المزيد

    ذات صلة

    الأكثر مشاهدة

    من “طوفان الأقصى” إلى خطة ترامب للسلام.. عامان من الدم والنار يعيدان تشكيل خريطة الشرق الأوسط

    منذ فجر السابع من أكتوبر 2023، لم يعد الشرق الأوسط كما كان. في ذلك اليوم، أطلقت حركة حماس شرارة أعنف مواجهة في تاريخ الصراع العربي – الإسرائيلي بعملية “طوفان الأقصى”، التي فجّرت جبهة غزة وامتدت تداعياتها إلى لبنان واليمن وإيران، قبل أن تتوّج بخطة أمريكية جديدة للسلام يقودها الرئيس دونالد ترامب في محاولة لإنهاء حربٍ طحنت المنطقة وأعادت رسم موازينها.

    البداية: طوفان الأقصى يقلب الموازين

    في فجر 7 أكتوبر 2023، نفّذت المقاومة الفلسطينية هجوماً واسعاً وغير مسبوق على مواقع الاحتلال من قطاع غزة، شمل إطلاق آلاف الصواريخ واقتحامات برية طالت مستوطنات الغلاف.

    العملية، التي وُصفت بأنها زلزال استراتيجي، هزّت أسس العقيدة الأمنية الإسرائيلية وأطلقت العنان لحرب شاملة أسمتها تل أبيب “السيف الحديدي”، خلّفت أكثر من 67 ألف شهيد ومفقود و127 ألف جريح في غزة، وفق وزارة الصحة الفلسطينية.

    حزب الله يدخل المعركة.. ولبنان تحت النار

    في اليوم التالي، أعلن حزب الله انخراطه في الحرب عبر ما سماه “جبهة الإسناد لغزة”، مستهدفاً المواقع العسكرية الإسرائيلية على طول الحدود الشمالية.

    لكن التطور الأبرز جاء في سبتمبر 2024، حين صعّدت إسرائيل عملياتها داخل لبنان واغتالت الأمين العام للحزب حسن نصرالله وعدداً من أبرز قادته، في ما وُصف بأنه أعنف اختراق أمني واستخباراتي منذ حرب 2006.

    هدنات هشة وعودة إلى النار

    شهدت الحرب هدنتين رئيسيتين:

    • الأولى في نوفمبر 2023، واستمرت أسبوعاً تخللتها عمليات تبادل أسرى ومساعدات إنسانية.

    • الثانية في يناير 2025، ضمن صفقة من مرحلتين رعتها واشنطن والدوحة، لكنها انهارت في مارس 2025 مع استئناف إسرائيل عدوانها، لتعود المعارك إلى ذروتها.

    الضفة الغربية.. ساحة الضم والاعتقالات

    في موازاة حرب غزة، شنّت إسرائيل حملة عسكرية واسعة في الضفة الغربية تحت ذريعة “مكافحة الإرهاب”، شملت مداهمات واعتقالات جماعية وهدم منازل ومنشآت.

    كما بدأت تل أبيب بتوسيع المستوطنات وضم أجزاء من الضفة، خاصة في الأغوار والقدس الشرقية، مستغلة الفوضى الأمنية لتثبيت وقائع جديدة على الأرض.

    جبهة البحر الأحمر.. اليمن يدخل المعادلة

    لم تقتصر المواجهة على حدود فلسطين. فقد دخلت اليمن على خط الإسناد العسكري عبر سلسلة من الهجمات البحرية في البحر الأحمر وخليج عدن، استهدفت سفناً إسرائيلية وأخرى مرتبطة بالتحالف الأمريكي.

    تسببت العمليات اليمنية في شلّ حركة الملاحة العالمية ورفعت كلفة التأمين البحري، بينما ردّت إسرائيل بغارات على صنعاء وصعدة في محاولات فاشلة لوقف الهجمات.

