أشارت صحيفة كالكاليست العبرية إلى أن العدوان الذي يقوده العدو الإسرائيلي على إيران لم ينحصر تأثيره في المجال العسكري والأمني فحسب، بل امتد ليُحدث شرخًا عميقًا في البنية الاقتصادية للكيان، دافعًا إياه إلى مسار انكماشي حاد يُعدّ الأسوأ منذ سنوات.
ويعيد مؤشرات الأداء إلى مستويات العام الماضي، في تراجع وصفته الصحيفة بأنه عودة للوراء بعام كامل، لا يُنظر إليه كتباطؤ مؤقت، بل كمسار مقلق يهدد استقرار النمو على المدى القريب ويلقي بظلاله الداكنة على التوقعات الاقتصادية المستقبلية.
ووفقًا لبيانات رسمية نقلتها الصحيفة، سجّل الناتج المحلي الإجمالي انكماشًا بنسبة 3.5 بالمئة على أساس سنوي معدّل موسميًا، وبنسبة 1 بالمئة فصليًا، ما أدى إلى تراجع الناتج الفردي بنسبة 4.4 بالمئة، نتيجة لمعدل النمو السكاني البالغ 2 بالمئة، ليتراجع فعليًا إلى مستويات الربع الثاني من عام 2024.
كما شهد القطاع التجاري، الذي يُعدّ المحرك الرئيسي للاقتصاد، تراجعًا أعمق بنسبة 7 بالمئة، ما وُصف بـ”جرس إنذار” يُجسّد هشاشة الاقتصاد تحت وطأة الحرب.
وأظهرت المعطيات انهيارًا في استهلاك الأفراد، حيث تراجع الاستهلاك الخاص للفرد بنسبة 5.1 بالمئة، وانخفض الإنفاق على السلع المعمرة كالسيارات والأجهزة الكهربائية بنسبة 10 بالمئة، فيما تراجع الاستهلاك على السلع شبه المعمرة مثل الملابس والأدوات المنزلية بنسبة 35 بالمئة، أي ما يعادل 10.5 بالمئة فصليًا، في مؤشر يُجسّد اختناقًا حقيقيًا في المستوى المعيشي، رغم استمرار الأسر في شراء المواد الأساسية.
كما تراجعت الاستثمارات الكلية بنسبة 12 بالمئة سنويًا، مع انهيار ملحوظ في قطاع البناء، حيث تراجعت استثمارات المساكن بنسبة 18 بالمئة، بينما انهار البناء غير السكني بنسبة 25 بالمئة، ما يُفاقم أزمة الإسكان ويدفع أسعارها إلى مستويات غير قابلة للاستدامة، وسط جمود في المشاريع ونقص حاد في العمالة.
ورغم الارتفاع الاستثنائي في استثمارات تأجير المعدات بنسبة 220 بالمئة، ونمو قطاع تكنولوجيا المعلومات بنسبة 20 بالمئة، فإن الصحيفة وصفت هذه المؤشرات بـ”بقع الضوء المحدودة وسط لوحة قاتمة” تعكس تراجعًا شاملاً في مفاصل الاقتصاد.
من ناحية أخرى، انخفضت الصادرات الكلية بنسبة 7 بالمئة، ومع استبعاد قطاعات محددة كالألماس والشركات الناشئة، يظهر التراجع الفعلي عند 3.5 بالمئة، بفضل استمرار نشاط التكنولوجيا والصناعات الأمنية، في حين ارتفعت الواردات لتُشكل 21 بالمئة من إجمالي موارد الاقتصاد، في إشارة خطيرة إلى الاعتماد المفرط على الخارج، ما يُعرّض الكيان لهشاشة بالغة أمام أي عقوبات أو إنهاء لاتفاقيات تجارية، خصوصًا مع الاتحاد الأوروبي.
وأشارت الصحيفة إلى تراجع الاستهلاك الحكومي بنسبة 1 بالمئة سنويًا بسبب تقلص الإنفاق المدني، في المقابل تم ضخ 42 مليار شيكل، أي ما يعادل 12.39 مليار دولار، إضافية في الميزانية العسكرية، في خطوة تُجسّد تحويل الثروة من المجال المدني إلى التمويل الحربي، ما يزيد الضغط على الحياة المدنية ويُبقي المجتمع في حالة تراجع متواصل.
وخلصت كالكاليست إلى أن الكيان الصهيوني ليس في حالة ركود رسمي، الذي يتطلب ربعين متتالين من الانكماش، لكنه يعيش حالة “نمو شبه معدوم” مرشحة للاستمرار، في وقت تُروّج الحكومة لوضع الحرب كتحدٍ عابر، بينما الواقع يُظهر اقتصادًا غارقًا في تباطؤ طويل الأمد، ومستوى معيشة يتدهور مع كل شهر تمرّه الحرب، ما يُنذر بانهيار اقتصادي شامل إذا استمر العدوان في مساره الحالي.