المزيد

    ذات صلة

    الأكثر مشاهدة

    مكة سرُّ هيمنة الغرب

    لك أن تتخيل أن فتوى من الحرم المكي الشريف...

    حماس: ادعاءات قناة “الحدث” مفبركة وتهدف لتشويه موقف الحركة في المفاوضات

    نفت حركة المقاومة الإسلامية حماس، الأحد، الادعاءات التي بثّتها...

    مسيرة مليونية في “كراتشي” دعماً لفلسطين ورفضاً لخطة ترامب بشأن غزة

    شهدت مدينة كراتشي الباكستانية، الأحد، تظاهرة مليونية غير مسبوقة...

     “ديلي تلغراف”: جيش الاحتلال يواجه جيلاً جديداً من مقاتلي حماس

    كشفت صحيفة “ديلي تلغراف” البريطانية في تقرير ميداني نشرته...

    مكة سرُّ هيمنة الغرب

    لك أن تتخيل أن فتوى من الحرم المكي الشريف كفيلة بأن تحرر فلسطين وتنهي كل أشكال الهيمنة الغربية على البلاد الإسلامية، ومثل هذا حدث في الثمانينات عندما أفتت بلاد الحرمين بالجهاد ضد السوفييت في أفغانستان، وكان ذلك من أسباب زوال المعسكر الاشتراكي الذي كان قبلها قوة عظمى توازي المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة.

    ولأهمية مكة، وما تمثله بالنسبة للمسلمين، عمل الغربيون، بداية الإنجليز ثم الأميركان، على إبقائها تحت هيمنتهم غير المباشرة، وتحت حكم عملائهم، من آل سعود وغيرهم، والهدف من ذلك إبقاء الأمة الإسلامية في حالة خمولٍ تجاه مشاريعهم العدوانية وأولها احتلال فلسطين وتسليمه لليهود، فما كان للمسجد الأقصى أن يسقط لولا سقوط الحرمين الشريفين قبله بيد الغرب الكافر، وها هي الأمة تتقاعس عن نصرة فلسطين بسبب تقاعس حكام الحرم المكي في المقام الأول.

    السبب الثاني، ان احتلال الغرب لحرم المكي الشريف مكنهم أيضاً من السيطرة على ثروات الأمة الإسلامية، فتريليونات الدولارات تذهب إلى الخزانة الأميركية، بل وحتى أموال الحج والعمرة تذهب كذلك للمشروع الصهيوني وتمول إجرام الكيان بحق الشعب الفلسطيني المسلم في غزة والضفة وغيرها من البلاد الإسلامية.

    إضافةً إلى ذلك، هو تسخير الحرم المكي لمعاداة أعداء واشنطن وتل أبيب، فكل من يتحرك لمعاداتهما ينبري له شيوخ الفتنة من داخل الحرم ليكفروه ويبيحوا دمه كما حدث في اليمن يوم دعا الصهيوني السديس إلى قتال الشعب اليمني لا ذنبٍ ارتكبه سوى معاداة أعداء الإسلام والوقف في صف القضايا الرئيسية للأمة الإسلامية، فلمثل هذه المواقف يصرون على إبقاء الحرمين الشريفين تحت وصاية العملاء من آل سعود.

    وقد أورد المؤرخ المصري “سيد مصطفى سالم” الكثير من الشواهد التاريخية التي تؤكد دور اليمنيين في تحرير بلاد المسلمين، حيث يتوجه إمام اليمن إلى الحرم المكي الشريف ليعلن من هناك الجهاد ضد أعداء الإسلام، كما حدث إبان الحملة الفرنسية على مصر، حيث تحرك الإمام المنصور علي بن المهدي العباس، الذي قاد حملة من مكة لتحرير مصر من الحملة الفرنسية، وقد ضمنها المؤرخ المصري في كتاب بعنوان “نصوص يمنية عن الحملة الفرنسية على مصر، وأوضح من خلالها كيف قام الإمام اليمني بإعلان النفير للجهاد وتكفل بتمويله من داخل الصحن المكي الشريف.

    ولهذا ظلت مكة دائمًا نقطة ارتكاز لأي مشروع نهضوي أو تحرري في تاريخ الأمة، لأنها تمثل رمز الوحدة الإسلامية ومركز النداء الجامع لحماية المقدسات، وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك. فكما انطلقت منها نداءات الجهاد والتحرير في مواجهة الحملات الصليبية والاستعمارية، يمكن أن تكون اليوم المنبر الذي تتجدد منه عزيمة الأمة في مواجهة المشروع الصهيوني وحلفائه، لتعيد وصل ما انقطع من معاني الوحدة، وتستعيد رسالتها الأصلية كحاضنة لكل قضايا التحرر والكرامة.

    إلا أن ذلك الدور قد جرى تعطيله مع هيمنة الغرب على الحرمين عبر أدواته من آل سعود، الذين جعلوا من قدسية المكان وسيلة لضبط الأمة لا لنهضتها، ولخدمة التحالفات الغربية لا لمواجهة الاحتلال. لقد تحوّل الحرم الذي كان منطلقًا لنداءات الجهاد والتحرير إلى ساحة تُرفع فيها رايات التطبيع ومؤتمرات الاستسلام، حتى غدا المنبر المكي ممنوعًا من أن يصدح بنداء نصرة فلسطين أو الدعوة لتحرير الأقصى. وهكذا صار الحرم رهينة للسياسات الغربية التي تحرسها السلطة السعودية، في محاولة دائمة لإفراغه من دوره الرسالي والتاريخي الذي ارتبط بحماية المقدسات وقيادة الأمة نحو الحرية.”

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    محمد محسن الجوهري

    spot_imgspot_img