المزيد

    ذات صلة

    الأكثر مشاهدة

    عون يوعز للجيش اللبناني بالتصدي للتوغلات الإسرائيلية وحزب الله يثمن موقفه

    أوعز الرئيس اللبناني جوزيف عون اليوم الخميس لجيش بلاده بالتصدي لأي...

    الشوفان سلاح طبيعي لخفض ضغط الدم وتعزيز صحة القلب والجهاز العصبي

    ينصح الأطباء الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع مستوى ضغط...

    أفضل 4 مشروبات لمرضى القلب لصحة أفضل

    يحتاج مرضى القلب والأوعية الدموية إلى اتباع نظام غذائى...

    أخصائية تغذية توضح أفضل مصادر الحديد وكيفية امتصاصه

    أفادت الدكتورة داريا ديبروفا، أخصائية الغدد الصماء وخبيرة التغذية،...

    الكُرة في ملعب السعوديّة الآن

    عندما يخرج القائمُ بأعمال رئيس الوزراء فضيلة القاضي العلامة...

    هدنة كاذبة ومساعدات مخادعة..

    في مشهدٍ يعكس بشاعة الكيان الصهيوني وازدواجيته الإجرامية، تتكرّر الجريمة لكن بأقنعةٍ جديدة. هدنةٌ يُروَّج لها في الإعلام كنافذة للسلام ووقف إطلاق النار، لكنها في واقعها ليست سوى خدعة مدروسة لإعادة ترتيب آلة القتل، وتمرير جولة جديدة من الإبادة، بأسلوب أكثر خداعًا ودموية.

    لقد أطلّ الاحتلال ومطبعيهِ هذه المرة بوجهٍ مخادع، مغلفٍ بمساعدات رمزية تُلقى جوًّا أو عبر بضع شاحنات، في محاولة مكشوفة لتجميل صورة الجلاد أمام أعين العالم المتخم بالصمت أو التواطؤ. هذه اللفتة الإنسانية ليست سوى ستار دخاني يموّه على الجريمة المتواصلة، ويخفف من حدة الغضب العالمي المتصاعد إزاء جرائم الإبادة الجماعية في غزة.

    فمنذ بداية الحديث عن الهدنة لم تتوقف المذابح، ولم تهدأ آلة القصف، ولم تنم غزة ليلة واحدة دون أن تودّع مزيدًا من أبنائها، تحت الأنقاض أو في طوابير الجوع. وبينما يتصدر الحديث الإعلامي عن دخول مساعدات محدودة، تستمر قوات الاحتلال في قصف المستشفيات، ومخيمات النزوح، وكل ما تبقى من معالم الحياة في القطاع المنكوب.

    المساعدات التي تم إسقاطها من الجو أو إدخال بضع شاحنات، ليست سوى قطرة في بحر المعاناة، بل أشبه ما تكون بتمثيلية بائسة تهدف لامتصاص الغضب الدولي، وتقديم الاحتلال على أنه طرف متعاون إنسانيًا، بينما هو في الحقيقة، يقود جولة أكثر دموية، وأكثر وحشية، في مسلسل طويل من الجرائم ضد الإنسانية.

    الاحتلال اليوم لا يكتفي بالقتل، بل يسعى إلى تزيين جريمته وتلميع صورته عبر بوابة المساعدات الشكلية، التي لا تسمن ولا تغني من جوع، بل تُستخدم كأداة سياسية بيد المجرم لتبييض صفحته السوداء.

    إن ما يحدث في غزة هو امتحان حقيقي لإنسانية العالم، واختبار لضمير الشعوب الحرة. هدنة زائفة، ومساعدات كاذبة، ودماء تُراق كل ساعة، فيما يستمر صمت المجتمع الدولي، وتواطؤ بعض الأنظمة، وتخلي البعض الآخر عن أقل درجات المسؤولية الأخلاقية والدينية تجاه شعب محاصر يُذبح تحت سمع العالم وبصره.

    في النهاية، تبقى الحقيقة ثابتة لا تتغير: لا سلام مع مجرم، ولا إنسانية في ظل احتلال، ولا عدالة ما لم يُكسر هذا الصمت، ويُحاسب السفاح على كل ما ارتكبه من جرائم بحق شعب أعزل.

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    عبدالمؤمن محمد جحاف

    spot_imgspot_img