ألقى قائد أنصارالله السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي خطاب مطوّل، اليوم الخميس عن اخر المستجدات، تضمن عرضاً لموقف الحركة من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وتقييماً للوضع الإقليمي والدولي، وتضمّن رسائل سياسية واستراتيجية موجهة إلى الشعوب والأنظمة والدول الفاعلة في الساحة الدولية.
وتناول السيد الحوثي في كلمته أبعاد الهجوم على غزة، وذكرى مجزرة صبرا وشاتيلا، ومخاطر نزع سلاح المقاومة، وانتقادات لسياسات بعض الأنظمة العربية والإسلامية، إضافة إلى استعراض لمواقف وإجراءات حركته العسكرية والسياسية والبحرية. وفيما يلي تفصيل شامل لمضامين الخطاب ونقاطه الرئيسة.
مقدمة عامة وقراءة للوضع في غزة
وافتتح السيد الحوثي كلمته بالتأكيد على أن العدو الإسرائيلي يواصل ما وصفه بـ “جريمة القرن” في قطاع غزة، مشدداً على أن مشاهد الإبادة الجماعية مروعة وتفرض على كل ضمير إنساني موقفاً واضحاً. وذكر أن العدو الإسرائيلي يستخدم في هذه الجرائم أسلحة ووسائل قتل متطورة مصدرها دول غربية ومواد لوجستية مستمدة من موارد عربية، وقال إن هذا الواقع يعكس تهاوناً وتخاذلاً دولياً وإسلامياً أمام ما يجري في غزة.
البعد الإقليمي والتحذير من التمدد
وانتقل القائد إلى بُعدٍ أوسع، محذراً من أن تهديدات العدو الإسرائيلي لا تقتصر على الساحة الفلسطينية بل تتجه نحو الأمة الإسلامية جمعاء، مستشهداً بما يجري في عدد من الساحات الإقليمية، واصفاً سلوك العدو بأنه يسعى إلى “تغيير الشرق الأوسط” عبر توسيع نطاق الاستباحة. وأشار إلى أن محاولات استباحة دول إقليمية مؤشرٌ على أن الخطر شامل وأن الصمت والضعف الرسمي يُشجّعان العدو على التوسع في اعتداءاته.
القدس والمسجد الأقصى والاستهداف الرمزي
وأكد السيد الحوثي أن العدو الإسرائيلي يشن هجمات وانتهاكات مستمرة ضد حرمة المسجد الأقصى ويركّز على استكمال تهويد مدينة القدس، وانتقل بعد ذلك إلى انتقادٍ لافت لتصرفات مسؤولين غربيين وإسرائيليين شاركوا في ما وصفه طقوساً استفزازية عند حائط البراق، وذكر بالاسم عروضاً وممارساتٍ اعتبرها مسيئة للقدس ومقدسات المسلمين.
استحضار تاريخي ومجزرة صبرا وشاتيلا كدرس
وعرض القائد الدروس التاريخية وذكّر بمجزرة صبرا وشاتيلا باعتبارها نموذجاً تاريخياً يثبت خطورة نزع سلاح المقاومة وضرورة امتلاك شعوب الوسائل التي تحميها، مؤكداً أن سلاح المقاومة هو صمام أمان لحماية المدنيين وأن الغياب الكامل للقوة الدفاعية يؤدي إلى استباحة الشعوب وانعدام أي حماية حقيقية لهم.
انتقادات للقمم والمواقف الرسمية العربية والإسلامية
وجّه السيد القائد انتقادات لاذعة لمخرجات القمم العربية والإسلامية، واعتبر أن بياناتها “ضعيفة” و”غير عملية”، منتقداً تردّي المواقف الرسمية وتواطؤ بعض الأنظمة أو تقاعسها عن اتخاذ خطوات عملية مثل قطع العلاقات أو إغلاق الأجواء أو إيقاف التعاون الذي يفيد العدو. وأشار إلى أن هناك أنظمةً سمحت لأجوائها بأن تكون متاحة للتحركات الإسرائيلية، وأن ذلك كان خطأً فادحاً يزيد من قدرة العدو على الإجرام.
الولايات المتحدة وبريطانيا ودور الدعم
أكد القائد أن الدعم الأميركي والأوروبي، وبالأخص البريطاني، قدّم غطاءً عملياً للعمليات الإسرائيلية، متّهماً الولايات المتحدة بدور فعال في تسهيل أدوات العدوان، ومعلناً أن النفوذ والاستخبارات الأميركية يسهل للعدو تنفيذ عملياته في المنطقة.
