منذ طوفان الأقصى وتجلي صورة الغرب الكافر بأبشع مظاهر الوحشية، لم تعد القضية الفلسطينية مجرد صراع محلي على الأرض والهوية، بل تحولت إلى رمز عالمي للنضال ضد الهيمنة الإمبريالية الغربية والاستعمار. ومعها أصبح العلم الفلسطيني منارة لكل الشعوب التي قاومت الاستغلال، وصرخة مدوية لكل أمة تنشد الحرية والكرامة في وجه القوى المستبدة.
لقد جسّد الشعب الفلسطيني بتضحياته المتواصلة، بدءًا من الانتفاضات الشعبية إلى المقاومة المسلحة، معاني الصمود والممانعة، وجعل من علمه شعارًا عالميًا لكل حركات التحرر. فالأعلام الفلسطينية التي رفعت في ميادين الاعتصام حول العالم لم تكن مجرد أقمشة ملونة، وإنما كانت رموزًا حيّة للتضامن مع كل الشعوب التي قاومت الاستعمار الغربي، من حركات التحرر في أفريقيا ضد الاستعمار الأوروبي، إلى صراعات آسيا وأمريكا اللاتينية ضد الهيمنة الأمريكية والغربية.
وعبر الإعلام والثقافة والفن، تجسدت القضية الفلسطينية كجزء من النضال العالمي ضد الإمبريالية، حيث عمل الكتاب والمثقفون والفنانون الفلسطينيون والداعمون من حول العالم على تحويل العلم إلى رمز بصري ومعنوي، يربط بين الهوية الوطنية الفلسطينية وكفاح الشعوب ضد الظلم والقهر. وهكذا، أصبح العلم الفلسطيني حاضرًا في المؤتمرات الدولية والفعاليات الحقوقية والاعتصامات السلمية، شاهداً على أن نضال فلسطين هو نضال كل حرّ ضد الهيمنة والقهر.
إنه العلم الذي يمثل وحدة الكفاح ضد الظلم، ويُذكر العالم أن القضية الفلسطينية ليست قضية محلية فحسب، بل قضية إنسانية كبرى، تتقاطع مع كل الحركات التي رفضت الاستبداد الغربي، وسعت لإعادة الاعتبار لكرامة الشعوب المسلوبة. من خلال صمود الفلسطينيين وتضحياتهم، ومن خلال دعم الحركات التحررية العالمية، أصبح العلم الفلسطيني رمزًا خالدًا للنضال ضد الإمبريالية الغربية، وعلامة أبدية على صمود الشعوب في وجه الطغيان، ونبض أمل في عالم يسوده الحق والحرية والكرامة.
بالمقابل، أصبحت “إسرائيل”، بكل رموزها السياسية والبصرية، رمزًا للشر في معظم دول العالم، وارتبط علمها بصور الهيمنة والقهر، ليصبح بمثابة تذكير دائم بأن جزءًا كبيرًا من البشرية يعيش تحت وطأة قوة شيطانية يجب التحرر منها. لم يعد الصهيوني يجرؤ على إعلان صهيونيته علنًا أينما حل، فيما بدأ المواطن العادي، لا سيما في الولايات المتحدة، يدرك أن دولته تخضع لهيمنة صهيونية خفية، وأن الحديث عن “الحرية الأمريكية” ما هو إلا دعاية إعلامية تهدف إلى تبرير سياسات الاحتلال والهيمنة العالمية.
والمفارقة الأكثر إيلامًا، أن الضرائب التي يدفعها المواطن الأمريكي، والتي يفترض أن تصب في خدمة المجتمع والبنية التحتية، تتحول إلى أدوات تمويل مشاريع إبادة واستبداد، تستهدف الشعب الفلسطيني أولاً، وتمتد لتطال كل الشعوب الحرة في العالم التي تقاوم الهيمنة الغربية والصهيونية. لقد أصبح هذا الواقع جزءًا من وعي عالمي جديد، حيث لم تعد القضايا الإقليمية مجرد نزاعات محلية، بل انعكاس لصراع شامل بين قوى الحرية والعدوان، وبين الشعوب الساعية لاستعادة كرامتها وهويتها، وبين منظومة الهيمنة التي تسعى لفرض إرادتها بالقوة والدعاية.