    اغتيالات حماس: ضرب الرأس لتفكيك الجسد

    اتبعت إسرائيل سياسة “الاغتيالات” باغتيال أبرز قادة المقاومة الفلسطينية، إذ استشهد:

    • صالح العاروري في يناير 2024 ببيروت.

    • إسماعيل هنية في يوليو 2024 بطهران.

    • محمد الضيف ويحيى السنوار في خان يونس خلال الصيف ذاته.

    • ثم محمد السنوار في مايو 2025.

    ورغم ذلك، لم تتوقف حماس عن القتال، واستمرت في قيادة المعركة من داخل غزة، مع بروز قيادات ميدانية جديدة.

    الحرب الإيرانية – الإسرائيلية: 12 يوماً غيّرت قواعد الردع

    في أبريل 2024، اندلعت مواجهة مباشرة بين إيران والاحتلال الإسرائيلي عقب قصف تل أبيب للقنصلية الإيرانية في دمشق.

    ردّت طهران بإطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة على أهداف داخل فلسطين المحتلة، لتبدأ حرب استمرت 12 يوماً انتهت بوساطة دولية بعد أن وصلت النيران إلى العمق الإيراني والإسرائيلي على السواء.

    اغتيال وفد حماس في الدوحة: الحرب تطال الوساطة

    في 9 سبتمبر 2025، نفّذت إسرائيل ضربة جوية على العاصمة القطرية الدوحة استهدفت منطقة كتارا حيث كان يقيم وفد المفاوضات التابع لحماس، ما أدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص بينهم شرطي قطري، في خطوة وُصفت بأنها “تحدٍ مباشر لجهود الوساطة الدولية”.

    الاعتراف الدولي بفلسطين: الشرعية تنتصر على الاحتلال

    مع تزايد الفظائع الإسرائيلية والمجازر بحق المدنيين، ارتفع عدد الدول التي اعترفت رسمياً بدولة فلسطين إلى 157 دولة من أصل 193 عضواً في الأمم المتحدة، بينها بريطانيا، فرنسا، كندا، أستراليا، إيرلندا، النرويج، وأرمينيا.
    هذا الزخم الدبلوماسي مثّل تحولاً استراتيجياً في الموقف الدولي، كاسراً سنوات من الحصار السياسي على القضية الفلسطينية.

    خطة ترامب للسلام: محاولة أمريكية لوقف النزيف

    في أواخر 2025، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن خطة سلام جديدة تتألف من 20 بنداً، تهدف إلى وقف فوري للعمليات العسكرية وبدء إعادة إعمار قطاع غزة بإشراف دولي.
    الخطة تضمنت تبادل الأسرى وإطلاق الرهائن، لكنها أبقت على بنود مثيرة للجدل مثل نزع سلاح الفصائل وإنشاء إدارة انتقالية بإشراف أمريكي – إسرائيلي، وهو ما رفضته المقاومة الفلسطينية.
    ورغم ذلك، أعلنت حماس استعدادها للتفاوض على الأسس الإنسانية للاتفاق دون المساس بجوهر المقاومة وسلاحها.

    وتستمر حتى اليوم المفاوضات في القاهرة بين ممثلي واشنطن وتل أبيب وحماس ووسطاء دوليين، في محاولة لتثبيت وقف إطلاق النار وصياغة مستقبل غزة السياسي.

    خاتمة: حرب لم تنتهِ بعد

    بعد عامين من الدمار والحصار والاغتيالات والتحولات الإقليمية، لا تزال غزة عنواناً للصراع ومركزاً لإعادة تشكيل المنطقة.
    من “طوفان الأقصى” إلى “خطة ترامب للسلام”، تعيش المنطقة مرحلة انتقالية خطيرة، تختبر فيها قدرة المقاومة على الصمود، وصدق الوعود الدولية بالسلام، في وقتٍ تشير فيه كل المؤشرات إلى أن النار لم تخمد بعد، وأن الفصول القادمة من الصراع لم تُكتب بعد.

    المصـــــــــــدرRT +المشهد اليمني الأول
    spot_imgspot_img