المزيد

    ذات صلة

    الأكثر مشاهدة

    صدى المولد في أنين غزة

    مع أنين قطاع غزة المتواصل الذي يعاني أبناؤه كل...

    الأزمات المصطنعة والانتحار الأخلاقي للأمة العربية

    ليس هناك تفسير منطقي على الإطلاق للصمت العربي المطبق...

    الآن هنا… شرق المتوسط مرة أخرى

    لم يعد التصدي للعدوان على غزّة أو لبنان أو...

    الأطماع الصهيونية.. كوميديا سوداء في ظل التخاذل العربي

    تتجلّى تقلُّباتُ التاريخ الصهيوني منذ بداياته الأولى ككوميديا سوداءَ تتشابك فيها الأحداث والوقائع المظلمة، متجاوزةً حدود الأخلاق والضمير الإنساني، في ظل تهاوي الأعمدة الأخلاقية لقادة العالم العربي.

    لم يكن هذا التاريخ مُجَـرّد صفحةٍ من الماضي أَو عبرةٍ تستوجب التوقف عندها فحسب، بل امتد ليشكّل سلسلة من الجرائم المُستمرّة ونهجًا وحشيًّا يمارسه الكيان الصهيوني في فلسطين ضد الأبرياء العزّل.

    إنه المشروع الإجرامي المتوحش الذي ينفذه الكيان تحت لواء ما يُسمى بالمشروع الصهيوني، الذي ظل يتربص بالفلسطينيين والعرب عُمُـومًا، وما يزال، فيما يغرق العالم العربي في بحرٍ من التخاذل واللامبالاة.

    إن الجرائم اليومية التي تُرتكب بحق الشعب الفلسطيني في غزة تُعدّ جرس إنذار صارخًا يُدَق في آذان العرب والمسلمين.

    ومع ذلك، يتوالى الصمت والتغافل عن هذا النداء.

    فبينما تُبيد الآلة الصهيونية أمل الأطفال وحق الأُمهات والشيوخ في الحياة، تتوالى المواقف العربية المتخاذلة والمساومات المخزية على حقوق الشعب الفلسطيني الأصيل.

    لم يتعلم العرب من التاريخ الدامي لأطماع الصهاينة وحقدهم العميق على كُـلّ ما هو إسلامي وإنساني.

    أما تصريحات القادة الصهاينة، وعلى رأسهم بنيامين نتنياهو، فليست سوى انعكاس للنوايا الخبيثة التي تغذي المشروع الاستيطاني التوسعي المتمثل في إقامة “إسرائيل الكُبرى”.

    للأسف، تُعامَل هذه التصريحات في المحافل السياسية العربية كتداولٍ عابرٍ للكلام، دون وجود نية صادقة للتصدي لها أَو الوقوف بحزم أمامها.

    ويُظهر الواقع تفاوتًا واضحًا في إدراك خطورة هذه النوايا؛ إذ يفضّل كثير من العرب أن يُصِمّوا آذانهم عن سماع الحقائق المُرّة بدلًا من الاعتراف بها ومواجهتها.

    إن وجود الكيان الصهيوني في قلب الوطن العربي يمثّل الغدة السرطانية التي تسعى لنهش جسده وتقويض وحدته.

    ولم يدرك كثيرٌ من القادة العرب بعد خطورة هذه الغدة المزروعة وهدفها الأَسَاسي المتمثل في زعزعة استقرار المنطقة وتفتيت ما تبقى من الجسد العربي.

    والسؤال المؤلم الذي يفرض نفسه هنا: متى يستفيق العرب والمسلمون من غفوتهم الطويلة؟ ومتى سيدركون أن الصهيونية لا تريد سوى تحقيق هيمنتها المطلقة وطمس الهُوية العربية والإسلامية؟

    وفي ضوء ذلك، ينبغي النظر إلى المواقف العربية المخزية التي تتسم بالخضوع أحيانًا للتوجيهات الخارجية وانعدام الاستقلالية في اتِّخاذ القرار.

    ورغم تماهي بعض الأنظمة العربية مع المشروع الصهيوني، إلا أنها تظل في نظر الصهاينة حليفًا غير موثوق.

    إن هذا التخاذل ليس فقط عارًا على القادة والشعوب، بل هو مشاركة ضمنية في إراقة دماء الفلسطينيين وتجاهلٌ لنداءات الاستغاثة التي تصدح بها حناجر كُـلّ مظلوم.

    من جهة أُخرى، يجب أن يعي حكّام العرب أن الكيان الصهيوني لا يرى فيهم سوى أدوات لخدمة أغراضه ومصالحه الاستعمارية، وأن أي تقاربٍ أَو تعاونٍ معه لن يكون إلا وسيلةً لزيادة الفجوة بين الحكام وشعوبهم.

    إن تهافت بعض القادة العرب نحو التطبيع وتقديم التنازلات يعدّ خيانةً واضحة للوطن والدين، واستمرارا في دعم الغطرسة الصهيونية وسياساتها العدوانية، وتشجيعًا للكيان على مواصلة جرائمه من إبادة وتهجيرٍ بحق الفلسطينيين.

    وهنا، لا بد أن ندرك خطورة الوضع الراهن، وأن نعيَ أن فلسطينَ ليست مُجَـرّد قضية شعبٍ يعاني تحت الاحتلال، بل هي هُوية أُمَّـة بأكملها ووجودها المقدس.

    إن تخاذل العرب عن نصرة فلسطين يظل وصمة عارٍ في جبين التاريخ المعاصر، ما دام الأبرياء يُبادون، والقادة يُغتالون، والقضية تنزف في غفلةٍ من العرب والمسلمين.

    يجب أن نتحَرّك ونصحو قبل فوات الأوان؛ لأَنَّ الكيان الصهيوني لن يتردّد لحظة في تنفيذ مخطّطاته التوسعية ما دام الصمت العربي سيد الموقف.

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    د. شعفل علي عمير

    spot_imgspot_img