في مشهد إنساني مأساوي يفوق الوصف، أكدت وزارة الصحة في قطاع غزة استشهاد أكثر من 900 فلسطيني، بينهم 71 طفلاً، نتيجة الجوع وسوء التغذية، في ظل الحصار الإسرائيلي الخانق ومنع دخول المساعدات الغذائية والدوائية. بينما يتفاقم الوضع الصحي والإنساني، يواصل الاحتلال ارتكاب المجازر بحق المدنيين وطالبي المساعدة، في ما يبدو أنه استخدام ممنهج للتجويع كسلاح حرب.
وفي أحدث فصول هذه المأساة، استُشهد 73 فلسطينياً صباح اليوم الأحد، من بينهم 67 من طالبي المساعدات، في مجزرة دامية ارتكبتها قوات الاحتلال بمنطقة السودانية شمال غربي مدينة غزة، وفق ما أفادت به مصادر طبية.
وزارة الصحة في غزة وصفت الوضع بـ”الكارثي” وأكدت أن الأطفال يموتون جوعاً أمام عدسات الكاميرات، في وقت يعاني فيه أكثر من مليوني إنسان من المجاعة في ظل الحصار المستمر وغياب الإرادة الدولية الفاعلة لوقف هذه الجريمة.
وأشارت الوزارة إلى أن منع دخول الدواء وانهيار المنظومة الصحية بات يهدد حياة آلاف المرضى والجرحى، فيما دعت الأطراف الدولية والإنسانية إلى الضغط الفوري على إسرائيل لفتح ممرات آمنة وإدخال المساعدات العاجلة. وأوضحت أن الصمت الدولي أمام هذه الجرائم، يعكس تخلياً أخلاقياً وإنسانياً عن قيم العدالة والكرامة البشرية.
ضحايا الجوع: من الطفولة حتى الكوادر الطبية
مع تزايد حدة المجاعة، سُجلت وفيات مؤلمة لأطفال بسبب الجوع الشديد، أبرزها الطفلة رزان أبو زاهر (4 أعوام)، التي فارقت الحياة في مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح، والرضيع يحيى النجار (3 أشهر) الذي توفي في خان يونس نتيجة سوء التغذية الحاد ونقص الحليب.
ولم تسلم الطواقم الصحفية من هذا الواقع، حيث أُدخل الصحفي محمد أبو سعدة إلى العناية المركزة بمستشفى الشفاء نتيجة تدهور حالته الصحية بسبب الجوع.
وفي مشهد يعكس حجم الكارثة، لم يتمكن الطاقم الطبي نفسه من تناول الطعام لأكثر من 24 ساعة، ما ينذر بانهيار شامل للقدرات التشغيلية في المستشفيات، وسط انعدام الموارد ونقص الكوادر والمستلزمات.
نداءات استغاثة في العراء… وذوو الإعاقة يواجهون الموت بصمت
أطلقت منظمات أهلية نداءات عاجلة لإنقاذ ما يقارب 100 من ذوي الإعاقة في مركز إيواء بدير البلح، يعيشون في ظروف إنسانية مأساوية دون دواء أو غذاء أو رعاية.
في المقابل، يواصل الاحتلال استهداف المدنيين عند نقاط توزيع المساعدات، حيث قُتل العشرات أثناء محاولتهم الحصول على ما يسد رمقهم. كما سقط شهداء في شمال رفح إثر إطلاق نار مباشر قرب مركز مساعدات.
غارات جوية وتحذيرات بالإخلاء… والمجاعة تزداد اتساعاً
على الصعيد الميداني، يشهد القطاع تصعيداً عسكرياً جديداً، مع تحليق كثيف للطيران الحربي وتحذيرات إسرائيلية جديدة لسكان دير البلح بالإخلاء، في مؤشر على نية توسيع العمليات البرية. وترافق ذلك مع عمليات قصف عنيف ونسف منازل، في استكمال لسياسة التهجير والتجويع.
ومنذ بدء العدوان الإسرائيلي في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، يواجه سكان قطاع غزة حرب إبادة جماعية، أدت حتى اللحظة إلى سقوط أكثر من 198 ألف شهيد وجريح، غالبيتهم من النساء والأطفال، فضلاً عن أكثر من 11 ألف مفقود.
الضمير العالمي على المحك
وسط هذه الكارثة، حذرت منظمات فلسطينية ودولية من أن غزة تمر بأسوأ مراحل المجاعة في العصر الحديث، محملة المجتمع الدولي مسؤولية السماح باستمرار هذه الجريمة الجماعية.
ويبقى السؤال الأشد ألماً: كم من طفل يجب أن يموت جوعاً قبل أن يصحو الضمير الإنساني؟