في تطورٍ ميدانيٍ هو الأوسع منذ انطلاق عمليات الإسناد اليمنية لفلسطين، شنت القوات اليمنية، فجر الثلاثاء، هجوماً جوياً واسعاً على مواقع الاحتلال الإسرائيلي، مستهدفةً عدة مدن في جنوب ووسط فلسطين المحتلة، في عملية وصفتها مصادر عبرية بأنها “الأعنف والأكثر تنسيقاً منذ بدء الحرب على غزة”.
ووفق ما نقلته هيئة البث الإسرائيلية “كان”، فقد اعترف الاحتلال بتنفيذ ثلاث عمليات متزامنة في مدينة “إيلات” وحدها خلال أقل من نصف ساعة، عبر طائرات مسيّرة انطلقت من اتجاه البحر الأحمر، ما تسبب في إطلاق صفارات الإنذار في المدينة ومحيطها أربع مرات متتالية.
كما تحدثت منصات عبرية عن سماع دوي انفجارات متتابعة في مناطق أخرى من جنوب ووسط الأراضي المحتلة، وسط تكتّم رسمي إسرائيلي على حجم الخسائر، في محاولة واضحة لاحتواء تداعيات الهجوم ومنع حالة الذعر بين المستوطنين.
وتزامن هذا الهجوم مع الذكرى الثانية لمعركة “طوفان الأقصى”، ما منح العملية رمزية سياسية وعسكرية عميقة. فقد اختارت صنعاء هذا التوقيت لتؤكد أن طوفان الأقصى لم يكن حدثاً عابراً، بل تحوّل إلى واقع إقليمي مفتوح ضد الكيان الصهيوني.
وبحسب محللين إسرائيليين، فإن توقيت العملية اليمنية جاء رداً مباشراً على القصف الصاروخي الذي نفذته فصائل المقاومة الفلسطينية على مستوطنات الغلاف مؤخراً، في رسالة واضحة مفادها أن الاحتلال فشل بعد عامين من الحرب في تأمين مستوطناته الجنوبية، وأن مدن الكيان من “تل أبيب” إلى “إيلات” باتت تحت مرمى النيران.
وأكدت مصادر أمنية عبرية أن الهجمات الأخيرة نُفذت بطائرات مسيرة متطورة نجحت في اختراق أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلي، مشيرةً إلى أن تعدد مسارات الهجوم خلال فترة وجيزة يدل على تنسيق عالٍ ومستوى متقدم من الجاهزية العملياتية.
ويرى خبراء عسكريون أن اليمن أرادت من خلال هذا الهجوم تجديد التأكيد على التزامها بخيار “الإسناد العسكري للمقاومة الفلسطينية” رغم استمرار الضغوط والاعتداءات الأمريكية – الإسرائيلية ضدها منذ نهاية عام 2023.
وأكد مراقبون أن صنعاء وجّهت رسالة مزدوجة: أولها إلى الاحتلال الإسرائيلي بأن مرحلة ما قبل “طوفان الأقصى” انتهت إلى غير رجعة، وأن كل مدن الكيان باتت أهدافاً مشروعة، وثانيها إلى فصائل المقاومة الفلسطينية مفادها أن اليمن لا تزال في قلب المعركة، داعمةً ومساندةً في العام الثالث من المواجهة المفتوحة.
وفي الوقت الذي يواصل فيه الاحتلال التعتيم الإعلامي على نتائج الضربات، تواصلت صافرات الإنذار في إيلات ومحيطها حتى ساعات المساء، مع رصد دخول طائرات مسيرة جديدة نحو المدينة الساحلية على البحر الأحمر، ما يشير إلى أن الهجوم لا يزال متواصلاً وأن مرحلة جديدة من الصراع الإقليمي قد بدأت فعلاً.