في تطور دبلوماسي لافت يعكس تحولات ملموسة في المزاج الدولي تجاه القضية الفلسطينية، أعلنت خمسة عشر دولة، بقيادة فرنسا، عزمها الاعتراف بدولة فلسطين، في بيان مشترك صدر في ختام مؤتمر “حل الدولتين” الذي عقد في نيويورك، برعاية فرنسية–سعودية.
وقال وزير الخارجية الفرنسي، جون نويل بارو، عبر منصة “إكس“:
“في نيويورك، مع 14 دولة أخرى، توجه فرنسا نداءً جماعياً: نعرب عن عزمنا الاعتراف بدولة فلسطين، وندعو الذين لم يفعلوا ذلك بعد إلى الانضمام إلينا”.
وشملت قائمة الدول الموقعة على البيان كلًا من: فرنسا، كندا، أستراليا، أندورا، فنلندا، آيسلندا، أيرلندا، لوكسمبورغ، مالطا، نيوزيلندا، النرويج، البرتغال، سان مارينو، سلوفينيا، وإسبانيا.
ومن بين هذه الدول، أعربت تسعٌ منها لم يسبق لها الاعتراف بفلسطين، عن استعدادها أو اهتمامها الإيجابي بالخطوة، مما يُشكّل تحوّلاً دبلوماسياً واسع النطاق في أوروبا وخارجها.
التنسيق بين دول سبق أن اعترفت بفلسطين مثل إسبانيا وأيرلندا وسلوفينيا والنرويج، وبين دول ذات وزن في المحافل الدولية مثل كندا وأستراليا، يُبرز التوجه نحو خلق كتلة دبلوماسية موحّدة تدعم حل الدولتين وتعترف بشرعية الدولة الفلسطينية على حدود 1967.
وفي هذا السياق، لفتت القناة 12 الإسرائيلية إلى أن هذا البيان “تم بالتنسيق مع دول حسمت موقفها سابقاً”، ما يعكس حالة ارتباك واضحة في الأوساط الإسرائيلية والأميركية تجاه هذا الحراك المتسارع.
وتزامن البيان مع إعلان رئيس الوزراء المالطي، روبرت أبيلا، أن بلاده ستعترف بدولة فلسطين خلال أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول المقبل، مشددًا على أن هذه الخطوة “تعكس التزام مالطا بدعم سلام دائم يقوم على حل الدولتين”.
وفي كندا، نقلت وسائل إعلام عن مصدر حكومي أن أوتاوا “تدرس الاعتراف بالدولة الفلسطينية إذا واصلت إسرائيل تجاهل الدعوات لوقف إطلاق النار في غزة”، وهو ما يُعد مؤشراً على تراجع الدعم غير المشروط لإسرائيل حتى في دول الحلف الأطلسي.
من جهته، اعتبر رئيس المركز الأوروبي الفلسطيني للإعلام، رائد الصلاحات، أن هذه التحركات الدولية تعكس حجم الحرج الذي تعيشه حكومات تلك الدول أمام شعوبها، لا سيما في ظل الصمت الرسمي إزاء ما وصفه بـ”الإبادة الجماعية” و“التجويع الممنهج” في غزة.
وأوضح الصلاحات أن الشعوب الأوروبية التي تتظاهر يومياً بدأت تضغط على حكوماتها لاتخاذ مواقف أكثر وضوحاً وعدلاً تجاه ما يجري في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مؤكدًا أن الاعتراف “هو محاولة لتدارك ما لم يعد قابلاً للتبرير من صمت وتواطؤ”.
ورغم وصفه لبعض هذه التحركات بـ“النفاق الأوروبي المتأخر”، يرى الصلاحات أن الاعتراف بفلسطين يُعد تطورًا سياسيًا ذا أثر مباشر، إذ “يُجبر تلك الدول لاحقاً على التعامل مع كيان فلسطيني له حدود وسيادة، ويُخولها المطالبة بحقوقه دوليًا”.
كما أشار إلى أن الاعتراف الجماعي “يسقط دور الوساطات الشكلية، ويضع الاحتلال في مواجهة دولة ذات تمثيل قانوني معترف به دوليًا”، ما يعني أن الدول المُعترفة ستجد نفسها في موقع المسؤولية للضغط على إسرائيل مقابل احترام حقوق الفلسطينيين، ووقف الاستيطان، والالتزام بالشرعية الدولية.