tي لحظة إنسانية مؤثرة دوّى صداها في أرجاء مهرجان البندقية السينمائي، تُوِّج فيلم “صوت هند رجب” بجائزة الأسد الفضي في دورته الـ82، بعدما أثار عند عرضه عاصفة من المشاعر بين الحاضرين الذين وقفوا مصفقين لمدة 23 دقيقة متواصلة.
الفيلم، الذي أخرجته التونسية كوثر بن هنية، يستند إلى تسجيلات صوتية حقيقية للطفلة الفلسطينية الشهيدة هند رجب (5 سنوات)، التي اتصلت بجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في محاولة يائسة للنجاة، قبل أن تُستشهد مع عائلتها برصاص قوات الاحتلال في مدينة غزة يوم 29 يناير 2024.
وظلت الطفلة هند على الخط الهاتفي ثلاث ساعات كاملة تناشد فرق الإنقاذ، فيما كانت السيارة التي تقلها مع خالها وزوجته وأطفالهما الثلاثة تتعرض لإطلاق نار كثيف، انتهى بمجزرة مروعة راح ضحيتها جميع من كان بداخلها. وبعد 12 يومًا، عُثر على جثمانها داخل السيارة المثقوبة بالرصاص.
الفيلم أعاد إلى الأذهان تلك اللحظات المأساوية التي هزّت الضمير العالمي، محولًا صوت هند الصغير إلى شهادة إنسانية مؤلمة على فظاعة ما يتعرض له أطفال غزة من جرائم حرب وإبادة جماعية.
الحدث الفني لم يكن بعيدًا عن سياق سياسي واضح؛ فقد تزامن مع رسالة مفتوحة قرأها فنانون إيطاليون من مجموعة “البندقية من أجل فلسطين” التي أسسها عشرة مخرجين مستقلين، أدانوا فيها حرب الإبادة والتجويع في قطاع غزة، مؤكدين أن الهدف من رسالتهم هو وضع غزة وفلسطين في قلب الاهتمام العام للمهرجان، وهو ما تحقق بوضوح مع فوز الفيلم.
بهذا التتويج، يتحول “صوت هند رجب” من مجرد فيلم سينمائي إلى صرخة مدوية ضد الصمت العالمي، وإلى وثيقة فنية تؤكد أن صوت الضحايا الأبرياء لن يُمحى من الذاكرة، بل سيظل يلاحق الجلادين على شاشات العالم.