كشفت صحيفة ذا كريدل الأمريكية عن تفاصيل ما وصفته بـ “حرب إلكترونية استخباراتية معقّدة” تشنّها الولايات المتحدة و”إسرائيل” ضد اليمن، في محاولة لتعويض الفشل العسكري والاستخباراتي في مواجهة قوات صنعاء التي أربكت الحسابات الإقليمية والدولية منذ انخراطها في معركة “طوفان الأقصى”.
وأكدت الصحيفة أن المحاولات الاستخباراتية الغربية ارتفعت بشكل كبير بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، حين انضمت صنعاء رسميًا إلى معركة الإسناد العسكري لغزة. مضيفة أن “تل أبيب” وواشنطن باشرتا عمليات اختراق إلكتروني وتجنيد معقّدة بهدف سدّ “الفراغ المعلوماتي الكبير” حول قدرات صنعاء العسكرية.
وأوضحت الصحيفة أن هذه الحرب لا تُشن بالطائرات المسيّرة ولا بالصواريخ، بل هي “غزو صامت وناعم”، يتسلّل إلى الداخل اليمني عبر وسائل رقمية وتجسسية ونفسية، تستهدف تفكيك الجبهة الداخلية لصنعاء، وزعزعة استقرارها من الداخل.
وشملت الهجمات الإلكترونية محاولات اختراق واسعة النطاق، عبر رسائل نصية من أرقام أجنبية، عروض عمل وهمية، وحسابات تنتحل صفات أكاديمية أو إعلامية، إلى جانب تجنيد عناصر تحت غطاء منظمات إنسانية وإغاثية. كل ذلك في محاولة فاشلة لاختراق مجتمع مقاوم مغلق، يتبنى عقيدة “الصمت الأمني” في التعامل مع التهديدات.
وأكدت الصحيفة أن الضربات اليمنية التي طالت ميناء إيلات ومطار بن غوريون وغيرها من المصالح الإسرائيلية، شكّلت صدمة أمنية في تل أبيب، وكشفت هشاشة المنظومة الاستخباراتية الغربية في مواجهة “لاعب يمني جديد” على خارطة الردع الإقليمي.
وأشارت ذا كريدل إلى أن دوائر القرار في “إسرائيل“، بما في ذلك وزارة الحرب والموساد، أجبرت على إعادة تقييم استراتيجياتها تجاه اليمن، بعد أن كانت صنعاء تُعتبر خارج نطاق التهديد المباشر. وقد صرّح وزير الحرب الإسرائيلي السابق أفيغدور ليبرمان علنًا بضرورة فتح قنوات تجنيد وتخريب داخل اليمن، وتمويل قوى محلية لإشغال القوات المسلحة اليمنية.
واعترف مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق، يعقوب عميدرور، أن الكيان أخطأ في قراءة المشهد اليمني، ما سمح بتحقيق عنصر المفاجأة، وأدى إلى فشل استخباراتي مدوٍ، أجبرهم على الانخراط المتأخر في الساحة اليمنية.
وكشفت الصحيفة أن “إسرائيل” بدأت البحث عن يمنيين من أصول يهودية يجيدون اللهجة المحلية، بهدف تجنيدهم كجواسيس. إلى جانب ذلك، انتشرت إعلانات على مواقع التواصل تُقدّم مبالغ مالية ضخمة تصل لمليون دولار مقابل تقديم معلومات عن قيادات صنعاء أو مواقع بحرية حساسة.
وأشارت إلى أن بعض الجواسيس الذين تم ضبطهم تلقّوا تدريبات استخباراتية متقدمة في دول أوروبية، ودخلوا اليمن بغطاء إعلامي وإنساني، ما منحهم قدرة على المناورة وجمع بيانات دقيقة عن الأسلحة والمواقع العسكرية الحساسة.
واستخدمت هذه الشبكات أجهزة إرسال مشفّرة، وبرمجيات تجسس متطوّرة، وأنظمة اتصالات عبر الأقمار الصناعية يصعب تعقبها. كما نُفذت محاولات اغتيال وتخريب استهدفت البنية التحتية الدفاعية اليمنية.
واختتمت الصحيفة بالتأكيد أن الحرب على اليمن لم تعد فقط عسكرية أو اقتصادية، بل أصبحت الآن استخباراتية بامتياز، ومفتوحة على كل الأساليب القذرة، محذّرة من أن القدرة على الصمود في وجه هذه الهجمات، مرهونة بوعي الشعب اليمني واستمرار مناعته الداخلية في مواجهة الاختراقات الناعمة.