عندما يكون هناك عنوان يخدم اليهود فإنه يتحول إلى عنوان مقدس، ويُعطى من الحُرمة ما يجعله أهم من المناسبات الدينية العظمى، وتسابق دعاة الخيانة والتطبيع إلى تبجيله وتعظيمه تحت عناوين ومبررات مختلفة بعضها ديني وبعضها وطني، لا لشيء سوى تحقيق أهداف صهيونية محضة كما هو حال دعاة الفتن اليوم تحت عنوان ثورة “26 سبتمبر” التي أطلق عليها عفاش رصاصة الرحمة يوم اغتيال الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي رحمه الله.
والملاحظ، أن الحديث عن المناسبة اليوم تفوح منه رائحة التصهين بالمفتوح، وبات وسيلة لشق الصف الوطني -فقط- في المناطق التي تسيطر عليها حكومة صنعاء، ومنها خرج الموقف الرسمي والشعبي المساند لأعظم قضية وأكبر مظلومية في التاريخ، ولولم تكن المؤامرة على هذا النحو لرأيناهم يحتفلون بالمناسبة في عدن ويرفعون بها العلم الوطني فوق قصر المعاشيق ومحيطه لو كانوا فعلاً بحجم الوطن والوحدة.
ومما يدل على أن إحياء المناسبة هو من الأمور المشبوهة لما تصدر حزب الإصلاح القيام بذلك، فإخوان اليمن والصهاينة في خندق واحد، وقد نجح الزنداني في تأسيس جيل من المتصهينيين ذوي النفسيات اليهودية ممن تطربهم الإنجازات اليهودية ويغضبون لكل ما تغضب منه “إسرائيل”، وموقفهم اليوم من الهجمات اليمنية على فلسطين المحتلة لهو أعظم شاهد على قبح نواياهم ومواقفهم المعادية للإسلام.
وللتذكير فقط، فإن إخوان اليمن، بقيادة محمد محمود الزبيري، ممن انقلبوا على ثورة 26 سبتمبر واتجه لمحاربتها والتحالف مع الملكيين في سبيل ذلك، وقد تدارك قادة الجمهوريون الأمر في بدايته ونجحوا بتصفيته في برط سنة 1965، والحادثة معروفة لدى الجميع، وكان حزب الإصلاح إلى عهدٍ قريب يقاطع المناسبة بدعوى أنها مناسبة وطنية لا دينية، يوم كانت الوطنية محرمة في شرعهم قبل أن تتحول إلى فرض عين بتوجيهاتٍ أميركية.
أما بالنسبة للعفافيش فقضيتهم أخلاقية بامتياز، وقد رصدت أجهزة الأمن محاولات واتصالات من عفاش الصغير يحض قيادات حزبية وقبلية موالية لوالده على الدفع بنسائهم إلى الشوارع لإحداث بلبلة وفوضى في صنعاء، وأن مثل هذه الأعمال ستحظى بدعم المجتمع الغربي، حسب معتقده.
من زاوية استراتيجية، يُعدّ الامتناع عن إحياء هذه المناسبة خيارًا هدفه تجريد الجهات الخارجية والداخلية المتعاونة مع مصالح العدو من ذريعة لإثارة الفتنة. ومن أراد إحيائها فليفعل ذلك في عدن، إن كان يملك الجرأة لرفع العلم الوطني فيها أمام المجلس الانتقالي وأنصاره.
أما في صنعاء، فكل من يتصرّف وكأنّه يلعب دور “إسرائيل” سيُعامَل بذات المعايير المطبّقة على العدو نفسه. والقرآن يجيز لأهل الحق اتخاذ ما يلزم من خطوات مشروعة لحماية الموقف الوطني وصدّ أي تحرّك صهيوني يسعى لتفريق الناس وتشتيت الجهود المناهضة للعدوان على غزة. ويشمل ذلك كشف الجهات المتورطة، ومقاطعتها اجتماعياً، واتخاذ الإجراءات القانونية والإدارية لحماية المصلحة العامة ومنع أي استنزاف سياسي أو إعلامي للقضية.