قالت صحيفة “ذا كريدل” الأمريكية إن صنعاء لم تعد تتحرك فقط دفاعًا عن غزة، بل أصبحت تُعيد صياغة معادلات الردع والسيادة الإقليمية، مؤكدة أن أحدًا لم يعد قادرًا على إيقاف مسارها المتصاعد.
وأوضحت أن اغتيال إسرائيل لرئيس الوزراء اليمني أحمد غالب الرهوي وعدد من الوزراء لم يكن حدثًا استثنائيًا، بل جزءًا من نهج مواجهة مباشرة مع النظام الأمني الغربي القائم على حماية “إسرائيل“.
اليمن لاعب محوري في المعادلة الإقليمية
وأضافت الصحيفة أن مرور ما يقارب عامين على الحرب ضد غزة كشف عن صعود اليمن كلاعب أساسي في قلب المواجهة الإقليمية. فمن خلال الحصار البحري، طوّرت صنعاء نموذجًا قويًا من الردع البحري والصاروخي غير المتماثل، ما جعلها نقطة اختناق جيوسياسية قادرة على إعادة ضبط موازين القوى في البحر الأحمر وبحر العرب.
وأكدت أن أهمية اليمن لا تُقاس بعدد الضربات أو السفن المستهدفة، بل بقدرته على إملاء قواعد الاشتباك الإقليمية، وهو ما عجزت القوى الغربية عن مواجهته رغم تفوقها العسكري.
صواريخ نوعية ورسالة استراتيجية
ولفت التقرير إلى أن القوات المسلحة اليمنية أعلنت منذ اليوم الأول للحرب أن عملياتها البحرية مرتبطة بمصير غزة، وهو موقف سياسي بامتياز سمح لصنعاء بالظهور لأول مرة في التاريخ الحديث كقوة إقليمية بارزة. وأشارت إلى أن إطلاق صاروخ يمني على مطار بن غوريون في 22 أغسطس 2025، برأس عنقودي، شكّل تحولًا نوعيًا وأكد تطور القدرات الصاروخية إلى مستوى قادر على تعطيل القواعد الجوية والموانئ الإسرائيلية بشكل كامل.
حصار بحري يربك الهيمنة الغربية
وأكدت الصحيفة أن الحملة البحرية اليمنية لم تقتصر على فرض حصار غزة، بل تحولت إلى تحدٍ مباشر للهيمنة البحرية الغربية، حيث أظهرت عمليات إغراق السفن المتجهة إلى إسرائيل أن صنعاء باتت قادرة على خوض حرب بحرية معقدة. وأوضحت أن سلاح الجو اليمني وظّف مزيجًا من الصواريخ والطائرات المسيّرة والقوارب والألغام، في رسائل تحذيرية للولايات المتحدة وحلفائها من أن أي اعتداء على اليمن سيقابل برد بحري مؤلم.
معادلة ردع هجينة
ورأت “ذا كريدل” أن قوة اليمن لا تقوم على مخزونات ضخمة من الأسلحة أو التكنولوجيا، بل على معادلة مركبة: براعة محلية، براغماتية تكتيكية، وتنسيق مع محور المقاومة. واعتبرت أن هذا المزيج مكّن صنعاء من فرض تكاليف استراتيجية على إسرائيل دون الدخول في حرب تقليدية مباشرة، وهو ما وصفته الصحيفة بـ “الردع الهجين”.
الغرب في مأزق
واختتمت الصحيفة بالإشارة إلى أن واشنطن ولندن اكتفيتا بالتحذيرات والرسائل الرمزية بعد توقف العمليات العسكرية المباشرة، مؤكدة أنهما غير قادرتين على خوض حرب برية أو جوية واسعة ضد اليمن في الظروف الراهنة. وأكدت أن صنعاء باتت تُعيد رسم حدود الردع الإقليمي بقدرات محلية وإرادة صلبة، غير خاضعة للابتزاز أو الضغوط الغربية.