دخل الكيان الصهيوني ليلة استثنائية بكل المقاييس، بعد أن تلقى ضربات مركبة من جبهتي القدس واليمن في غضون ساعات قليلة، كشفت عمق مأزقه الأمني والعسكري، وأظهرت فشل منظوماته الدفاعية والاستخباراتية في مواجهة تصاعد العمليات.
عمليات بطولية في القدس المحتلة
شهدت القدس المحتلة صباح الاثنين عملية إطلاق نار نوعية نفذها شابان فلسطينيان في محطة الحافلات المركزية قرب مستوطنة راموت شمال المدينة، وأسفرت –بحسب إعلام العدو– عن مقتل ستة إسرائيليين وإصابة 15 آخرين، بينهم حالات حرجة. وأكدت المصادر أن من بين القتلى حاخام، فيما وصفت إصابات خمسة بالحرجة وخمسة أخرى بالخطيرة.
وبحسب التحقيقات الأولية، فإن المنفذين –في العشرينيات من العمر ومن قريتي القبيبة وقطنة شمال غرب القدس– اقتحما الحافلة بمسدس وبندقية كارلو وأطلقا النار داخلها وخارجها، قبل أن يعلن الاحتلال عن استشهادهما برصاص جندي من لواء الحريديم ومستوطنين مسلحين.
العملية البطولية قوبلت بترحيب واسع من فصائل المقاومة الفلسطينية التي وصفتها بأنها رد طبيعي على جرائم الإبادة والتجويع التي يواصلها الاحتلال في غزة.
وعلى الفور، فرض الاحتلال طوقاً أمنياً على القدس، وأغلق مداخلها ومخارجها، ودفع بأربع كتائب إضافية في الضفة الغربية، بالتزامن مع مداهمات واعتقالات في بلدات القبيبة وقطنة وبيت دقو. كما ألغى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو حضوره جلسة محاكمته في قضايا الفساد، وشارك مع وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير في تقييمات عاجلة للوضع الأمني، في مشهد يعكس حجم الإرباك في قيادة الاحتلال.
اليمن يعطّل مطار رامون ويكشف ثغرات المنظومة الجوية
بالتوازي مع أحداث القدس، تلقى الكيان ضربة استراتيجية أخرى من جبهة الجنوب، إذ أعلنت مصادر عبرية عن إصابة مباشرة لمطار رامون في إيلات بمسيّرة يمنية، وفشل الدفاعات الجوية في اعتراضها أو حتى تفعيل صافرات الإنذار مسبقاً.
القناة 12 العبرية أشارت إلى أن المسيّرة سلكت مسارات طيران معقدة عبر أجواء سيناء، ما أربك أنظمة الرصد وأدى إلى إصابة صالة الركاب في المطار. كما أظهرت مشاهد متداولة محاولات مروحيات أباتشي ملاحقة المسيّرة وإطلاق الصواريخ عليها دون جدوى.
صحيفة “جيروزاليم بوست” وصفت العملية بأنها إحدى أخطر الضربات اليمنية، مؤكدة أن “إسرائيل” ما زالت عاجزة عن تفسير كيفية نجاح المسيرات في اختراق منظومات دفاعية متطورة. فيما حذّر مسؤولون صهاينة من أن بنية الدفاع الجوي تعرضت لانخفاض كبير في كفاءتها بعد حرب الـ12 يوماً مع إيران.
أما العميد الركن (احتياط) زفيكا هايموفيتش، القائد السابق لمديرية الدفاع الجوي، فقد اعتبر أن ما كان يُنظر إليه كتهديد تكتيكي محدود تحول إلى تحدٍ استراتيجي، مشيراً إلى أن “اليمنيين طوروا قدراتهم محلياً، وباتوا يفرضون على إسرائيل تهديداً جوياً بزاوية 360 درجة”.
تعدد الجبهات.. انهيار في العمق الصهيوني
القناة 14 العبرية لخّصت المشهد بالقول إن “إسرائيل تعرضت اليوم للهجوم من ثلاث جبهات في وقت واحد: القدس، غزة، واليمن“، مشيرةً إلى أن هذا الواقع يكرس صورة الاحتلال ككيان هش يتعرض للاستنزاف من أطراف متعددة، ويجبر ملايين المستوطنين على دخول الملاجئ أسبوعياً.
بهذا المشهد المركب، يتضح أن الاحتلال يواجه ليلة دامية كشفت انهيار منظومته الأمنية من القدس حتى إيلات، فيما تؤكد الوقائع أن الردع الإسرائيلي يتآكل أمام إرادة الفلسطينيين وصلابة اليمنيين، وأن جبهة العدو الداخلية ستبقى في مرمى الاستنزاف ما دام العدوان على غزة مستمراً.