المزيد

    ذات صلة

    الأكثر مشاهدة

    شهيد القدس.. “نحن لا نهزم”

    تمر علينا الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد سيد المقاومة وشهيد...

    عالم ما بعد الطوفان

    عندما وقعت أحداث الحادي عشر من سبتمبر في عام...

    الأمم المتحدة منظمة فاشية

    يزعم اليهود أن لهم الحق المطلق في إبادة الآخرين...

    آل سعود أكثر من البقَّ

    هذه الجملة أوردها ناشط في الذباب السعودي أراد أن...

    مجزرة الصالة الكبرى.. دماء اليمنيين تشهد على إجرام العدوان

    في الثامن من أُكتوبر عام 2016، لم تكن صنعاء...

    المُثَقَّفُ الْأَنِيقُ / كَرِيم بن سَالِم الحَنَكِي غَادَرَنَا قَبْلَ الأوان

    وَدَّعَتِ الْيَمَنُ – بِحُزْنٍ عَمِيقٍ، وَوَجَعٍ بَالِغٍ – الشَّاعِرَ وَالأَدِيبَ الجَمِيلَ / كَرِيم سَالِم الْحَنَكِي العَوْلَقِي فِي يَوْمِ الجُمُعَةِ الْمُوَافِقِ 8 / أغسطس/ 2025م فِي العَاصِمَةِ اليَمَنِيَّةِ صَنْعَاءَ، وَوَدَّعَتْهُ مَدِينَتَا صَنْعَاءَ وَعَدَن بِدُمُوعٍ بَاكِيَةٍ غَزِيرَةٍ مِدْرَارَةٍ؛ كَوْنُهُمَا مَحَطَّتَينِ تُدْرِكَانِ مُعَايَشَتَهُ وَعِشْقَهُ المَأْلُوفَ لَهُمَا، وَعَطَاءَهُ الدَّافِقَ شِعْراً وَنَثْراً، وَمَوَاقِفَ إِنْسَانِيَّةً خَالِدةً، تِلْكَ الْمَدِينَتَانِ الَّلتانِ عَشِقَهُمَا حَتَّى الثَّمَالَةِ تُدْرِكَانِ جَيِّداً مَاذَا يَعْنِي هَذَا الرَّحِيلَ الْمُبَكِّرَ الْمُفَاجِئَ لِقَامَةٍ فِكْرِيَّةٍ جَلِيلَةٍ صَاعِدَةٍ.

    بَدَوْرِي أَنَا شَخْصِيَّاً تَأَلَّمْتُ كَثِيراً لِهَذَا الْفِرَاقِ الْفَاجِعِ الصَّاعِقِ لِوَدَاعِهِ الْأَبَدِيِّ؛ لِأَنَّهُ صَدِيقٌ عَزِيزٌ عَرَفْتُهُ قَبْلَ عُقُودٍ مِنَ الزَّمَانِ فِي أَرْوِقَةِ وَرُدُهاتِ جَامِعَةِ عَدَن، وَحِينَ أَخْبَرَنِي صَدِيقِي الْأُسْتَاذُ / صَالِح الرَّقِّي الْعَزَانِي “أَبو نَزَار”، بِالْخَبَرِ الصَّاعِقِ بِوَفَاتِهِ أَحَسَسْتُ بِأَنَّ الْكُرَةَ الْأَرْضِيَّةَ بِرُمَّتِهَا قَدْ دَارَتْ بِيَ دَوْرَةً كَامِلَةً دُونَ أَنْ أَسْتَوْعِبَ ذَلِكَ الْخَبَرَ الْمُدْوِيَّ، لَكِنَّهَا هِيَ مَشِيئَةُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَهِيَ الْحِكْمَةُ الْإِلَهِيَّةُ فِي تَحْدِيدِ سَاعَةِ الْأَجَلِ، وَالْحَيَاةِ، وَالْمَمَاتِ، بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴿ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ ۖ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُوُنَ سَاعَةً ۖ وَلَا يَسْتَقْدِمُوْنَ﴾، صَدَقَ اللَّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ.

