعكس تحولًا استراتيجيًا يُعيد رسم قواعد الاشتباك في المنطقة ويكشف عجز القوى الغربية عن فرض رؤيتها أو ردع اليمنيين بالقوة العسكرية وحدها.
وتابعت الصحيفة أن استمرار الهجمات على السفن المرتبطة بـ”إسرائيل” يعكس تصدعات حقيقية في الاستراتيجية الغربية تجاه اليمن وسلطت الضوء على أن الحملات الجوية التي شنتها واشنطن وتل أبيب ولندن لم تفلح في ثني صنعاء عن موقفها الراسخ في دعم القضية الفلسطينية واستخدام أدوات الردع البحرية لحماية هذا الموقف.
ونقلت التلغراف عن الباحث في النزاعات باولو بايس قوله إن الغارات الجوية مهما كانت كثافتها “لن تنهي الهجمات على السفن” مؤكدًا أن الحل الوحيد الممكن هو التوصل إلى “صفقة سياسية” تتناول جذور الأزمة في اليمن والمنطقة.
وفي ختام تقريرها أكدت التلغراف أن اليمن اليوم لم يعد مجرد ساحة نزاع هامشية بل بات مركزًا إقليميًا يعيد تشكيل ميزان القوى في واحد من أخطر الممرات المائية في العالم وأن ما يجري في البحر الأحمر يحمل دلالات تتجاوز المشهد اليمني إلى معادلات أوسع تتعلق بإعادة توزيع النفوذ الاستراتيجي في المنطقة.