أكد المحلل السياسي والعسكري اللبناني ناصر قنديل في مقابلة خاصة مع قناة المسيرة الفضائية أن ما يُعرف بـ”جبهات الإسناد” لم تعد مجرد دعمٍ ميداني لغزة، بل أصبحت تحولاً استراتيجياً في الوعي العربي والإسلامي، إذ أدركت الأمة أنّ معركة طوفان الأقصى هي معركة وجود وهوية وتحرر تتجاوز فلسطين إلى مجمل المنطقة.
المعركة لم تعد فلسطينية فقط… بل معركة الأمة كلها
يرى قنديل أن العنوان السياسي الظاهر هو جبهات الإسناد، لكن العنوان العميق هو إدراك الأمة لطبيعة الصراع، وأن القضية لم تعد مجرد دفاع عن غزة أو حماس، بل معركة الأمة ضد المشروع الصهيوني – الأمريكي الاستعماري. دون منٍّ أو فضل، بل من منطلق أخلاقي وديني ووطني بأن المعركة هي معركة الجميع.”
ويضيف أن هذه المرحلة هي الأولى في تاريخ الأمة التي يجري فيها هذا الإدراك الجمعي لموقع الكيان الصهيوني في المشروع الغربي، ولأهمية فلسطين في توحيد قوى الأمة سياسيًا وميدانيًا.
جبهات الإسناد تتكامل: من لبنان إلى اليمن
أوضح قنديل أن جبهات الإسناد تميزت عن التحالفات التقليدية بين الجيوش العربية، إذ تجدّدت بأشكالٍ مرنة ومتكاملة تناسب طبيعة المعركة.
فعندما اضطر حزب الله إلى تعديل تموضعه الدفاعي تحت عنوان حماية لبنان، رفع اليمن منسوب مشاركته في البحر الأحمر لتعويض التراجع في الجبهة اللبنانية، في تناغم ميداني يعبّر عن وحدة محور المقاومة.
“نحن أمام تحمّل جماعي للمسؤولية”، يقول قنديل، “وأمام قناعةٍ راسخة كما قال السيد نصر الله: غزة ممنوع أن تُهزم، وحماس ممنوع أن تُكسر. وهذه القناعة يتقدم بها اليوم السيد عبد الملك الحوثي وهو يخوض معركته تحت هذا العنوان.”
اليمن… من جبهة دعم إلى لاعب استراتيجي
يؤكد قنديل أن اليمن تحوّل من موقع الإسناد إلى موقع التأثير المباشر في المعركة، مشيرًا إلى أن الانسحاب الأمريكي من البحر الأحمر مثّل اعترافًا ضمنيًا بانتصار اليمن وبقوة محور المقاومة “الأمريكي لم يأتِ إلى البحر الأحمر لحماية مصالحه، بل جاء لأنه كان يقول لليمن: أنا إسناد لإسرائيل، وأنت إسناد لغزة. واليوم انسحب الأمريكي من إسناد إسرائيل وسلّم ببقاء اليمن في إسناد غزة.
ويضيف أن هذا تحول استراتيجي بالغ الأهمية، إذ إنّ اليمن وضع عنوانًا واضحًا لمعركته في البحر الأحمر: “ممنوع عبور السفن المتجهة إلى الكيان، أو التابعة لشركات تتعامل مع موانئه، أو الدول التي تسانده.”
وهذا يعني أن المواجهة في البحر الأحمر كانت جزءًا من حرب غزة، وليست نزاعًا إقليميًا عابرًا، وأن واشنطن ولندن خسرتا رهانهما على كسر هذه الجبهة.
معادلة البحر الأحمر: اليد العليا لليمن ومحور المقاومة
يختتم قنديل بالقول إنّ الصيغة التي انتهت إليها المواجهة اليمنية – الأمريكية في البحر الأحمر تمثل تسليمًا استراتيجيًا جديدًا بموازين القوى في المنطقة: “في البحر الأحمر، اليد العليا لليمن، ومن خلال اليمن لمحور المقاومة بأسره.”
ويؤكد أن هذه المعادلة غير قابلة للرجوع عنها، وأنها أصبحت جزءًا من التوازن الإقليمي الجديد الذي فرضه طوفان الأقصى، حيث لم تعد واشنطن وتل أبيب قادرتين على التحكم بممرات البحر أو ببوابات القرار في المنطقة.
___
المشهد اليمني الأول/ خاص