في حوار سياسي معمّق ضمن برنامج “نيوز ميكر” على قناة “روسيا اليوم”، كشف عضو المجلس السياسي الأعلى في صنعاء، السيد محمد علي الحوثي، عن رؤية شاملة لموقف اليمن مما يجري في قطاع غزة، محددًا أن ما تتعرض له فلسطين ليس مجرد حرب، بل “جرائم إبادة مكتملة الأركان”، تنفّذها إسرائيل بدعم أمريكي وغربي مباشر، وصمت عربي مريب.
الحوثي وصف ما يجري في غزة بأنه اختبار صارخ للضمير الإنساني والأخلاقي على المستوى الدولي، معتبرًا أن المجازر المتواصلة، في ظل تغطية إعلامية كاملة، تمثل “سقوطًا جماعيًا لكل من يلوذ بالصمت أو يكتفي بالشجب اللفظي”. وأكد أن الجمهورية اليمنية، قيادة وشعبًا، تعتبر موقفها إلى جانب فلسطين واجبًا دينيًا وإنسانيًا قبل أن يكون موقفًا سياسيًا.
وفي معرض تعليقه على المفاوضات غير المباشرة بين حماس والاحتلال، أشار الحوثي إلى أن الفصائل الفلسطينية قادرة على قراءة ألاعيب العدو والتعامل معها بحنكة، محذرًا من الأسلوب الإسرائيلي القائم على التقسيط في الجرائم لتخفيف ردود الفعل الدولية، وهو نهج وصفه بـ”الخداع المتدرج”.
اليمن: من الدعم الأخلاقي إلى المواجهة العسكرية
الحوثي أكد أن صنعاء تخوض مواجهة مفتوحة مع الاحتلال الإسرائيلي، رغم البعد الجغرافي، مشددًا أن “الموقف ليس محل تساؤل، بل يجب أن يُسأل الآخرون: لماذا لا يتحركون؟”، داعيًا الدول العربية إلى التوقف عن الاكتفاء بالبيانات وامتلاك الجرأة لمواقف حقيقية على الأرض. ولفت إلى أن كل العمليات التي تنفذها القوات اليمنية، سواء في البحر الأحمر أو في العمق الإسرائيلي، تهدف إلى كسر الحصار ومنع استمرار المجازر في غزة، “فلا يمكن أن نقف صامتين أمام أطفال يُذبحون ونكتفي بالمشاهدة”.
وفي حديثه عن العمليات البحرية، أوضح الحوثي أن السفن المستهدفة لم تكن مدنية بل “مرتبطة بشكل مباشر بالموانئ الإسرائيلية، وتقوم بدور داعم للإبادة“، مشيرًا إلى أن هذه الاستهدافات تأتي بعد تحذيرات علنية، وتخضع لقواعد اشتباك واضحة حددها قائد الثورة والقيادة السياسية اليمنية.
الردع الجوي والبحري: نتائج ملموسة على أرض الواقع
وعن فاعلية الهجمات الجوية اليمنية، شدد الحوثي على أن من يُشكك في جدواها “لا يفعل شيئًا”، في حين أن تأثير هذه الهجمات بات معترفًا به حتى من قبل العدو نفسه، مشيرًا إلى إقرار إسرائيل وحلفائها بالخسائر الناتجة عنها، سواء على مستوى الاقتصاد أو الاستقرار الأمني.
وأكد أن استجابة الأمريكيين للتفاهمات السابقة عبر الوساطة العُمانية لا تزال قائمة، ولكن أي عدوان جديد، تحت ضغط إسرائيلي، سيُواجَه برد حاسم، لأن “اليمن اليوم أقوى وأقدر على المواجهة مما كانت عليه في أي وقت مضى”، بحسب تعبيره.
رسائل استراتيجية وتحذير واضح لتل أبيب
الحوثي وجّه تحذيرًا مباشرًا لإسرائيل، مؤكدًا أن “جرائم الإبادة لا تسقط بالتقادم، وأن هذا الكيان المحتل لا يملك مستقبلًا في ظل ما يرتكبه من فظائع”. وأكد أن غزة ليست وحدها، وأن المعركة ضد الاستباحة تمثل التزامًا يتجاوز الجغرافيا ويُعبّر عن ضمير الشعوب.
في ختام الحوار، وجّه تحية إلى المقاومة الفلسطينية وأبطالها، معتبرًا أن غزة أصبحت “مدرسة متكاملة في القيم والشجاعة والصمود”، داعيًا الشعوب العربية والإسلامية إلى التحرّك الجماعي لتحرير الإرادة السياسية من قيود الصمت والجمود، وإعادة توجيه البوصلة نحو القضية المركزية: فلسطين.
