في الوقت الذي يتعرض فيه قطاع غزة لأبشع حملات الإبادة والتجويع الجماعي، كشفت بيانات ملاحية عبر الأقمار الاصطناعية استمرار تدفق السفن التجارية من دول تزعم “الحياد” أو “الدعم الإنساني” إلى موانئ الاحتلال الإسرائيلي، ما يثير تساؤلات حادة حول ازدواجية المواقف وتواطؤ الأنظمة في تزويد آلة الحرب بالموارد اللوجستية والاقتصادية.
ووفق بيانات رصد حديثة، وصلت ست سفن من مصر وتركيا إلى ميناء حيفا المحتل في الأول من أغسطس، منها أربع سفن تركية وسفينتان مصريتان، تحمل شحنات من البضائع العامة، الإسمنت، والحاويات، في تحدٍ مباشر للقرارات الدولية والمواقف المعلنة بشأن وقف دعم الاحتلال خلال عدوانه على غزة.
كما استقبل ميناء أسدود المحتل خلال الفترة نفسها سفينتين مصريتين محمّلتين ببضائع عامة وإسمنت، بينما أظهرت مؤشرات تتبع الملاحة تحرك سفن أخرى من البلدين في طريقها إلى الميناء ذاته.
ويُلاحظ أن نسبة السفن القادمة من الموانئ التركية والمصرية إلى ميناء أسدود بلغت 14% لكل منهما، وهي نسبة لافتة في ظل ظروف الحرب المتصاعدة والحصار المفروض على الفلسطينيين في القطاع.
ولا تتوقف حركة الملاحة عند التوريد فقط، بل تشمل أيضاً حركة تصدير نشطة، إذ غادرت 12 سفينة من الموانئ المحتلة إلى تركيا خلال الفترة ذاتها، بينها سفن حاويات وناقلات مركبات وسفن بضائع سائبة ونفطية.
أما من جهة مصر، فتشير البيانات إلى تحرك 15 سفينة إسرائيلية نحو الموانئ المصرية، بينها 14 سفينة بضائع عامة وسفينة حاويات، متجهة إلى بورسعيد ودمياط والعريش وأبو قير، ما يضع القاهرة في قلب شبكة التوريد التجاري للكيان رغم بشاعة ما يجري في غزة.
ويستورد كيان العدو الإسرائيلي من تركيا المركبات، الحديد، الفولاذ، الأجهزة الكهربائية، الأقمشة، الزيوت النباتية ومواد البناء، فيما يستورد من مصر الخضروات والفواكه المعلبة، الأملاح، الإسمنت، وبعض المواد الكيميائية.
ويرى مراقبون أن استمرار هذا التدفق التجاري “يمنح آلة الحرب الصهيونية ما تحتاجه للاستمرار”، ويجعل من هذه الدول “شريكة بصمت أو بتواطؤ صريح في جرائم الحرب والتجويع الجماعي التي تُرتكب على مدار الساعة في غزة”.
ويؤكد محللون أن الاحتلال يستغل موقع الموانئ المصرية كمحطات ترانزيت لتجاوز الحظر في البحر الأحمر، خاصة ميناء بورسعيد، لنقل الحاويات إلى موانئه، ما يعني “التفافاً مفضوحاً على المعايير الأخلاقية والإنسانية” التي تتغنى بها البيانات الرسمية.