ليس غريباً أن ترتجف أنظمة العربان لمجرّد سماع فكرة الرد على نتنياهو؛ فالقضية عندهم ليست كرامة ولا سيادة، بل إذعان مطلق لإرادة السيد الأكبر في البيت الأبيض. فالعبد لا يتحرك إلا في حدود ما يُرضي سيده، وأيّ خطوة خارج هذا الإطار قد تعني انهيار عرشه في لحظة.
لا أحد من ملوك القواعد الأميركية في الخليج يجرؤ أن يقول: لقد خانتنا أميركا إرضاءً لـ”إسرائيل”. بل إن مجرد التشكيك في الضمانات الأميركية صار من المحرّمات.
خذوا السعودية مثلاً: هل يستطيع وليّ عهدها أن يلوّح بورقة النفط أو يهدد بإغلاق “آرامكو” إن لم يُكبح نتنياهو؟ مستحيل. فكيف لمن ارتضى أن يُهان علناً، حين وصف ترامب مملكته بـ”البقرة الحلوب”، أن يجرؤ على مواجهة سيده؟ لقد اكتفى بالتذلل، قائلاً: “أنت رجل عظيم يا سيدي ترامب!”
أما أمير قطر، فقصة خضوعه أكثر سفوراً؛ إذ يذهب سفيره إلى واشنطن ليفاخر علناً بأن بلاده كانت الأكثر التزاماً بتنفيذ أوامر ترامب وخدمة المصالح الأميركية. فهل يُنتظر ممن يتباهى بالعبودية أن يقف في وجه سيده؟
الجرأة غائبة، لأن هؤلاء السلاطين يعرفون أن عروشهم قائمة على رمال متحركة، وأن أيّ عصيان قد يعيدهم إلى ما كانوا عليه: رعاة غنم تائهين في صحراء الحجاز.
زعماء العرب، في أغلبهم، لا يثقون بأميركا؛ بل يخشونها ويرتعبون من سطوتها. يعتقدون أن أحلامهم الواهية مرهونة بتوقيع موظف في واشنطن. إنهم عبيد، لكن عبودية الخوف والجبن؛ فيما واشنطن تعرف أين تضع إصبعها على جراحهم النازفة.
كان يمكنهم أن يجعلوا الغرب خادماً لمصالحهم لو أنهم آمنوا بالله لكن خيانتهم جعلتهم خدّاماً أذلّاء.
أما الحقيقة الثابتة، فهي أن الولايات المتحدة لا ترى في قطر والخليج شركاء أو حلفاء، بل مجرّد توابع مكلّفة بالتمويل والطاعة. و”إسرائيل”، من جهتها، تنظر إليهم بوصفهم توابع للتابع؛ لذا ليس غريباً أن يخاطب نتنياهو قطر قائلاً: “إمّا أن تحاكموا قادة حماس، أو تطردوهم، وإلا سنعود لقصفكم!”.