المزيد

    ذات صلة

    الأكثر مشاهدة

    تحصين جبهتنا الداخلية الرسمية أولوية

    في خطابه بمناسبة ذكرى استشهاد الامام زيد عليه السلام...

    بالصور.. الجوع يفتك بأطفال غزة والعالم يتفرّج

    في وقت لا تزال فيه التحذيرات الأممية تتوالى بشأن...

    وزير الخارجية يندد بالإجراءات التعسفية لآلية “UNVIM” للأمم المتحدة ويدعو لإلغائها

    أعرب وزير الخارجية والمغتربين، جمال عامر، عن استنكاره الشديد...

    أرواح غزة تُزهَق تحت مقصلة التجويع وتحذيرات من موت جماعي وشيك

    في وقتٍ لا تزال فيه نيران الحرب الإسرائيلية تلتهم...

    اليمن تحت رحمة موجة حر وجفاف حاد يهددان الزراعة والرعي

    تواجه مناطق واسعة من اليمن موجة حر شديدة وغير...

    هل يموت أبناء الملوك كما يموت أطفال غزة؟

    تقدِّم السعودية نفسها باعتبارها القائد الفعلي للعالم العربي، نظراً لعوامل كثيرة، أهمها المال المتراكم بسبب الثروة النفطية. وبسبب هذه النظرة، مارس آل سعود تدخلاتٍ كثيرة في شؤون الدول الأخرى، بلغت حد القتل لزعمائها أو خطفهم ووضعهم تحت السجن أو الإقامة الجبرية، كما تفعل مع الساسة اليمنيين منذ زمنٍ طويل. وليس الحال بأفضل منه في سائر البلاد العربية، فكل اقتتالٍ داخلي خلفه المال السعودي، ثم الأموال الأخرى من شركائها في الخليج.

    لكن تلك السطوة تلاشت كلياً ولا تزال عند الحديث عن القضية الفلسطينية. فالسعودية هنا ليست السعودية العظمى، وقادتها يعجزون حتى عن الكلام. وكان بإمكانهم، وبمستويات معينة من الضغط السياسي، أن يوقفوا المأساة الإنسانية، خاصة الموت من الجوع، فحلُّ هذه المعضلة متيسرٌ لهم، لو أرادوا أن يوقفوا المجاعة. ويكفي أن يُلمّح محمد بن سلمان بأنه سيخفض من إنتاج المملكة النفطي، حتى يُهرع الغرب لإيقاف الإبادة في غزة، ووقف المجازر، وحلّ الكارثة الإنسانية العاصفة بالقطاع.

    لكن آل سعود اختاروا ما هو أسوأ حتى من الصمت، وقرروا التصهين حد الثمالة، والقبول بكل الإجرام الصهيوني تحت مزاعم سياسية عارية عن الصحة، وتصوير ما يحدث في القطاع بأنه أزمة بين “إسرائيل” و”حماس”، وأن الأخيرة تتحرك لأجندات إيرانية تملي عليها افتعال الأزمات مع تل أبيب، ولولا ذلك ما كان هناك قضية اسمها فلسطين.

    وهم بذلك قد تبرؤوا من كل القيم الدينية والإنسانية، ولا فرق بينهم وبين اليهود في نظرتهم للشعب الفلسطيني. والأدهى من ذلك كفرهم بالعدالة الإلهية التي لن تستثني أحداً تجاهل أو أعرض عن الكارثة الغزاوية، فكيف بمن موّل وتآمر ووقف في صفّ الجناة المجرمين.

    وهنا نُذَكِّر آل سعود، وأولهم محمد بن سلمان، بأن أحداث غزة قد تتكرر حتى في عقر دارهم، وأن الموت جوعاً لن يكتفي بأطفال القطاع، وسيشمل أيضاً أطفاله. وليس ذلك على الله بعزيز، وكما أبناؤه أغلى لديه من كل البشرية، فهم عند الله وأطفال غزة في مقامٍ واحد، وقد يشرب بن سلمان وآل بيته من نفس الكأس، طال الزمان أم قصر.

    ومن عجائب القدر أن أفراداً من آل سعود ماتوا جوعاً، وإن كان ذلك بعيداً عن الحسبان. منهم الأخ الأكبر لمحمد بن سلمان، وهو الأمير فهد، الذي لقي حتفه جوعاً وعطشاً عام 2001 بعد أن ضاع في رحلة برية في صحراء المملكة. وقد تكرر الأمر مع الأمير فهد بن تركي بن سعود، بعد أقل من عام.

    وبالإشارة إلى الأخير، فقد تزامنت وفاته المأساوية مع مصرع أميرين آخرين من آل سعود، أحدهما أخٌ آخر لمحمد بن سلمان، وهو الأمير أحمد بن سلمان، وكذلك الأمير سلطان بن فيصل بن تركي بن عبد الله آل سعود، في حوادث لا تزال غامضة حتى اليوم.

    وليس الموت جوعًا قدرًا حكرًا على أطفال غزة، فقد يطال أبناء محمد بن سلمان كما طال أولئك الأطفال الذين تُركوا يواجهون المصير وحدهم. فكما عجزت السلطة والنفط عن إنقاذ الجياع في غزة، قد لا تقوى على حماية من في القصور إن دارت الدوائر. وعدالة السماء لا تفرّق بين طفلٍ تحت الركام وآخر في أفخم القصور، وقد يشرب أبناء السلطة من ذات الكأس التي تجرّعها أطفال فلسطين، ولو بعد حين.

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    محمد محسن الجوهري

    spot_imgspot_img