    تَعَرَّفْتُ إلَى فَقِيدِنَا الْعَزِيزِ / كَرِيم الْحَنَكِي فِي أَرْوِقَةِ جَامِعَةِ عَدَن، كَمَا أَسْلَفْتُ مِنْ خِلَالِ مُسَاهَمَاتِهِ فِي أَنْشِطَتِهِ الْإِبْدَاعِيَّةِ الشِّعْرِيَّةِ، وَالنَّثْرِيَّةِ وَالْخِطَابِيَّةِ، وَأَعْمَالِ التَّرْجَمَةِ الَّتِي انْغَمَسَ فِيهَا فِي الْمَرَاكِزِ الْعِلْمِيَّةِ
    لِلْجَامِعَةِ، وَفِي كُلِّيَاتِهَا، تَعَرَّفْتُ إلَيْهِ مِنْ خِلَالِ عِلَاقَتِنَا الْأخَوِيَّةِ بِعَدَدٍ مِنْ أَفْرَادِ أُسْرَتِهِ الْكَرِيمَةِ، وَبِحُكْمِ نَشَاطِنَا السِّيَاسِيِّ الْحِزْبِيِّ فِي مَدِينَةِ عَدَن فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ مِنْ ثَمَانِينيَّاتِ الْقَرْنِ الْعِشْرِينَ.. تَعَرَّفْتُ إلَى شَقِيقَيْهِ الشَّهِيدِ الْبَطَلِ الْمُثَقَّفِ / أَحْمَد سَالِم الْحَنَكِي رَئِيسِ مُؤَسَّسَةِ دَارِ الْهَمْدَانِيّ لِلطِّبَاعَةِ وَالنَّشْرِ وَالتَّوْزِيعِ، وَشَقِيقِه الآخرِ سَعَادَةِ السَّفِيرِ الْمُنَاضِلِ / عَبْدِاللَّه سَالِم الْحَنَكِيّ مَتَّعَهُ اللَّهُ بِالصِّحَّةِ، وبارَكَ اللَّهُ فِي عُمْرِهِ.. فَكِلَا الْأَخَوَيْنِ الْعَزِيزَيْنِ لَهُمَا بَاعٌ طَوِيلٌ فِي الْفِكْرِ وَالثَّقَافَةِ الْيَمَنِيَّةِ، وَتَارِيخُهُمَا النِّضَالِيُّ كَبِيرٌ وَمُشْرِّفٌ.

    تَرَبَّى وَتَرَعْرَعَ وَشَبَّ فَقِيدُنَا الْغَالِي كَرِيم الْحَنَكِيّ فِي تِلْكَ الْبِيئَةِ الْحَاضِنَةِ لِلثَّقَافَةِ وَالْفِكْرِ، وَنَهَلَ وَتَشَرَّبَ، وَارْتَوَى مِنْ مَدْرَسَتِهَا النِّضَالِيَّةِ الْوَطَنِيَّةِ الْغَزِيرَةِ، وَمِنْ هُنَا مِنْ هَذِهِ الْبِيئَةِ الْخَصِبَةِ الثَّرِيَّةِ صَعدَ وَارْتَقَى الشَّابُّ كَرِيم سُلَّمَ الْمَجْدِ الثَّقَافِيِّ وَالشِّعْرِيِّ، وَالنَّثْرِيِّ نَحْوَ الْعُلَى، وَمِنْ هَذَا الْمُحِيطِ. أَتَذَكَّرُ أَنَّهُ وَبِرَغْمِ صِغَرِ سِنِّهِ يَوْمَذَاكَ، إِلَّا أَنَّهُ كَانَ مُجَالِساً وَمُرَافِقاً لَصِيقاً بِجِهَابِذَةِ الْفِكْرِ وَالثَّقَافَةِ، وَاللُّغَةِ، وَالتَّارِيخِ فِي مَدِينَةِ عَدَن الْحَاضِنَةِ لِلثَّقَافَةِ وَالْمُبدِعِينَ، كَانَ جَلِيساً لَصِيقاً بِعُظَمَاءِ عَدَن يَوْمَذَاكَ وَهُمْ مِنْ أَمْثَالِ البروفيسُور/ جَعْفَر الظّفَارِيِّ، والبروفيسُور/ عَبْدِاللَّه فَاضِل فَارِع، والبروفيسُور/ سَالِم عَبْدِ الْعَزِيز الْحَضْرَمِيّ، والبروفيسُور/ عَبْدِاللَّه الْقُرَشِيّ، والبروفيسُور/ أَحْمَد صَالِح مُنْصَّر، وَالصَّدِيقِ الْعَزِيزِ / صَالِح الرّقَيّ الْعَزَّانِيّ، وَشَقِيقِ الْفَقِيدِ / وَسَعَادَةِ السَّفِيرِ / عَبْدِاللَّه سَالِم الْحَنَكِيّ، وَالْأُسْتَاذِ / الْمَوْسُوعَةِ الْعَدَنِيَّةِ / حَامِد جامع، وَغَيْرِهِمُ الْعِدَادُ مِنْ أَسَاطِينِ الْعِلْمِ وَالْفِكْرِ، وَالْمَعْرِفَةِ.

