الرئيسية زوايا وآراء الجوع ينهش غزة.. لا تخجلي يا أمّي.. نحن الذين يجب أن نخجل

الجوع ينهش غزة.. لا تخجلي يا أمّي.. نحن الذين يجب أن نخجل

لأوّل مرّة أجد نفسي عاجزا عن الكتابة، حين أشاهد ما يجري في غزة ، أمام هذا الصمت المخزي لأمتنا العربية، التي كنّا نصفها سابقا بالأمّة الماجدة، فباتت أمّة جامدة لا حراك فيها ، أمّة لم تعد خير أمّة أخرجت للناس ، ولكنها أمّة بائسة، متهالكة، خانعة ومتخاذلة.

ماذا عساي أن أكتب إزاء هذا الجوع الذي ينهش أهلنا في القطاع ؛ الأطفال والنساء والشباب والشيوخ، أيّ كلمات بمقدورها أن تصف الحالة، والعديد من عواصم العرب تستعد لإطلاق مهرجانات الصيف ؛ حيث الرقص والغناء على جراحات شعبنا الفلسطيني في غزة والضفة ، أيّ كلمات ستفي غزة حقها في هذا الظرف البائس؟ يالبؤس هذه الأمّة ولأنظمة باعت نفسها للشيطان الصهيوني والأمريكاني.

ما حفّزني على الكتابة حين شاهدت إمرأة فلسطينية تغطي وجهها ، تحاول الحصول على وجبة طعام، هنا.. لم أتمالك نفسي أبدا ، أقسم برب العباد أنني أجهشت بالبكاء كطفل صغير، حينها صرخت.. لا تخجلي يا أمّي ، أنت رمز كرامتنا وعزّتنا، أنت الفخر والعنفوان، يكفي أنّك فلسطينية، صابرة ومرابطة ومحتسبة، نحن الذين يجب أن نخجل، هذا إذا ما بقي لدينا ذرّة من خجل وحياء.

المشهد اليوم في غزة لا يمكن الإحاطة به بمقال أو تقرير هنا أو هناك، لا يمكن وصف الحال في القطاع ، ونحن نشهد الأطفال يتساقطون من فرط الجوع ، مشهد بات عند البعض خبرا عاديا ، غير أنّه يمثّل وصمة عار في جبين الأمّة كلّها دون استثناء لأحد ، في الوقت الذي نعينا فيه ما يسمّى النظام الرسمي العربي، الذي مازال يتبجّح بمصطلحات السيادة والأمن القومي، والجميع يدرك بأنّ يد كيان الإحتلال قادرة على الوصول لمختلف العواصم ، لا نريد ممارسة الضحك على الذقون ، هذه هي الحقيقة ، يتوددون لنتنياهو وترامب، وهم أوّل من يساقون للمذبح رغما عنهم.

الشعب الفلسطيني في غزة يتعرّض لأبشع أنواع القتل والتجويع، والنظام الرسمي العربي لا يحرّك ساكنا، سوى من بعض فتات البيانات المقززة التافهة التي تجد في النهاية مصيرها في حاويات القمامة ، وفوق ذلك يصرّ هذا النظام الرسمي على مواصلة الحديث عن السيادة والأمن القومي ، وبلدانهم تحت طائلة الإستباحة في أيّ لحظة.

استمعت لبيان الناطق باسم القسّام أبو عبيدة ، رسالة هي الأقسى لحكّام العرب والمسلمين ، لم تعد المقاومة تحتمل هذا الصمت والتخاذل ، لا بل والمشاركة في الجريمة ، لقد حمّلهم أبو عبيدة مسؤولية هذه الدماء الطاهرة التي تسيل في غزة ، قائلا .. رقابكم مثقلة بدماء عشرات آلاف الأبرياء ممن خذلوا بصمتكم، نعم .. هم يتحمّلون ذلك قبل نتنياهو وعصابته وجيشه ، فهل يشعر هؤلاء بالخجل بعد واحد وعشرين شهرا من العدوان الصهيو أمريكي ؟

وأعود إلى تلك الأمّ الفلسطينية التي أخفت وجهها وأناشدها بعدم إخفائه بعد اليوم، أمّا نحن؛ فعلينا الإختباء الذي اعتدنا عليه ، فقد أدمنّا دفن الرؤوس في الرمال ، ورغم ذلك نصرّ على التحضير لمهرجانات هنا وهناك .. فقد بات من الصعب إلغاؤها ، فهي تمثّل التاريخ المجيد والحضارة والثقافة ، وهي عنوان ثوري لآخر صيحات الرقص والغناء، ولكن على جراحات غزة .. !

ستنهض غزة، وستبقى المقاومة ، وتعود تلك الأمّ الفلسطينية

مرفوعة الرأس كعهدها دائما ، حينها ؛ لن نستطيع النظر إلى وجهها ، لأننا لا نستحق ذلك أبدا .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

د. محمد أبو بكر

لا يوجد تعليقات

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

Exit mobile version