المزيد

    ذات صلة

    الأكثر مشاهدة

    السابع من أكتوبر… يومٌ من أيام الله

    في مثل هذا اليوم، السابع من أكتوبر 2023م، اهتزّت...

    عبدة المال لا يصلحون للحكم والسياسة

    الحديث عن عبادة المال يرافقه دوماً اسم "علي البخيتي"...

    طوفان الأقصى: المعركة الوجودية التي قلبت الموازين وكشفت فشل «الجيش الذي لا يقهر»

    طرح المحلل السياسي والعسكري ناصر قنديل قراءة معمقة لمسارات...

    عبدة المال لا يصلحون للحكم والسياسة

    الحديث عن عبادة المال يرافقه دوماً اسم “علي البخيتي” باعتباره النموذج الأبرز في اليمن والذي دفع دينه وكرامته مقابل المال وإرضاء المجتمعات الغربية، لكن البخيتي ليس حالة نادرة في واقعنا، فأغلب السياسيين يتعاملون مع المبادئ العظيمة، كالدين والوطنية، على أنها استثمارات خاضعة لمعطيات سوق العرض والطلب ولك أن تستعرضها جميعاً لترى بأن قادة العمل الحزبي في اليمن لا يقلون إلحاداً عن البخيتي وإن كان هو أكثرهم جرأة في معصية الله.

    ولعل أكبر مثال على تجارة الدين والمبادئ يتمثل في شخص الرئيس الأسبق علي عبد الله صالح، فليس له موقف معلن إلا وله موقف آخر مناقض له في الاتجاه والمبدئ، ومهما تسمع منه كلاماً قد تستحسنه ستسمع منه آخر يختلف معك جذرياً وهذا نتاج التنسئة المادية وغياب الوازع الديني، وحتى المبادئة العامة كالسمعة والصيت، فإنها على الأقل تمنع البعض من التنقل بين المواقف بلا ضابط أو معيار.

    ومواقف عفاش من أنصار الله هي الأكثر تناقضاً على الإطلاق، وجميعها موثقة، سواءً معهم أو ضدهم، وكل دوافعه في ذلك هي المصالح لا المبادئ، وقد تكرر ذلك مع سائر الفرقاء السياسيين في اليمن، من الناصريين والاشتراكيين وحتى جماعة الإخوان المسلمين، أو ما كان يُعرف باسم “حزب الإصلاح” إلى عهدٍ قريب.

    وبالحديث عن الإصلاح، فإن تصريحات اليدوي الأخيرة التي نفى فيها علاقة الحزب بجماعة الإخوان هي الشاهد الأكبر على تناقض الدين والمصالح في اليمن، فحزب الإصلاح قدم نفسه في الماضي كفرع لجماعة الإخوان، ولليدومي تصريحات بهذا الشأن على قناة الجزيرة، واليوم يتبرأ بنفسه عن حركة الإخوان ويزعم أن الإصلاح حزب يمني تأسس وفق الدستور لتحقيق أهدافٍ وطنية وحسب.

    والوطنية في قاموس الإصلاح كانت من الكفر قبل أن يرتد اليدومي وإخوانه عن جماعتهم الأم حتى لا يكون والأخضر الفلسطيني في قاربٍ واحد، وحتى لا يخسر الدعم السعودي والإماراتي والمشروط بمرحلة جديدة عنوانها “الوطنية” في خدمة المشروع الصهيوني، والذي بدوره يشترط معاداة القضايا القومية للأمة وإذكاء الصراعات الدخيلة بدلاً عنها.

    ولو اتجهنا جنوباً لوجدنا ما هو أعجب من فرقاء الشمال، فالمجلس الانتقالي الجنوبي جنوبي فقط في الاسم، أما سائر مبادئه فإنها خاضعة لرغبات الممول الإماراتي، ولا علاقة لها بمظلومية الشعب الجنوبي لا من قريب ولا بعيد، ولكن الزبيدي يمثل تلك القضية لما رضي لأنصارها أن يكونوا أرخص مرتزقة بالعالم، وأن يموتوا بالآلاف في مناطق الشمال نيابة عن أطراف شمالية لا تغامر بمخزونها البشري.

    أما عن الأطراف اليسارية في اليمن فحدث ولا حرج، فالناصري ولاشتراكي لا يعرفان عن تيارتهما سوى الانحلال الأخلاقي وشرب الكحوليات، وما دون ذلك فضمن المناطق المعتمة في ثقافتهم، ولولا ذلك الجهل ما رأينا قادة التيارين يرتمون في أحضان ما كانوا يسمونه بالماضي “الرجعية العربية”، ولما انتصروا لجمهوريتهم المزعومة من قلب أكثر الأنظمة عداوةً للحكم الجماهيري، ولكنها عقيدة المال لا عقيدة المبادئ.

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    محمد محسن الجوهري

    spot_imgspot_img