    هَكَذَا هُوَ الشَّاعِرُ الْجَمِيلُ كَرِيم الْحَنَكِيّ ” أَبو سَالِم” وَمُنْذُ نُعُومَةِ أَظْفَارِهِ كَانَ لَصِيقاً حَمِيمِيَّاً بِكِبَارِ الْقَوْمِ فِي الْيَمَنِ الْعَظِيمِ، فِي مَجَالِ الْفِكْرِ وَالْعِلْمِ، وَالثَّقَافَةِ، وَالتَّرْجَمَةِ وَالشِّعْرِ، وَالْفَلْسَفَةِ.
    امْتَازَ فَقِيدُنَا الْعَزِيزُ بِعَدَدٍ مِنَ الْخِصَالِ وَالطَّبَاعِ الْحَمِيدَةِ، فَهُوَ لَطِيفُ الْمَعْشَرِ مَعَ ذَوْقٍ عَالٍ فِي انْتِقَاءِ الْمُفْرَدَاتِ فِي أَحَادِيثِهِ، وَكِتَابَاتِهِ، وَشِعْرِهِ، وَلِذَلِكَ لَا يَمَلُّ جُلَسَاؤُهُ مِنْهُ، وَلَا يَمَلُّ الْقَارِئُ مِنْ قِرَاءَةِ نِتَاجِهِ، فَقَدْ رَثَاهُ الشَّاعِرُ الْأَدِيبُ الْكَبِيرُ / عُمَرُ الْحَار بِاسْرَدِة بِقَصِيدَةٍ جَمِيلَةٍ مُوزُونَةٍ مُحْكَمَةِ الْوَزْنِ وَالْقَافِيَةِ وَالْعُمْقِ، بِعُنْوَانِ (كَرِيمُ نَبِيُّ الْحُرُوفِ) نُشِرَتْ فِي عَدَدٍ مِنَ الْمَوَاقِعِ الْإِلِكْتْرُونِيَّةِ، نَعَمْ وَهُوَ كَذَلِكَ نَبِيُّ وَرَسُولُ الْحَرْفِ وَالْكَلِمَةِ وَالْإِبْدَاعِ، تَقَبَّلَهُ اللَّهُ فِي فَسِيحِ جَنَّاتِهِ، وَأَلْهَمَ اللَّهُ أَهْلَهُ وَأُسْرَتَهُ وَمُحِبِّيهِ وَرُوَّادَهُ الصَّبْرَ وَالسُّلْوَانَ.

    إنَّا لِلَّهِ وإنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ، بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [((يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي)) صَدَقَ اللَّهُ الْعَظِيمُ.
    “وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ”

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    أ.د / عَبْدالْعَزِيز صالح بنِ حَبْتُورِ

    spot_imgspot_img