الموقف العملي لليمن وأنصار الله وإعلان الإجراءات
انتقل السيد القائد إلى عرضٍ عملي لمسار اليمن، معلناً أن العمليات المقاومة اليمنية استمرت خلال الأسبوع الذي سبق الكلمة وأن عدد العمليات بلغ أربعة وعشرين عملية صاروخية ومسيّرة وفق قوله، وأن حظر الملاحة على السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب مستمر. وحذّر من أن أي محاولات لحماية الملاحة الإسرائيلية سيتم التعامل معها باعتبارها خدمةً للعدو، وناشد الأنظمة ألا تساهم في أي تحرّك يؤدي إلى حماية مصالح تل أبيب العسكرية أو اللوجستية.
التأكيد على البُعد الشعبي والإعلامي والجامعي
أشاد السيد القائد بالحراك الشعبي الواسع وبالاحتشاد الجماهيري، لافتاً إلى أن التظاهرات والوقفات الجامعية والأنشطة الإعلامية تشكل جبهات دعم مهمة، وذكر أن الحراك الشعبي في اليمن تواصل بمسيرات ووقفات “مليونية”، داعياً إلى استمرار هذه الحركات ورفع وتيرة النشاطات الإعلامية والأكاديمية لدعم القضية الفلسطينية.
الرسائل إلى الأنظمة والنداءات العملية
وجّه القائد رسائل مباشرة إلى بعض الأنظمة، طالباً منها تجنّب أي تعاون عملي أو استخباراتي أو بحري مع العدو الإسرائيلي، ومعتبراً أن أي تعاون من هذا النوع “خيانة للأمة” ويدعو إلى تحميل المتعاونين تبعات سياسية وأخلاقية. ودعا الدول الإسلامية إلى اتخاذ إجراءات عملية مثل قطع العلاقات ووقف أي شكل من أشكال التطبيع وفرض ضغوط فعلية على تل أبيب وحلفائها.
النقد الدولي وإشادة بمواقف محددة
أثنى السيد القائد على مواقف دول وأطراف وصفها بـ”الواعية” مثل إسبانيا وفنزويلا وكولومبيا وجنوب أفريقيا، لاعتبارها اتخذت مواقف متقدمة نسبياً مقارنة بسياسات بعض الأنظمة العربية. وأشار إلى ضرورة تحول المخاطبة الدولية من مجرد بيانات إلى أفعال ملموسة تتضمن إجراءات اقتصادية وسياسية ودبلوماسية.
الاستشراف الاستراتيجي وخلاصة الموقف
اختتم قائد أنصا رالله كلمته بتأكيد أن الموقف اليمني قائم ومستمر في “معركة الفتح الموعود” كما أسماها، وأن التحركات العسكرية والسياسية للشعب اليمني والحركة ستتواصل وفق ما اعتبره مصلحة شرعية ودينية لحماية الأمة والمقدسات. وشدّد على أن المقاومة والسلاح هما الضمانة الأساسية لحماية الشعوب من الاستباحة، مع دعوة واضحة للشعوب والباحثين والأكاديميين والإعلاميين للانخراط في حملة شاملة عبر الوعي والنشاط والموقف العملي.
تأثيرات محتملة وتوقّعات سياسية-عسكرية
يُستخلص من مضمون الكلمة أن القائد يضع الحرب على غزة في سياق استراتيجي إقليمي أوسع، وهو يربط بين العمليات الميدانية وسبل الضغط السياسي والدبلوماسي، كما يوظف الذاكرة التاريخية والتحذير من مخاطر نزع السلاح لشرعنة وجهة نظره الاستراتيجية. كما أن إعلان استمرار حظر الملاحة ومواصلة العمليات يشيان بإصرار على توسيع أدوات الضغط ضد العدو الإسرائيلي وإظهار القدرة على التأثير في خطوط الملاحة والتجارة البحرية، وهو ما قد يزيد مزيداً من الاحتكاك مع دول إقليمية ودولية، لا سيما تلك التي تساند أو تؤمّن مصالح تل أبيب.
خاتمة موجزة
قدمت الكلمة قراءةً استراتيجية موحّدة تجمع بين البُعد الديني والقومي والسياسي والعسكري، وتستهدف حشداً داخلياً وإقليمياً ودولياً لموقعٍ يُعارض السياسات الإسرائيلية والأميركية والبريطانية، مع تركيز خاص على تعزيز المقاربة الشعبية والإعلامية والجامعية كجزء من منظومة دعم أوسع للقضية الفلسطينية. الرسالة الأساسية التي أراد السيد الحوثي إيصالها هي أن الموقف الشعبي والمقاومة المسلحة والسلاح الوطني تُعد أدواتٍ ضرورية لردع الاستباحة وحماية المقدسات والشعوب، وأن المواقف السياسية الخجولة من بعض الأنظمة لن توقف تمدد سياسات الاستباحة ما لم تتخذ إجراءات عملية وحاسمة.