توقفت الملاحة الإسرائيلية كلياً عن العمل، وأصبحت خارج الخدمة بفعل الضربات الجهادية لرجال الرجال في باب المندب ومحيط المنطقة من البحرين العربي والأحمر، ولم تفلح جهود الكيان وحلفائه الغربيين، وعلى رأسهم الحليف الأمريكي، في تأمين الملاحة الصهيونية، رغم حجم الضربات الجوية التي استمرت قرابة السنة، وتسببت فقط في قتل المدنيين وترويعهم، دون تحقيق أي نصرٍ عسكري يُذكر، وباعتراف العدو نفسه.
لكنَّ دولاً أخرى، محسوبة مجازاً على الأمة الإسلامية، لم ترضَ بذلك الحصار، وفرضت جسوراً برية وبحرية لإغاثة العدو الصهيوني وتزويده بما يحتاج، حتى يتسنى له القضاء على من تبقى من مسلمي غزة، وهو الموقف الذي كنا نتوقعه ونتمناه منهم تجاه إخوتهم في القطاع، لكن البوصلة قد تغيرت، وبفعل العقائد المغلوطة، أصبح العرب والأتراك يتنافسون على سقاية اليهود وإطعامهم، ويرون ذلك واجباً دينياً لا يجوز تركه في أي حالٍ من الأحوال.
ورغم ما تعانيه غزة وسكانها من أزمة لا توصفها العبارات، إلا أن وجع أهلها لا يعنيهم، ولا يخجلون حتى من إدانة الحق الفلسطيني في الدفاع عن مقدسات الأمة وكرامتها، ولا أظن – بعد ما رأيناه من أهوال الغزيين – أن هناك أملاً ولو يسيراً في أن يتحرك أولئك المنافقون ولو بدافع الضمير الإنساني، بعد أن فقدوا وازعهم الديني، وتحولت قبلتهم لصالح الكيان.
آخر الأخبار تشير إلى أن السفن التركية والمصرية لا تزال تفرغ حمولاتها بشكلٍ يومي في موانئ الاحتلال، وتعود من هناك محمَّلةً بالبضائع الصهيونية التي لاقت مقاطعة واسعة من دول العالم. وفي حال تأخرت الإغاثة من البحر، فالبركة في أولاد زايد وجسرهم البري الذي كشف الكثير مما يخفيه آل نهيان وكيانهم الصهيوني. والأدهى من كل ذلك أن السفن التي تحمل السلاح للعدو حتى يستمر في جرائم الإبادة، تتبع لشركات مملوكة للدولة السعودية، وقد فضحت إيطاليا بعضاً من خفايا التموين السعودي المسلَّح بعد أن اعترض عمال ميناء “جنوى” مسار سفينة “بحري ينبع”، التي تحمل شحنات من السلاح الأمريكي كانت في طريقها للكيان.
باختصار، فإن العالم بأسره لا يمانع في محاصرة الكيان وكسر شوكته وتركه ليواجه مصيره البائس، في ظل ما يرونه من إجرامٍ علني في غزة، لكن أنظمة العار العربية، ومعها الخائن التركي، هي من أعطت الضوء الأخضر للصهاينة حتى يستمروا، علاوةً على الإغاثة المستمرة التي حالت دون أن ينهار الكيان، رغم ما يتلقاه من ضربات موجعة في غزة وغيرها.
ولا سبيل لقهر العدو قبل أن يُقهر أولياؤه من الخونة والمطبعين، وبات من الواجب على الأمة أن تتحرك لردع هذه الأنظمة، لإجبار الكيان على وقف عدوانه على غزة، فمفتاح الصراع يبدأ بالخلاص من الخونة، والشعوب مُخاطَبة أمام الله وأمام الأجيال القادمة على صمتها المطبق وعدم تحركها لوقف الإبادة الجماعية لإخوانهم من أبناء الشعب الفلسطيني المسلم، وإلا فإن العواقب الإلهية أدهى وأمر من جور الحكام، والواقع والتاريخ يشهدان بذلك.