كثيرة هي التنظيمات والأحزاب السياسية والدينية في عالمنا العربي والإسلامي، لكن من منها يصدق فيما يدعيه ويرفعه من القيم والمبادئ، باستثناء رجال الله ورجال السيد عبد الملك الذين صدق فيهم قوله تعالى:
﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ﴾ (الحجرات: 15)، ولك أن تقارن الأنصار مع أي جماعة أخرى حتى تعرف حجم الفارق في الدين والقيم والمبادئ، ويكفي أنهم أثبتوا للأمة أن لا دين لمن لا رجولة له، وهذه هي الفجوة الرئيسية بينهم وبين أي جماعة أخرى تزعم أنها تمثل الإسلام.
فقبل أكثر من عشرين عامًا رفعوا شعارًا مثل صدمة في حينه، ولا يزال هو الحدث الأول في كل العالم، وقد فشلت كل الحروب في إسكاته طوال تلك الفترة، وليس هناك أكبر من مثل هذا الصدق في الدعوة والواقع، سيما وقد رأينا غيرهم يرتدّ عن دينه وأخلاقه بمجرد تهديد غربي أو مالٍ خليجي، ولكن ليس مثل من تثنيه الوعد والوعيد الدنيوي عن دينهم ولو كان الثمن قوافل يومية من التضحيات والشهداء.
وتتجلى في الأنصار الكثير من الآيات القرآنية التي تثبت أنهم المصداق الإلهي في سورة الفاتحة، فهم الذين أنعم الله عليهم باتباع الصراط المستقيم، وهو النهج القرآني الذي يسيرون عليه، وهم وحدهم من يتبرؤون من الضالين والمغضوب عليهم في كل جمعة وجماعة. ويكفي أن صرختهم كسرت الصنم الصهيوني في نفوس الأمة، وفرّقت بين المؤمن والمنافق كشاهد آخر على السنن الإلهية في الابتلاء: ﴿مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمَيِّزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ﴾.
وها هي الأيام والوقائع تشهد أن كل أعداء الصرخة يقفون اليوم في المعسكر الصهيوني، بينما كل مؤيدوها يقفون بكل عزة وشموخ في وجه ذلك المشروع الشيطاني المجرم، والواقع يثبت دومًا من هم أهل الحق ومن أصحاب الرايات الكاذبة، وصدق الله حين قال: ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ﴾.
ويمكن للمتأمل في مسيرة أنصار الله أن يجد الشواهد العملية والواقعية التي تؤكد صدقهم وثباتهم على المبادئ التي رفعوها منذ البداية. فهؤلاء الرجال لم ينهاروا أمام العدوان والحصار الجائر، ولا أمام الضغوط العسكرية والاقتصادية والسياسية التي مارستها قوى إقليمية ودولية ضدهم، بل ظلوا صامدين، محافظين على سيادتهم الداخلية ونفوذهم المجتمعي، رغم كل المحن والتحديات. وهذا الصمود هو تعبير عن التزامهم الحقيقي بالنهج القرآني، الذي يضع العدالة والقيم الإسلامية في قلب كل إدارة وقرار، حتى في أصعب الظروف.
إن مسيرة أنصار الله هي شهادة حية على صدق الدعوة وثبات المبدأ، وعلى أن الالتزام بالحق والقيم الإلهية يتغلب على كل التحديات والابتلاءات. فالأفعال والواقع يشهدان بأن هؤلاء الرجال هم من حملوا راية الإسلام الحقيقي، صامدين في وجه كل مؤامرة ومتحدين كل خطر، وراسخون في قيمهم التي أرساها القرآن الكريم. وإن الأجيال القادمة ستظل تتذكر صمودهم كدليل حي على أن الحق لا يموت، وأن من يسير على الصراط المستقيم وحده من يظل صادقًا في القول والعمل، محافظًا على عزة الأمة وشموخها.