المزيد

    ذات صلة

    الأكثر مشاهدة

    قرعة الملحق الأوروبي المؤهل لكأس العالم 2026

    جرت اليوم الخميس، في مقر الاتحاد الدولي لكرة القدم...

    الأمم المنحطة!

      القرار الأمريكي الفضيحة الصادر بشأن غزة قبل يومَين، والذي...

    شرم الشيخ على صفيح ساخن.. انقلاب إسرائيلي على ترامب يهدد مفاوضات الخطة الأمريكية بشأن غزة والأخير يلوح باسقاط حكومة نتنياهو

    تعيش المنطقة على وقع توتّر غير مسبوق مع اقتراب موعد المفاوضات الحاسمة في شرم الشيخ حول ما يُعرف بـ”خطة ترامب” لإنهاء الحرب على غزة الصامدة، في وقتٍ تشهد فيه العلاقات الأمريكية الإسرائيلية أسوأ أزمة سياسية منذ عقود، بعد أن تمرّد الاحتلال على راعيه الأمريكي وواصل حرب الإبادة متحدّياً كل الدعوات إلى وقف النار.

    ففي الساعات التي تلت إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خطته لتبادل الأسرى ووقف الحرب، صبّت طائرات العدو نيرانها على المدنيين في القطاع المحاصر، في استهتار كامل بالدعوة الأمريكية للتهدئة، ليسقط أكثر من مئة شهيد ومئات الجرحى خلال أربعٍ وعشرين ساعة فقط، فيما أكدت المقاومة أن هذه المجازر “لن تمر دون رد”.

    مصادر ميدانية أكدت أن الاحتلال يستخدم التصعيد للضغط قبيل المفاوضات، بينما يرفض الانسحاب من المناطق التي تحتلها قواته منذ عامين، خصوصاً محور فيلادلفيا وتلة الـ70 شمال غزة، في وقت تتحدث فيه تقارير إسرائيلية عن نية الجيش “البقاء طويلاً” داخل القطاع رغم الوعود الأمريكية بالانسحاب.

    وفي خطوة تعكس حجم الخلاف بين الطرفين، توعد نتنياهو بعدم تنفيذ أي بند من خطة ترامب قبل إطلاق الأسرى الإسرائيليين أحياءً وأمواتاً، مشترطاً أيضاً أن لا تكون حماس أو أي فصيل مقاوم جزءاً من أي إدارة قادمة لغزة، وهي شروط وصفها محللون بأنها “نسف كامل” للمبادرة الأمريكية و“إعلان تمرّد سياسي” ضد واشنطن.

    من جانبه، لوّح ترامب بإسقاط حكومة نتنياهو عبر منشور مثير نشره على منصته مرفقاً بصورة لمتظاهرين في تل أبيب ضد رئيس حكومتهم وعبارة “الآن أو لا أبداً”، في إشارة واضحة إلى أن صبر واشنطن على حليفها المتمرّد بدأ ينفد.

    وفي المقابل، أظهرت المقاومة الفلسطينية تماسكاً سياسياً وعسكرياً غير مسبوق، إذ أعلنت حركة حماس موافقتها على إطلاق الأسرى الأحياء والأموات ضمن اتفاق متكامل، لكنها شددت على أن حقوق الشعب الفلسطيني ومصير قطاع غزة لا يمكن المساومة عليهما، مؤكدة أن أي ترتيبات سياسية مستقبلية يجب أن تنطلق من “الحق الوطني الثابت في الحرية والسيادة ورفع الحصار”.

    كما رحّبت دول عربية وإسلامية، منها قطر ومصر والسعودية وتركيا وباكستان وإندونيسيا، بموقف المقاومة من الخطة، معتبرة أنه “خطوة مسؤولة” تفتح الباب أمام تسوية تحفظ كرامة الشعب الفلسطيني وتُنهي العدوان الإسرائيلي المستمر منذ أكثر من عامين.

    ويشارك في مفاوضات شرم الشيخ التي تنطلق غداً الإثنين وفدان من حماس والاحتلال إلى جانب وفود الوساطة القطرية والمصرية والأمريكية، فيما أشارت تسريبات إلى أن الخلافات الرئيسية ستتركز حول خريطة الانسحاب الإسرائيلي وآليات وقف إطلاق النار وترتيبات ما بعد الحرب.

    في واشنطن، يحاول ترامب إنقاذ مشروعه الذي وصفه بـ”خطة السلام”، قائلاً إنها تهدف إلى “إنهاء الحرب واستعادة مكانة إسرائيل الدولية” بعد أن تلطّخت صورتها في العالم بسبب المجازر في غزة، لكن مراقبين يؤكدون أن “الخطة فقدت زخمها السياسي بعد أن كشفت المقاومة هشاشة الكيان الصهيوني وصموده المصطنع خلف الدعم الأمريكي”.

    المقاومة اليوم ليست في موقع الدفاع بل المبادرة، فبعد عامين من الصمود الأسطوري في وجه أعتى آلة عسكرية في المنطقة، باتت تفرض شروطها السياسية والميدانية، وتجبر العدو على الجلوس إلى الطاولة من موقع الضعف. أما واشنطن، التي حاولت طمس الهزيمة الإسرائيلية بمصطلح “التهدئة“، فتجد نفسها اليوم أمام واقع جديد صنعته غزة المقاومة بالدم والصبر والإرادة.

    ومع بدء العدّ التنازلي لاجتماع شرم الشيخ، يبدو المشهد الإقليمي منقسماً بين محورٍ يراهن على استعادة الكرامة عبر المقاومة ومحورٍ آخر غارق في رهانات فاشلة على حماية الاحتلال. وبين الاثنين، تبقى الحقيقة التي لم يعد ممكناً إنكارها: أن الكيان الإسرائيلي فقد توازنه الاستراتيجي والسياسي أمام صمود غزة، وأن مشروع ترامب في طريقه إلى الانهيار قبل أن يولد.

    spot_imgspot_img